الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واللَّهُ يَدْعُو إلى دارِ السَّلامِ﴾ يَعْنِي الجَنَّةَ. وقَدْ ذَكَرْنا مَعْنى تَسْمِيَتِها بِذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿لَهم دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الأنْعامِ:١٢٧] . واعْلَمْ أنَّ اللَّهَ عَمَّ بِالدَّعْوَةِ وخَصَّ الهِدايَةَ مَن شاءَ، لِأنَّ الحُكْمَ لَهُ في خَلْقِهِ.
وَفِي المُرادِ بِالصِّراطِ المُسْتَقِيمِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: كِتابُ اللَّهِ، رَواهُ عَلِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ . والثّانِي: الإسْلامُ، رَواهُ النَّوّاسُ بْنُ سَمْعانَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ . والثّالِثُ: الحَقُّ، قالَهُ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ. والرّابِعُ: المُخْرِجُ مِنَ الضَّلالاتِ والشُّبَهِ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ.
(p-٢٣)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: قالُوا: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: الحُسْنى: كَلِمَةٌ مُسْتَغْنًى عَنْ وصْفِها ونَعْتِها، لِأنَّ العَرَبَ تُوقِعُها عَلى الخَلَّةِ المَحْبُوبَةِ المَرْغُوبِ فِيها المَفْرُوحِ بِها، فَكانَ الَّذِي تَعَلَّمَهُ العَرَبُ مِن أمْرِها يُغْنِي عَنْ نَعْتِها، فَكَذَلِكَ المَزِيدُ عَلَيْها مَحْمُولٌ عَلى مَعْناها ومُتَعَرَّفٌ مِن جِهَتِها، يَدُلُّ عَلى هَذا قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎ فَلَمّا تَنازَعْنا الحَدِيثَ وأسْمَحَتْ هَصَرْتُ بِغُصْنٍ ذِي شَمارِيخَ مَيّالِ
؎ فَصِرْنا إلى الحُسْنى ورَقَّ كَلامُنا ∗∗∗ ورُضْتُ فَذَلَّتْ صَعْبَةً أيَّ إذْلالِ
أيْ: إلى الأمْرِ المَحْبُوبِ. وهَصَرْتُ بِمَعْنى مَدَدْتُ. والغُصْنُ كِنايَةٌ عَنِ المَرْأةِ. والباءُ مُؤَكِّدَةٌ لِلْكَلامِ، كَما تَقُولُ العَرَبُ: ألْقى بِيَدِهِ إلى الهَلاكِ، يُرِيدُونَ: ألْقى يَدَهُ. والشَّمارِيخُ كِنايَةٌ عَنِ الذَّوائِبِ. ورُضْتُ، مَعْناهُ: أذْلَلْتُ. ومِن أجْلِ هَذا قالَ: أيَّ إذْلالٍ، ولَمْ يَقُلْ: أيَّ رِياضَةٍ.
(p-٢٤)وَلِلْمُفَسِّرِينَ في المُرادِ بِالحُسْنى خَمْسَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّها الجَنَّةُ، رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وبِهِ قالَ الأكْثَرُونَ. والثّانِي: أنَّها الواحِدَةُ مِنَ الحَسَناتِ بِواحِدَةٍ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: النُّصْرَةُ قالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سابِطٍ. والرّابِعُ: الجَزاءُ في الآخِرَةِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. والخامِسُ: الأُمْنِيَةُ، ذَكَرَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ. وفي الزِّيادَةِ سِتَّةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّها النَّظَرُ إلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. رَوى مُسْلِمٌ في " صَحِيحِهِ " مِن حَدِيثِ صُهَيْبٍ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: " الزِّيادَةُ: النَّظَرُ إلى وجْهِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ "» . وبِهَذا القَوْلِ قالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وأبُو مُوسى الأشْعَرِيُّ، وحُذَيْفَةُ، وابْنُ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةُ، وقَتادَةُ، والضَّحّاكُ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِي لَيْلى، والسُّدِّيُّ، ومُقاتِلٌ.
والثّانِي: أنَّ الزِّيادَةَ غُرْفَةٌ مِن لُؤْلُؤَةٍ واحِدَةٍ لَها أرْبَعَةُ أبْوابٍ، رَواهُ الحَكَمُ عَنْ عَلِيٍّ، ولا يَصِحُّ.
(p-٢٥)والثّالِثُ: أنَّ الزِّيادَةَ: مُضاعَفَةُ الحَسَنَةِ إلى عَشْرِ أمْثالِها، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ.
والرّابِعُ: أنَّ الزِّيادَةَ: مَغْفِرَةٌ ورِضْوانٌ، قالَهُ مُجاهِدٌ.
والخامِسُ: أنَّ الزِّيادَةَ: أنَّ ما أعْطاهم في الدُّنْيا لا يُحاسِبُهم بِهِ في القِيامَةِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
والسّادِسُ: أنَّ الزِّيادَةَ: ما يَشْتَهُونَهُ، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا يَرْهَقُ﴾ أيْ: لا يَغْشى ﴿وُجُوهَهم قَتَرٌ﴾ وقَرَأ الحَسَنُ، وقَتادَةُ، والأعْمَشُ: " قَتْرٌ " بِإسْكانِ التّاءِ، وفِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحَدُها: أنَّهُ السَّوادُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: سَوادُ الوُجُوهِ مِنَ الكَآبَةِ. وقالَ الزَّجّاجُ: القُتَرُ: الغَبَرَةُ الَّتِي مَعَها سَوادٌ. والثّانِي: أنَّهُ دُخانُ جَهَنَّمَ، قالَهُ عَطاءٌ. والثّالِثُ: الخِزْيُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والرّابِعُ: الغُبارُ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ.
وَفِي الذِّلَّةِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: الكَآبَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: الهَوانُ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ.
{"ayahs_start":25,"ayahs":["وَٱللَّهُ یَدۡعُوۤا۟ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَـٰمِ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","۞ لِّلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِیَادَةࣱۖ وَلَا یَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرࣱ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"],"ayah":"۞ لِّلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِیَادَةࣱۖ وَلَا یَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرࣱ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











