الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾ عادَ بَعْدَ المُخاطَبَةِ لَهم إلى الإخْبارِ عَنْهم. قالَ الزَّجّاجُ: كُلُّ مَن أقامَ الغائِبَ مَقامَ مَن يُخاطِبُهُ جازَ أنْ يَرُدَّهُ إلى الغائِبِ، قالَ الشّاعِرُ: ؎ شَطَّتْ مَزارُ العاشِقِينَ فَأصْبَحَتْ عَسِرًا عَلَيَّ طِلابُكِ ابْنَةَ مَخْرَمِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ أيْ: لَيِّنَةٍ. ﴿وَفَرِحُوا بِها﴾ لِلِينِها. ﴿جاءَتْها﴾ يَعْنِي الفُلْكَ. قالَ الفَرّاءُ: وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَها لِلرِّيحِ، كَأنَّكَ قُلْتَ: جاءَتِ الرِّيحَ الطَّيِّبَةَ رِيحٌ عاصِفٌ، والعَرَبُ تَقُولُ: عاصِفٌ وعاصِفَةٌ، وقَدْ عَصَفَتِ الرِّيحُ وأعْصَفَتْ، والألِفُ لُغَةٌ لِبَنِي أسَدٍ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: الرِّيحُ العاصِفُ: الشَّدِيدَةُ. قالَ الزَّجّاجُ: يُقالُ عَصَفَتِ الرِّيحُ، فَهي عاصِفٌ وعاصِفَةٌ، وأعْصَفَتْ، فَهي مُعْصِفٌ ومُعْصِفَةٌ. ﴿وَجاءَهُمُ المَوْجُ مِن كُلِّ مَكانٍ﴾ أيْ: مِن كُلِّ أمْكِنَةِ المَوْجِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَظَنُّوا﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ بِمَعْنى اليَقِينِ. والثّانِي: أنَّهُ التَّوَهُّمُ. وفي قَوْلِهِ " أُحِيطَ بِهِمْ " قَوْلانِ: أحَدُهُما: دَنَوْا مِنَ الهَلَكَةِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وأصْلُ هَذا أنَّ العَدُوَّ إذا أحاطَ (p-٢٠)بِبَلَدٍ، فَقَدْ دَنا أهْلُهُ مِنَ الهَلَكَةِ. وقالَ الزَّجّاجُ: يُقالُ لِكُلِّ مَن وقَعَ في بَلاءٍ: قَدْ أُحِيطَ بِفُلانٍ، أيْ: أحاطَ بِهِ البَلاءُ. والثّانِي: أحاطَتْ بِهِمُ المَلائِكَةُ، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ دُونَ أوْثانِهِمْ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: تَرَكُوا الشِّرْكَ، وأخْلَصُوا لِلَّهِ الرُّبُوبِيَّةَ، وقالُوا: ﴿لَئِنْ أنْجَيْتَنا مِن هَذِهِ﴾ الرِّيحِ العاصِفِ ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ أيِ: المُوَحِّدِينَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَبْغُونَ في الأرْضِ﴾ البَغْيُ: التَّرامِي في الفَسادِ. قالَ الأصْمَعِيُّ: يُقالُ: بَغى الجُرْحُ: إذا تَرامى إلى فَسادٍ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَبْغُونَ في الأرْضِ بِالدُّعاءِ إلى عِبادَةِ غَيْرِ اللَّهِ والعَمَلِ بِالمَعاصِي والفَسادِ. ﴿يا أيُّها النّاسُ﴾ يَعْنِي أهْلَ مَكَّةَ. ﴿إنَّما بَغْيُكم عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ أيْ: جِنايَةُ مَظالِمِكم بَيْنَكم عَلى أنْفُسِكم. وقالَ الزَّجّاجُ: عَمَلُكم بِالظُّلْمِ عَلَيْكم يَرْجِعُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَتاعَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ قَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو رَزِينٍ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، والحَسَنُ، وحَفْصٌ، وأبانُ عَنْ عاصِمٍ: " مَتاعَ الحَياةِ الدُّنْيا " بِنَصْبِ المَتاعِ. قالَ الزَّجّاجُ: مَن رَفَعَ المَتاعَ، فالمَعْنى أنَّ ما تَنالُونَهُ بِهَذا البَغْيِ إنَّما تَنْتَفِعُونَ بِهِ في الدُّنْيا، ومَن نَصَبَ المَتاعَ، فَعَلى المَصْدَرِ. فالمَعْنى: تُمَتَّعُونَ مَتاعَ الحَياةِ الدُّنْيا. وقَرَأ أبُو المُتَوَكِّلِ، واليَزِيدِيُّ في اخْتِيارِهِ، وهارُونُ العَتْكِيُّ عَنْ عاصِمٍ: " مَتاعِ الحَياةِ " بِكَسْرِ العَيْنِ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: " مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا "، أيْ: مَنفَعَةٌ في الدُّنْيا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب