الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها﴾ اخْتَلَفُوا فِيمَن نَزَلَتْ عَلى (p-٨٤)أرْبَعَةِ أقْوالٍ:أحَدُها: أنَّها عامَّةٌ في جَمِيعِ الخَلْقِ وهو قَوْلُ الأكْثَرِينَ. والثّانِي: أنَّها في أهْلِ القِبْلَةِ، قالَهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: أنَّها في اليَهُودِ والنَّصارى، قالَهُ أنَسٌ. والرّابِعُ: أنَّها في أهْلِ الرِّياءِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. ورَوى عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: مَن كانَ يُرِيدُ عاجِلَ الدُّنْيا ولا يُؤْمِنُ بِالبَعْثِ والجَزاءِ. وقالَ غَيْرُهُ: إنَّما هي في الكافِرِ، لِأنَّ المُؤْمِنَ يُرِيدُ الدُّنْيا والآخِرَةَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿نُوَفِّ إلَيْهِمْ أعْمالَهُمْ﴾ أيْ: أُجُورَ أعْمالِهِمْ " فِيها " . قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أُعْطُوا ثَوابَ ما عَمِلُوا مِن خَيْرٍ في الدُّنْيا. وقالَ مُجاهِدٌ: مَن عَمِلَ عَمَلًا مِن صِلَةٍ، أوْ صَدَقَةٍ، لا يُرِيدُ بِهِ وجْهَ اللَّهِ، أعْطاهُ اللَّهُ ثَوابَ ذَلِكَ في الدُّنْيا، ويَدْرَأُ بِهِ عَنْهُ في الدُّنْيا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَهم فِيها﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أيْ في الدُّنْيا. ﴿لا يُبْخَسُونَ﴾ أيْ: لا يُنْقَصُونَ مِن أعْمالِهِمْ في الدُّنْيا شَيْئًا. ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ﴾ عَمِلُوا لِغَيْرِ اللَّهِ ﴿لَيْسَ لَهم في الآخِرَةِ إلا النّارُ وحَبِطَ ما صَنَعُوا﴾ أيْ: ما عَمِلُوا في الدُّنْيا مِن حَسَنَةٍ ﴿وَباطِلٌ ما كانُوا﴾ لِغَيْرِ اللَّهِ ﴿يَعْمَلُونَ﴾ . * فَصْلٌ وَذَكَرَ قَوْمٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ، مِنهم مُقاتِلٌ، أنَّ هَذِهِ الآيَةَ اقْتَضَتْ أنَّ مَن أرادَ الدُّنْيا بِعَمَلِهِ، أُعْطِيَ فِيها ثَوابَ عَمَلِهِ مِنَ الرِّزْقِ والخَيْرِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَن نُرِيدُ﴾ [الإسْراءِ:١٨]، وهَذا لا يَصِحُّ لِأنَّهُ لا يُوَفِّي إلّا لِمَن يُرِيدُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب