الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلا عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هَذا وعِيدٌ لِلظّالِمِ، وتَعْزِيَةٌ لِلْمَظْلُومِ. (p-٣٧٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما يُؤَخِّرُهُمْ﴾ وقَرَأ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وأبُو رَزِينٍ، وقَتادَةُ، " نُؤَخِّرُهم " بِالنُّونِ، أيْ: يُؤَخِّرُ جَزاءَهم ﴿لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصارُ﴾ أيْ: تَشْخَصُ أبْصارُ الخَلائِقِ لِظُهُورِ الأحْوالِ فَلا تَغْتَمِضُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّ الإهْطاعَ: النَّظَرُ مِن غَيْرِ أنْ يَطْرِفَ النّاظِرُ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، والضَّحّاكُ، وأبُو الضُّحى. والثّانِي: أنَّهُ الإسْراعُ، قالَهُ الحَسَنُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وقَتادَةُ، وأبُو عُبَيْدَةَ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُقالُ: أهْطَعَ البَعِيرُ في سَيْرِهِ، واسْتَهْطَعَ: إذا أسْرَعَ. وَفِي ما أسْرَعُوا إلَيْهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: إلى الدّاعِي، قالَهُ قَتادَةُ. والثّانِي: إلى النّارِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّالِثُ: أنَّ المُهْطِعَ: الَّذِي لا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ قَوْلانِ: أحَدُهُما: رافِعِي رُؤُوسِهِمْ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وقَتادَةُ، وأبُو عُبَيْدَةَ، وأنْشَدَ أبُو عُبَيْدَةَ: ؎ أنْغَضَ نَحْوِي رَأسَهُ وأقْنَعا كَأنَّما أبْصَرَ شَيْئًا أطْمَعا وَقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: المُقْنِعُ رَأْسِهِ: الَّذِي رَفَعَهُ وأقْبَلَ بِطَرَفِهِ عَلى ما بَيْنَ يَدَيْهِ. وقالَ الزَّجّاجُ: رافِعِي رُؤُوسِهِمْ، مُلْتَصِقَةً بِأعْناقِهِمْ. و ﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ نَصْبٌ عَلى الحالِ، المَعْنى: لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ أبْصارُهم مُهْطِعِينَ. (p-٣٧١)والثّانِي: ناكِسِي رُؤُوسِهِمْ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ عَنِ المُؤَرِّجِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يَرْتَدُّ إلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ﴾ أيْ: لا تَرْجِعُ إلَيْهِمْ أبْصارُهم مِن شِدَّةِ النَّظَرِ، فَهي شاخِصَةٌ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والمَعْنى: أنَّ نَظَرَهم إلى شَيْءٍ واحِدٍ. وقالَ الحَسَنُ: وُجُوهُ النّاسِ يَوْمَ القِيامَةِ إلى السَّماءِ، لا يَنْظُرُ أحَدٌ إلى أحَدٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأفْئِدَتُهم هَواءٌ﴾ الأفْئِدَةُ: مَساكِنُ القُلُوبِ. وَفِي مَعْنى الكَلامِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّ القُلُوبَ خَرَجَتْ مِن مَواضِعِها فَصارَتْ في الحَناجِرِ، رَواهُ عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وقالَ قَتادَةُ: خَرَجَتْ مِن صُدُورِهِمْ فَنَشِبَتْ في حُلُوقِهِمْ، فَأفْئِدَتُهم هَواءٌ لَيْسَ فِيها شَيْءٌ. والثّانِي: وأفْئِدَتُهم لَيْسَ فِيها شَيْءٌ مِنَ الخَيْرِ، فَهي كالخَرِبَةِ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: وأفْئِدَتُهم مُنْخَرِقَةٌ لا تَعِي شَيْئًا، قالَهُ مُرَّةُ بْنُ شُراحْبِيلَ. وقالَ الزَّجّاجُ: مُتَخَرَّقَةٌ لا تَعِي شَيْئًا مِنَ الخَوْفِ. والرّابِعُ: وأفْئِدَتُهم جُوفٌ لا عُقُولَ لَها، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ، وأنْشَدَ لِحَسّانَ: ؎ ألا أبْلِغْ أبا سُفْيانَ عَنِّي ∗∗∗ فَأنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواءُ فَعَلى هَذا يَكُونُ المَعْنى: أنَّ قُلُوبَهم خَلَتْ عَنِ العُقُولِ، لِما رَأوْا مِنَ الهَوْلِ. والعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ أجْوَفَ خاوٍ: هَواءً. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ويُقالُ أفْئِدَتُهم مَنخُوبَةٌ مِنَ الخَوْفِ والجُبْنِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب