الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ﴾ أمّا سَبَبُ نُزُولِها، فَرَوى عَلْقَمَةُ والأسْوَدُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أنَّ رَجُلًا قالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إنِّي أخَذْتُ امْرَأةً في البُسْتانِ فَقَبَّلْتُها، وضَمَمْتُها، إلَيَّ وباشَرْتُها، وفَعَلْتُ بِها كُلَّ شَيْءٍ، غَيْرَ أنِّي لَمْ أُجامِعْها؛ (p-١٦٦)فَسَكَتَ النَّبِيُّ ﷺ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى " ﴿وَأقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ.﴾ . . " الآيَةُ، فَدَعا الرَّجُلَ فَقَرَأها عَلَيْهِ، فَقالَ عُمَرُ: أهِيَ لَهُ خاصَّةً، أمْ لِلنّاسِ كافَّةً ؟ قالَ: " لا، بَلْ لِلنّاسِ كافَّةً» " . وفي رِوايَةٍ أُخْرى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أنَّ رَجُلًا أصابَ مِن امْرَأةٍ قُبْلَةً، فَأتى رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، فَقالَ الرَّجُلُ: ألِي هَذِهِ الآيَةُ ؟ فَقالَ: " لِمَن عَمِلَ بِها مِن أُمَّتِي " . وقالَ مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ: كُنْتُ قاعِدًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَجاءَ رَجُلٌ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما تَقُولُ في رَجُلٍ أصابَ مِنِ امْرَأةٍ مالا يَحِلُّ لَهُ، فَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا يُصِيبُهُ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأتِهِ إلّا أصابَهُ مِنها، غَيْرَ أنَّهُ لَمْ يُجامِعْها ؟ فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: " تَوَضَّأْ وُضُوءًا حَسَنًا، ثُمَّ قُمْ فَصَلِّ " فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ، فَقالَ مُعاذٌ: أهِيَ لَهُ خاصَّةً، أمْ لِلْمُسْلِمِينَ عامَّةً ؟ فَقالَ: " بَلْ هي لِلْمُسْلِمِينَ عامَّةً» " . واخْتَلَفُوا في اسْمِ هَذا الرَّجُلِ، فَقالَ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: هو عَمْرُو بْنُ غُزَيَّةَ الأنْصارِيُّ، وفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، كانَ يَبِيعُ التَّمْرَ، فَأتَتْهُ امْرَأةٌ تَبْتاعُ مِنهُ تَمْرًا، فَأعْجَبَتْهُ، فَقالَ: إنَّ في البَيْتِ تَمْرًا أجْوَدَ مِن هَذا، فانْطَلِقِي مَعِي حَتّى أُعْطِيَكِ مِنهُ؛ فَذَكَرَ نَحْوَ (p-١٦٧)حَدِيثِ مُعاذٍ. وقالَ مُقاتِلٌ: هو أبُو مُقْبِلٍ عامِرُ بْنُ قَيْسٍ الأنْصارِيُّ. وذَكَرَ أحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثابِتِ الخَطِيبُ الحافِظُ أنَّهُ أبُو اليُسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو الأنْصارِيُّ. وذُكِرَ في الَّذِي قالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، ألَهُ خاصَّةً ؟ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهُ أبُو اليُسْرِ صاحِبُ القِصَّةِ. والثّانِي: مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ. والثّالِثُ: عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ.
فَأمّا التَّفْسِيرُ، فَقَوْلُهُ: " وأقِمِ الصَّلاةَ " أيْ: أتِمَّ رُكُوعَها وسُجُودَها.
فَأمّا طَرَفا النَّهارِ، فَفي الطَّرَفِ الأوَّلِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ صَلاة الفَجْرِ، قالَهُ الجُمْهُورُ. والثّانِي: أنَّهُ الظُّهْرُ، حَكاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَفِي الطَّرَفِ الثّانِي ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهُ صَلاةُ المَغْرِبِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ زَيْدٍ. الثّانِي: العَصْرُ، قالَهُ قَتادَةُ. وعَنِ الحَسَنِ كالقَوْلَيْنِ. والثّالِثُ: الظُّهْرُ، والعَصْرُ، قالَهُ مُجاهِدٌ، والقُرَظِيُّ. وعَنِ الضَّحّاكِ كالأقْوالِ الثَّلاثَةِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، وشَيْبَةُ " وزُلُفًا " بِضَمِّ اللّامِ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الزُّلَفُ: السّاعاتُ، واحِدُها: زُلْفَةٌ، أيْ: ساعَةٌ ومَنزِلَةٌ وقُرْبَةٌ؛ ومِنهُ سُمِّيَتِ المُزْدَلِفَةُ، قالَ العَجّاجُ:(p-١٦٨)
؎ ناجٍ طَواهُ الأيْنُ مِمّا أوْجَفا طَيَّ اللَّيالِي زُلَفًا فَزُلَفا
سَماوَةَ الهِلالِ حَتّى احْقَوْقَفا
قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ومِنهُ يُقالُ: أزْلَفَنِي كَذا عِنْدَكَ، أيْ: أدْنانِي؛ والمَزالِفُ: المَنازِلُ والدَّرَجُ، وكَذَلِكَ الزُّلَفُ:
وَفِيها لِلْمُفَسِّرِينَ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها صَلاةُ العَتَمَةِ، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وعَوْفٌ عَنِ الحَسَنِ، وابْنُ أبِي نُجَيْحٍ عَنْ مُجاهِدٍ، وبِهِ قالَ ابْنُ زَيْدٍ.
والثّانِي: أنَّها صَلاةُ المَغْرِبِ والعِشاءِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أيْضًا، ورَواهُ يُونُسُ عَنِ الحَسَنِ، ومَنصُورٌ عَنْ مُجاهِدٍ، وبِهِ قالَ قَتادَةُ، ومُقاتِلٌ، والزَّجّاجُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ﴾ في المُرادِ بِالحَسَناتِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّها الصَّلَواتُ الخَمْسُ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ المُسَيَّبِ، ومَسْرُوقٌ، ومُجاهِدٌ، والقُرَظِيُّ، والضَّحّاكُ، والمُقاتِلانِ: ابْنُ سُلَيْمانَ، وابْنُ حَيّانَ.
والثّانِي: أنَّها سُبْحانَ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، رَواهُ مَنصُورٌ عَنْ مُجاهِدٍ. والأوَّلُ أصَحُّ، لِأنَّ الجُمْهُورَ عَلَيْهِ، وفِيهِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رَواهُ عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ تَوَضَّأ، وقالَ: مَن تَوَضَّأ وُضُوئِي هَذا، ثُمَّ صَلّى الظُّهْرَ، غُفِرَ لَهُ ما كانَ بَيْنَها وبَيْنَ صَلاةِ الصُّبْحِ، (p-١٦٩)وَمَن صَلّى العَصْرَ، غُفِرَ لَهُ ما بَيْنَها وبَيْنَ صَلاةِ الظُّهْرِ، ومَن صَلّى المَغْرِبَ، غُفِرَ لَهُ ما بَيْنَها وبَيْنَ صَلاةِ العَصْرِ، ثُمَّ صَلّى العِشاءَ، غُفِرَ لَهُ ما بَيْنَها وبَيْنَ صَلاةِ المَغْرِبِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ أنْ يَبِيتَ لَيْلَتَهُ يَتَمَرَّغُ، ثُمَّ إنْ قامَ فَتَوَضَّأ وصَلّى الصُّبْحَ، غُفِرَ لَهُ ما بَيْنَهُ وبَيْنَ صَلاةِ العِشاءِ، وهُنَّ الحَسَناتُ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ» " .
فَأمّا السَّيِّئاتُ المَذْكُورَةُ هاهُنا، فَقالَ المُفَسِّرُونَ: هي الصَّغائِرُ مِنَ الذُّنُوبِ. وقَدْ «رَوى مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ، قالَ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أوْصِنِي؛ قالَ: " اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُما كُنْتَ "، قالَ: قُلْتُ: زِدْنِي؛ قالَ: " أتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُها "، قُلْتُ: زِدْنِي؛ قالَ: " خالِقِ النّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ "» .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ﴾ في المُشارِ إلَيْهِ بِـ " ذَلِكَ " ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهُ القُرْآنُ. والثّانِي: إقامُ الصَّلاةِ. والثّالِثُ: جَمِيعُ ما تَقَدَّمَ مِنَ الوَصِيَّةِ بِالِاسْتِقامَةِ، والنَّهْيِ عَنْ الطُّغْيانِ، وتَرْكِ المَيْلِ إلى الظّالِمِينَ، والقِيامِ بِالصَّلاةِ.
(p-١٧٠)وَفِي المُرادِ بِالذِّكْرى قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ بِمَعْنى التَّوْبَةِ. والثّانِي: بِمَعْنى العِظَةِ.
{"ayah":"وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَیِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفࣰا مِّنَ ٱلَّیۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَـٰتِ یُذۡهِبۡنَ ٱلسَّیِّـَٔاتِۚ ذَ ٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّ ٰكِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق