الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ﴾ في مَعْنى الكَلامِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ في اليَقَظَةِ إلّا أخْبَرْتُكُما بِهِ قَبْلَ أنْ يَصِلَ إلَيْكُما، لِأنَّهُ كانَ يُخْبِرُ بِما غابَ كَعِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ. والثّانِي: لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ في المَنامِ إلّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكُما في اليَقَظَةِ، هَذا قَوْلُ السُّدِّيِّ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَقالا لَهُ: وكَيْفَ تَعْلَمُ ذَلِكَ، ولَسْتَ بِساحِرٍ، ولا عَرّافٍ، ولا صاحِبِ نُجُومٍ؛ فَقالَ: ﴿ذَلِكُما مِمّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ . فَإنْ قِيلَ: هَذا كُلُّه لَيْسَ بِجَوابِ سُؤالِهِما، فَأيْنَ جَوابُ سُؤالِهِما ؟ فَعَنْهُ أرْبَعَةُ أجْوِبَةٍ: أحَدُها: أنَّهُ لَمّا عَلِمَ أنَّ أحَدَهُما مَقْتُولٌ، دَعاهُما إلى نَصِيبِهِما مِنَ الآخِرَةِ، قالَهُ قَتادَةُ. (p-٢٢٥)والثّانِي: أنَّهُ عَدَلَ عَنِ الجَوابِ لِما فِيهِ مِنَ المَكْرُوهِ لِأحَدِهِما، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. والثّالِثُ: أنَّهُ ابْتَدَأ بِدُعائِهِما إلى الإيمانِ قَبْلَ جَوابِ السُّؤالِ، قالَهُ الزَّجّاجُ. والرّابِعُ: أنَّهُ ظَنَّهُما كاذِبَيْنِ في رُؤْياهُما، فَعَدَلَ عَنْ جَوابِهِما لِيُعْرِضا عَنْ مُطالَبَتِهِ بِالجَوابِ، فَلَمّا ألَحّا أجابَهُما، ذَكَرَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ. فَأمّا المِلَّةُ فَهي الدِّينُ. وتَكْرِيرُ قَوْلِهِ: " هم " لِلتَّوْكِيدِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما كانَ لَنا أنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ: أنَّ اللَّهَ عَصَمَنا مِنَ الشِّرْكِ ﴿ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا﴾ أيِ: اتِّباعُنا الإيمانَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ. ﴿وَعَلى النّاسِ﴾ يَعْنِي المُؤْمِنِينَ بِأنْ دَلَّهم عَلى دِينِهِ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا﴾ أنْ جَعَلَنا أنْبِياءَ ﴿وَعَلى النّاسِ﴾ أنْ بَعَثَنا إلَيْهِمْ، ﴿وَلَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ﴾ مِن أهْلِ مِصْرَ ﴿لا يَشْكُرُونَ﴾ نِعَمَ اللَّهِ فَيُوَحِّدُونَهُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أأرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ﴾ يَعْنِي: الأصْنامَ مِن صَغِيرٍ وكَبِيرٍ " خَيْرٌ " أيْ: أعْظَمُ صِفَة ًفي المَدْحِ ﴿أمِ اللَّهُ الواحِدُ القَهّارُ﴾ يَعْنِي أنَّهُ أحَقُّ بِالإلَهِيَّةِ مِنَ الأصْنامِ ؟ . فَأمّا الواحِدُ، فَقالَ الخَطّابِيُّ: هو الفَرْدُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وحْدَهُ، وقِيلَ: هو المُنْقَطِعُ القَرِينِ المَعْدُومُ الشَّرِيكِ، والنَّظِيرِ ولَيْسَ كَسائِرِ الآحادِ مِنَ الأجْسامِ المُؤَلِّفَةِ، فَإنَّ كُلَّ شَيْءٍ سِواهُ يُدْعى واحِدًا مِن جِهَةٍ، غَيْرَ واحِدٍ مِن جِهاتٍ، والواحِدُ لا يُثَنّى مِن لَفْظِهِ، لا يُقالُ: واحِدانِ. والقَهّارُ: الَّذِي قَهَرَ الجَبابِرَةَ مِن عُتاةِ خَلْقِهِ بِالعُقُوبَةِ. وقَهَرَ الخَلْقَ كُلَّهم بِالمَوْتِ. وقالَ غَيْرُهُ: القَهّارُ الَّذِي قَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ فَذَلَّـلَهُ، فاسْتَسْلَمَ وذَلَّ لَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب