قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أصْواتَكم فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ نَزَلَتْ في ثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ، كانَ في أُذُنِهِ وقْرٌ، وكانَ جَهْوَرِيَّ الصَّوْتِ، فَكانَ إذا كَلَّمَ إنْسانًا جَهَرَ بِصَوْتِهِ، فَرُبَّما كانَ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَيَتَأذّى بِصَوْتِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.
أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ إبْراهِيمَ المُزَكِّي، قالَ: أخْبَرَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزّاهِدُ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو القاسِمِ البَغَوِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ، قالَ: حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمانَ الضُّبَعِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا ثابِتٌ، عَنْ أنَسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكم فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ . قالَ ثابِتُ بْنُ قَيْسٍ: أنا الَّذِي كُنْتُ أرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﷺ، وأنا مِن أهْلِ النّارِ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ: ”هو مِن أهْلِ الجَنَّةِ“ .
رَواهُ مُسْلِمٌ عَنْ قَطَنِ بْنِ نُسَيْرٍ. وقالَ ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ: كادَ الخَيِّرانِ أنْ يَهْلِكا؛ أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ، رَفَعا أصْواتَهُما عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ، فَأشارَ أحَدُهُما بِالأقْرَعِ بْنِ حابِسٍ، وأشارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ، فَقالَ أبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: ما أرَدْتَ إلّا خِلافِي. وقالَ عُمَرُ: ما أرَدْتُ خِلافَكَ. وارْتَفَعَتْ أصْواتُهُما في ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى في ذَلِكَ: ﴿لا تَرْفَعُوا أصْواتَكُمْ﴾ .
وقالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَما كانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَلامَهُ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتّى يَسْتَفْهِمَهُ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَرۡفَعُوۤا۟ أَصۡوَ ٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِیِّ وَلَا تَجۡهَرُوا۟ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ"}