الباحث القرآني

(p-١٧٨)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا أنْزَلْناهُ﴾ في هاءِ الكِنايَةِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها تَرْجِعُ إلى الكِتابِ، قالَهُ الجُمْهُورُ. والثّانِي: إلى خَبَرِ يُوسُفَ، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ، وابْنُ القاسِمِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ قَدْ ذَكَرْنا مَعْنى القُرْآنِ واشْتِقاقِهِ في سُورَةِ (النِّساءِ:٨٢) . وقَدِ اخْتَلَفَ النّاسُ، هَلْ في القُرْآنِ شَيْءٌ بِغَيْرِ العَرَبِيَّةِ، أمْ لا، فَمَذْهَبُ أصْحابِنا أنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ بِغَيْرِ العَرَبِيَّةِ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: مَن زَعَمَ أنَّ في القُرْآنِ لِسانًا سِوى العَرَبِيَّةِ فَقَدْ أعْظَمَ عَلى اللَّهِ القَوْلَ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: ﴿إنّا جَعَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [الزُّخْرُفِ:٣] ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ أنَّ فِيهِ مِن غَيْرِ لِسانِ العَرَبِ، مِثْلُ " سِجِّيلٍ " و " المِشْكاةِ " و " اليَمِّ " و " الطُّورِ " و " أبارِيقَ " و " إسْتَبْرَقٍ " وغَيْرِ ذَلِكَ. وقَرَأْتُ عَلى شَيْخِنا أبِي مَنصُورٍ اللُّغَوِيِّ قالَ: قالَ أبُو عُبَيْدٍ: وهَؤُلاءِ أعْلَمُ مِن أبِي عُبَيْدَةَ، ولَكِنَّهم ذَهَبُوا إلى مَذْهَبٍ، وذَهَبَ هو إلى غَيْرِهِ، وكِلاهُما مُصِيبٌ إنْ شاءَ اللَّهُ، وذَلِكَ أنَّ هَذِهِ الحُرُوفَ بِغَيْرِ لِسانِ العَرَبِ في الأصْلِ، فَقالَ: أُولَئِكَ عَلى الأصْلِ، ثُمَّ لَفَظَتْ بِهِ العَرَبُ بِألْسِنَتِها فَعَرَّبَتْهُ فَصارَ عَرَبِيًّا بِتَعْرِيبِها إيّاهُ، فَهي عَرَبِيَّةٌ في هَذِهِ الحالَةِ، أعْجَمِيَّةُ الأصْلِ، فَهَذا القَوْلُ يُصَدِّقُ الفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَعَلَّكم تَعْقِلُونَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لِكَيْ تَفْهَمُوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب