الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واسْتَبَقا البابَ﴾ يَعْنِي يُوسُفَ والمَرْأةَ، تَبادَرا إلى البابِ يَجْتَهِدُ (p-٢١١)كُلُّ واحِدٍ مِنهُما أنْ يَسْبِقَ صاحِبَهُ، وأرادَ يُوسُفُ أنْ يَسْبِقَ لِيَفْتَحَ البابَ ويَخْرُجَ، وأرادَتْ هي إنْ سَبَقَتْ إمْساكَ البابِ لِئَلّا يَخْرُجَ، فَأدْرَكَتْهُ فَتَعَلَّقَتْ بِقَمِيصِهِ مِن خَلْفِهِ، فَجَذَبَتْهُ إلَيْها، فَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ، أيْ: قَطَعَتْهُ مِن خَلْفِهِ، لِأنَّهُ كانَ هو الهارِبَ وهي الطّالِبَةَ لَهُ. قالَ المُفَسِّرُونَ: قَطَعَتْ قَمِيصَهُ نِصْفَيْنِ، فَلَمّا خَرَجا، ألْفَيا سَيِّدَها، أيْ: صادَفا زَوْجَها عِنْدَ البابِ، فَحَضَرَها في ذَلِكَ الوَقْتِ كَيْدٌ، فَقالَتْ سابِقَةً بِالقَوْلِ مُبَرِّئَةً لِنَفْسِها مِنَ الأمْرِ " ما جَزاءُ مَن أرادَ بِأهْلِكَ سُوءًا " قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: تُرِيدُ الزِّنى ﴿إلا أنْ يُسْجَنَ﴾ أيْ: ما جَزاؤُهُ إلّا السِّجْنُ ﴿أوْ عَذابٌ ألِيمٌ﴾ تَعْنِي الضَّرْبَ بِالسِّياطِ، فَغَضِبَ يُوسُفُ حِينَئِذٍ وقالَ: ﴿هِيَ راوَدَتْنِي﴾ وقالَ وهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: قالَ لَهُ العَزِيزُ حِينَئِذٍ: أخُنْتَنِي يا يُوسُفُ في أهْلِي، وغَدَرْتَ بِي، وغَرَرْتَنِي بِما كُنْتُ أرى مِن صَلاحِكَ ؟ فَقالَ حِينَئِذٍ: ﴿هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَشَهِدَ شاهِدٌ مِن أهْلِها﴾ وذَلِكَ أنَّهُ لَمّا تَعارَضَ قَوْلاهُما، احْتاجا إلى شاهِدٍ يُعْلَمُ بِهِ قَوْلُ الصّادِقِ.
وَفِي ذَلِكَ الشّاهِدِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهُ كانَ صَبِيًّا في المَهْدِ، رَواهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَة، وبِهِ قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، والضَّحّاكُ، وهِلالُ بْنُ يَسافٍ في آخَرِينَ.
والثّانِي: أنَّهُ كانَ مِن خاصَّةٍ المَلِكَ، رَواهُ ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وقالَ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: كانَ ابْنَ عَمٍّ لَها، وكانَ رَجُلًا حَكِيمًا، فَقالَ: قَدْ سَمِعْنا الِاشْتِدادَ والجَلَبَةَ مِن وراءِ البابِ، فَإنْ كانَ شَقُّ القَمِيصِ مِن قُدّامِهِ فَأنْتِ صادِقَةٌ وهو كاذِبٌ، وإنْ كانَ مِن خَلْفِهِ فَهو صادِقٌ وأنْتِ كاذِبَةٌ. وقالَ بَعْضُهم: كانَ ابْنَ خالَةِ المَرْأةِ.
(p-٢١٢)والثّالِثُ: أنَّهُ شَقُّ القَمِيصِ، رَواهُ ابْنُ أبِي نُجَيْحٍ عَنْ مُجاهِدٍ، وفِيهِ ضَعْفٌ، لِقَوْلِهِ: ﴿مِن أهْلِها﴾ .
فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ وقَعَتْ شَهادَةُ الشّاهِدِ هاهُنا مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ، والشّارِطُ غَيْرُ عالِمٍ بِما يَشْرُطُهُ ؟
فَعَنْهُ جَوابانِ ذَكَرَهُما ابْنُ الأنْبارِيِّ:
أحَدُهُما: أنَّ الشّاهِدَ شاهِدٌ بِأمْرٍ قَدْ عَلِمَهُ، فَكَأنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ كَلامِ يُوسُفَ وأزْلِيخا، فَعَلِمَ، غَيْرَ أنَّهُ أوْقَعَ في شَهادَتِهِ شَرْطًا لِيَلْزَمَ المُخاطَبِينَ قَبُولُ شَهادَتِهِ مِن جِهَةِ العَقْلِ والتَّمْيِيزِ، فَكَأنَّهُ قالَ: هو الصّادِقُ عِنْدِي، فَإنْ تَدَبَّرْتُمْ ما أشْتَرِطُهُ لَكم، عَقَلْتُمْ قَوْلِي. ومِثْلُ هَذا قَوْلُ الحُكَماءِ: إنْ كانَ القَدَرُ حَقًّا، فالحِرْصُ باطِلٌ، وإنْ كانَ المَوْتُ يَقِينًا، فالطُّمَأْنِينَةُ إلى الدُّنْيا حُمْقٌ.
والجَوابُ الثّانِي: أنَّ الشّاهِدَ لَمْ يَقْطَعْ بِالقَوْلِ، ولَمْ يَعْلَمْ حَقِيقَةَ ما جَرى، وإنَّما قالَ ما قالَ عَلى جِهَةِ إظْهارِ ما يَسْنَحُ لَهُ مِنَ الرَّأْيِ، فَكانَ مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿وَشَهِدَ شاهِدٌ﴾: أعْلَمَ وبَيَّنَ. فَقالَ: الَّذِي عِنْدِي مِنَ الرَّأْيِ أنْ نَقِيسَ القَمِيصَ لِيُوقَفَ عَلى الخائِنِ. فَهَذانَ الجَوابانِ يَدُلّانِ عَلى أنَّ المُتَكَلِّمَ رَجُلٌ. فَإنْ قُلْنا: إنَّهُ صَبِيٌّ في المَهْدِ، كانَ دُخُولُ الشَّرْطِ مُصَحِّحًا لِبَراءَةِ يُوسُفَ، لِأنَّ كَلامَ مِثْلِهِ أُعْجُوبَةٌ ومُعْجِزَةٌ لا يَبْقى مَعَها شَكٌّ.
{"ayahs_start":25,"ayahs":["وَٱسۡتَبَقَا ٱلۡبَابَ وَقَدَّتۡ قَمِیصَهُۥ مِن دُبُرࣲ وَأَلۡفَیَا سَیِّدَهَا لَدَا ٱلۡبَابِۚ قَالَتۡ مَا جَزَاۤءُ مَنۡ أَرَادَ بِأَهۡلِكَ سُوۤءًا إِلَّاۤ أَن یُسۡجَنَ أَوۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ","قَالَ هِیَ رَ ٰوَدَتۡنِی عَن نَّفۡسِیۚ وَشَهِدَ شَاهِدࣱ مِّنۡ أَهۡلِهَاۤ إِن كَانَ قَمِیصُهُۥ قُدَّ مِن قُبُلࣲ فَصَدَقَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلۡكَـٰذِبِینَ","وَإِن كَانَ قَمِیصُهُۥ قُدَّ مِن دُبُرࣲ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِینَ"],"ayah":"وَٱسۡتَبَقَا ٱلۡبَابَ وَقَدَّتۡ قَمِیصَهُۥ مِن دُبُرࣲ وَأَلۡفَیَا سَیِّدَهَا لَدَا ٱلۡبَابِۚ قَالَتۡ مَا جَزَاۤءُ مَنۡ أَرَادَ بِأَهۡلِكَ سُوۤءًا إِلَّاۤ أَن یُسۡجَنَ أَوۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق