قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ يا أيُّها النّاسُ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَعْنِي أهْلَ مَكَّةَ ﴿إنْ كُنْتُمْ في شَكٍّ مِن دِينِي﴾ الإسْلامِ ﴿فَلا أعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ وهي الأصْنامُ ﴿وَلَكِنْ أعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي﴾ يَقْدِرُ أنْ يُمِيتَكم. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: مَعْنى الآيَةِ: لا يَنْبَغِي لَكم أنْ تَشُكُّوا في دِينِي، لِأنِّي أعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يُمِيتُ ويَنْفَعُ ويَضُرُّ، ولا تُسْتَنْكَرُ (p-٧٠)عِبادَةُ مَن يَفْعَلُ هَذا، وإنَّما يَنْبَغِي لَكم أنْ تَشُكُّوا وتُنْكِرُوا ما أنْتُمْ عَلَيْهِ مِن عِبادَةِ الأصْنامِ الَّتِي لا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ.
فَإنْ قِيلَ: لِمَ قالَ: ﴿الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ﴾ ولَمْ يَقُلْ: " الَّذِي خَلَقَكم " ؟
فالجَوابُ: أنَّ هَذا يَتَضَمَّنُ تَهْدِيدَهم، لِأنَّ مِيعادَ عَذابِهِمُ الوَفاةُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنْ أقِمْ وجْهَكَ﴾ المَعْنى: وأُمِرْتُ أنْ أقِمْ وجْهَكَ، وفِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أخْلِصْ عَمَلَكَ. والثّانِي: اسْتَقِمْ بِإقْبالِكَ عَلى ما أُمِرْتَ بِهِ بِوَجْهِكَ.
وَفِي المُرادِ بِالحَنِيفِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ:
أحَدُهُما: أنَّهُ المُتَّبِعُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّانِي: المُخْلِصُ، قالَهُ عَطاءٌ. والثّالِثُ: المُسْتَقِيمُ، قالَهُ القُرَظِيُّ
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ﴾ إنْ دَعَوْتَهُ ﴿وَلا يَضُرُّكَ﴾ إنْ تَرَكْتَ عِبادَتَهُ. " والظّالِمُ " الَّذِي يَضَعُ الشَّيْءَ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ.
{"ayahs_start":104,"ayahs":["قُلۡ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِی شَكࣲّ مِّن دِینِی فَلَاۤ أَعۡبُدُ ٱلَّذِینَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِی یَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","وَأَنۡ أَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّینِ حَنِیفࣰا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ","وَلَا تَدۡعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَنفَعُكَ وَلَا یَضُرُّكَۖ فَإِن فَعَلۡتَ فَإِنَّكَ إِذࣰا مِّنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"],"ayah":"وَأَنۡ أَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّینِ حَنِیفࣰا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"}