قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنفُسَكم لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ قالَ الكَلْبِيُّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى أهْلِ هَجَرَ وعَلَيْهِمْ مُنْذِرُ بْنُ ساوى يَدْعُوهم إلى الإسْلامِ، فَإنْ أبَوْا فَلْيُؤَدُّوا الجِزْيَةَ، فَلَمّا أتاهُ الكِتابُ عَرَضَهُ عَلى مَن عِنْدَهُ مِنَ العَرَبِ واليَهُودِ والنَّصارى والصّابِئِينَ والمَجُوسِ، فَأقَرُّوا بِالجِزْيَةِ، وكَرِهُوا الإسْلامَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”أمّا العَرَبُ فَلا تَقْبَلْ مِنهم إلّا الإسْلامَ أوِ السَّيْفَ، وأمّا أهْلُ الكِتابِ والمَجُوسُ فاقْبَلْ مِنهُمُ الجِزْيَةَ“ . فَلَمّا قَرَأ عَلَيْهِمْ كِتابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أسْلَمَتِ العَرَبُ، وأمّا أهْلُ الكِتابِ والمَجُوسُ فَأعْطَوُا الجِزْيَةَ، فَقالَ مُنافِقُو العَرَبِ: عَجَبًا مِن مُحَمَّدٍ، يَزْعُمُ أنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ لِيُقاتِلَ النّاسَ كافَّةً حَتّى يُسْلِمُوا، ولا يَقْبَلُ الجِزْيَةَ إلّا مِن أهْلِ الكِتابِ، فَلا نَراهُ إلّا قَدْ قَبِلَ مِن مُشْرِكِي أهْلِ هَجَرَ ما رَدَّ عَلى مُشْرِكِي العَرَبِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكم أنفُسَكم لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إذا اهْتَدَيْتُمْ﴾ . يَعْنِي: مَن ضَلَّ مِن أهْلِ الكِتابِ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ عَلَیۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا یَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَیۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِیعࣰا فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}