الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَراوَدَتْهُ الَّتِي هو في بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ﴾ أيْ: طَلَبَتْ مِنهُ المُواقَعَةَ، وقَدْ سَبَقَ اسْمُها. قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: راوَدَتْهُ عَمّا أرادَتْهُ مِمّا يُرِيدُ النِّساءَ مِنَ الرِّجالِ. ﴿وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ: " هَيْتُ لَكَ " بِفَتْحِ الهاءِ وتَسْكِينِ الياءِ وضَمِّ التّاءِ. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ: " هِيْتَ لَكَ " بِكَسْرِ الهاءِ وتَسْكِينِ الياءِ وفَتْحِ التّاءِ. وهي مَرْوِيَّةٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ. ورَوى الحَلَوانِيُّ عَنْ هِشامٍ عَنِ ابْنِ عامِرٍ مِثْلَهُ، إلّا أنَّهُ هَمَزَهُ. قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: هو خَطَأٌ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عامِرٍ: " هِئْتُ لَكَ " بِكَسْرِ الهاءِ وهَمْزِ الياءِ وضَمِّ التّاءِ، وهي قِراءَةُ ابْنِ عَبّاسٍ، وأبِي الدَّرْداءِ، وقَتادَةَ. قالَ الزَّجّاجُ: هو مِنَ الهَيْئَةِ، كَأنَّها قالَتْ: تَهَيَّأْتُ لَكَ. وعَنِ ابْنِ مُحَيْصِنٍ، وطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ مِثْلُ قِراءَةِ ابْنِ عَبّاسٍ؛ (p-٢٠٢)إلّا أنَّها بِغَيْرِ هَمْزٍ. وعَنِ ابْنِ مُحَيْصِنٍ بِفَتْحِ الهاءِ وكَسْرِ التّاءِ. وهي قِراءَةُ أبِي رَزِينٍ، وحُمَيْدٍ. وعَنِ الوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بِكَسْرِ الهاءِ والتّاءِ مَعَ الهَمْزِ، وهي قِراءَةُ أبِي العالِيَةِ. وقَرَأ ابْنُ خُثَيْمٍ مِثْلَهُ، إلّا أنَّهُ لَمْ يَهْمِزْ. وعَنِ الوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ نافِعٍ بِكَسْرِ الهاءِ وفَتْحِ التّاءِ مَعَ الهَمْزِ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ، وابْنُ يَعْمَرَ، والجَحْدَرِيُّ: " هُيِّئْتُ لَكَ " بِرَفْعِ الهاءِ والتّاءِ وبِياءٍ مُشَدَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَها هَمْزَةٌ ساكِنَةٌ. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: " ها أنا لَكَ " . وقَرَأ الباقُونَ بِفَتْحِ الهاءِ والتّاءِ بِغَيْرِ هَمْزٍ. قالَ الزَّجّاجُ: وهو أجْوَدُ اللُّغاتِ، وأكْثَرُها في كَلامِ العَرَبِ، ومَعْناها: هَلُمَّ لَكَ، أيْ: أقْبِلْ عَلى ما أدْعُوكَ إلَيْهِ، وقالَ الشّاعِرُ: ؎ أبْلِغْ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ أخا العِراقِ إذا أتَيْتا أنَّ العِراقَ وأهْلَهُ عُنُقٌ إلَيْكَ فَهَيْتَ هَيْتا أيْ: فَأقْبِلْ وتَعالَ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُقالُ هَيَّتَ فَلانٌ لِفُلانٍ: إذا دَعاهُ وصاحَ بِهِ، قالَ الشّاعِرُ: ؎ قَدْ رابَنِي أنَّ الكَرِيَّ أسْكَتا ∗∗∗ لَوْ كانَ مَعْنِيًّا بِها لَهَيَّتا أيْ: صارَ ذا سُكُوتٍ. واخْتَلَفَ العُلَماءُ في قَوْلِهِ: " هَيْتَ لَكَ " بِأيِّ لُغَةٍ هي، عَلى أرْبَعَةِ أقْوالٍ: أحَدُها: أنَّها عَرَبِيَّةٌ، قالَهُ مُجاهِدٌ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وقَدْ قِيلَ: إنَّها مِن كَلامِ (p-٢٠٣)قُرَيْشٍ، إلّا أنَّها مِمّا دَرَسَ وقَلَّ في أفْواهِهِمْ آخِرًا، فَأتى اللَّهُ بِهِ، لِأنَّ أصْلَهُ مِن كَلامِهِمْ، وهَذِهِ الكَلِمَةُ لا مَصْدَرَ لَها، ولا تَصَرُّفَ، ولا تَثْنِيَةَ، ولا جَمْعَ، ولا تَأْنِيثَ، يُقالُ لِلِاثْنَيْنِ: هَيْتَ لَكُما، ولِلْجَمِيعِ: هَيْتَ لَكم، ولِلنِّسْوَةِ: هَيْتَ لَكُنَّ. والثّانِي: أنَّها بِالسُّرْيانِيَّةِ، قالَهُ الحَسَنُ. والثّالِثُ: بِالحَوْرانِيَّةِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ، والكِسائِيُّ. وقالَ الفَرّاءُ: يُقالُ: إنَّها لُغَةٌ لَأهِلَ حَوَرانَ، سَقَطَتْ إلى أهْلِ مَكَّةَ فَتَكَلَّمُوا بِها. والرّابِعُ: أنَّها بِالقِبْطِيَّةِ، قالَهُ السُّدِّيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ مَعاذَ اللَّهِ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: هو مَصْدَرٌ، والمَعْنى: أعُوذُ بِاللَّهِ أنْ أفْعَلَ هَذا، يُقالُ عُذْتُ عِياذًا ومَعاذًا ومَعاذَةً. ﴿إنَّهُ رَبِّي﴾ أيْ: إنَّ العَزِيزَ صاحِبِي " أحْسَنَ مَثْوايَ "، قالَ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ " إنَّهُ رَبِّي " يَعْنِي اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ ﴿أحْسَنَ مَثْوايَ﴾ أيْ: تَوَلّانِي في طُولِ مُقامِي. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّهُ لا يُفْلِحُ الظّالِمُونَ﴾ أيْ: إنْ فَعَلْتُ هَذا فَخُنْتُهُ في أهْلِهِ بَعْدَما أكْرَمَنِي فَأنا ظالِمٌ. وقِيلَ: الظّالِمُونَ هاهُنا: الزُّناةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب