الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّباتٌ﴾ في هاءِ لَهُ أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّها تَرْجِعُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رَواهُ أبُو الجَوْزاءِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: إلى المَلِكِ مِن مُلُوكِ الدُّنْيا، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّالِثُ: إلى الإنْسانِ، قالَهُ الزَّجّاجُ.
والرّابِعُ: إلى اللَّهِ تَعالى، ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ.
وَفِي المُعَقِّباتِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها المَلائِكَةُ، رَواهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ، والحَسَنُ، وقَتادَةُ في آخَرِينَ. قالَ الزَّجّاجُ: والمَعْنى: لِلْإنْسانِ مَلائِكَةٌ يَعْتَقِبُونَ، يَأْتِي بَعْضُهم بِعَقِبِ بَعْضٍ. وقالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ: هُمُ الحَفَظَةُ، اثْنانِ بِالنَّهارِ (p-٣١١)واثْنانِ بِاللَّيْلِ، إذا مَضى فَرِيقٌ، خَلَفَ بَعْدَهُ فَرِيقٌ، ويَجْتَمِعُونَ عِنْدَ صَلاةِ المَغْرِبِ والفَجْرِ. وقالَ قَوْمٌ، مِنهُمُ ابْنُ زَيْدٍ: هَذِهِ الآيَةُ خاصَّةٌ في رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، عَزَمَ عامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وأرْبَدُ بْنُ قَيْسٍ عَلى قَتْلِهِ، فَمَنَعَهُ اللَّهُ مِنهُما، وأنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ المُعَقِّباتِ حُرّاسُ المُلُوكِ الَّذِينَ يَتَعاقَبُونَ الحَرَسَ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةَ. وقالَ الضَّحّاكُ: هُمُ السَّلاطِينُ المُشْرِكُونَ المُحْتَرِسُونَ مِنَ اللَّهِ تَعالى.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِن أمْرِ اللَّهِ﴾ سَبْعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: يَحْرُسُونَهُ مِن أمْرِ اللَّهِ ولا يَقْدِرُونَ، هَذا عَلى قَوْلِ مَن قالَ: هي في المُشْرِكِينَ المُحْتَرِسِينَ مِن أمْرِ اللَّهِ.
والثّانِي: أنَّ المَعْنى: حِفْظُهم لَهُ مِن أمْرِ اللَّهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الكَلامِ: هَذا الحِفْظُ مِمّا أمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ.
والثّالِثُ: يَحْفَظُونَهُ بِأمْرِ اللَّهِ، قالَهُ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ. قالَ اللُّغَوِيُّونَ: والباءُ تَقُومُ مَقامَ " مِن "، وحُرُوفُ الصِّفاتِ يَقُومُ بَعْضُها مَقامَ بَعْضٍ.
(p-٣١٢)والرّابِعُ: يَحْفَظُونَهُ مِنَ الجِنِّ، قالَهُ مُجاهِدٌ، والنَّخَعِيِّ. وقالَ كَعْبٌ: لَوْلا أنَّ اللَّهَ تَعالى وكَلَ بِكم مَلائِكَةً يَذُبُّونَ عَنْكم في مَطْعَمِكم ومَشْرَبِكم وعَوْراتِكم، إذًا لَتَخَطَّفَتْكُمُ الجِنُّ. وقالَ مُجاهِدٌ: ما مِن عَبْدٍ إلّا ومَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ يَحْفَظُهُ في نَوْمِهِ ويَقَظَتِهِ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ والهَوامِّ، فَإذا أرادَهُ شَيْءٌ، قالَ: وراءَكَ وراءَكَ، إلّا شَيْءٌ قَدْ قُضِيَ لَهُ أنْ يُصِيبَهُ. وقالَ أبُو مِجْلَزٍ: جاءَ رَجُلٌ مِن مُرادٍ إلى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقالَ: احْتَرِسْ فَإنَّ ناسًا مِن مُرادٍ يُرِيدُونَ قَتْلَكَ، فَقالَ: إنَّ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظانِهِ مِمّا لَمْ يُقَدَّرْ، فَإذا جاءَ القَدَرُ خَلَّيا بَيْنَهُ وبَيْنَهُ، وإنَّ الأجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ.
والخامِسُ: أنَّ في الكَلامِ تَقْدِيمًا وتَأْخِيرًا، والمَعْنى: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِن أمْرِ اللَّهِ يَحْفَظُونَهُ، قالَهُ أبُو صالِحٍ، والفَرّاءُ.
والسّادِسُ: يَحْفَظُونَهُ لِأمْرِ اللَّهِ فِيهِ حَتّى يُسَلِّمُوهُ إلى ما قُدِّرَ لَهُ، ذَكَرَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ، واسْتَدَلَّ بِما رَوى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: يَحْفَظُونَهُ مِن أمْرِ اللَّهِ، حَتّى إذا جاءَ القَدَرُ خَلَّوْا عَنْهُ، وقالَ عِكْرِمَةُ: يَحْفَظُونَهُ لِأمْرِ اللَّهِ.
والسّابِعُ: يَحْفَظُونَ عَلَيْهِ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. قالَ الأخْفَشُ: وإنَّما أنَّثَ المُعَقِّباتِ لِكَثْرَةٍ ذَلِكَ مِنها، نَحْوُ النَّسّابَةِ، والعَلّامَةِ، ثُمَّ ذَكَّرَ في قَوْلِهِ: " يَحْفَظُونَهُ " لِأنَّ المَعْنى مُذَكَّرٌ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ﴾ أيْ: يَسْلُبُهم نِعَمَهُ ﴿حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأنْفُسِهِمْ﴾ فَيَعْمَلُوا بِمَعاصِيهِ. قالَ مُقاتِلٌ: ويَعْنِي بِذَلِكَ كُفّارَ مَكَّةَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا أرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ العَذابُ. والثّانِي: البَلاءُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا مَرَدَّ لَهُ﴾ أيْ: لا يَرُدُّهُ شَيْءٌ ولا تَنْفَعُهُ المُعَقِّباتُ.
(p-٣١٣)﴿وَما لَهم مِن دُونِهِ﴾ يَعْنِي: مِن دُونِ اللَّهِ ﴿مِن والٍ﴾ أيْ: مِن ولِيٍّ يَدْفَعُ عَنْهُمُ العَذابَ والبَلاءَ.
{"ayah":"لَهُۥ مُعَقِّبَـٰتࣱ مِّنۢ بَیۡنِ یَدَیۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ یَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُغَیِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَاۤ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ سُوۤءࣰا فَلَا مَرَدَّ لَهُۥۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق