الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثى﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَزَلَتْ في ثابِتِ بْنِ قَيْسٍ، وقَوْلِهِ في الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يُفْسِحْ لَهُ: ابْنُ فُلانَةَ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”مَنِ الذّاكِرُ فُلانَةَ ؟“ . فَقامَ ثابِتٌ فَقالَ: أنا يا رَسُولَ اللَّهِ. فَقالَ: ”انْظُرْ في وُجُوهِ القَوْمِ“ . فَنَظَرَ، فَقالَ: ”ما رَأيْتَ يا ثابِتُ ؟“ . فَقالَ: رَأيْتُ أبْيَضَ وأحْمَرَ وأسْوَدَ. قالَ: ”فَإنَّكَ لا تَفْضُلُهم إلّا في الدِّينِ والتَّقْوى“ . فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ. وقالَ مُقاتِلٌ: لَمّا كانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِلالًا حَتّى أذَّنَ عَلى ظَهْرِ الكَعْبَةِ، فَقالَ عَتّابُ بْنُ أسِيدِ بْنِ أبِي العِيصِ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَبَضَ أبِي حَتّى لَمْ يَرَ هَذا اليَوْمَ. وقالَ الحارِثُ بْنُ هِشامٍ: أما وجَدَ مُحَمَّدٌ غَيْرَ هَذا الغُرابِ الأسْوَدِ مُؤَذِّنًا ؟ وقالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: إنْ يُرِدِ اللَّهُ شَيْئًا يُغَيِّرْهُ. وقالَ أبُو سُفْيانَ: إنِّي لا أقُولُ شَيْئًا، أخافُ أنْ يُخْبِرَ بِهِ رَبُّ السَّماءِ. فَأتى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ النَّبِيَّ ﷺ وأخْبَرَهُ بِما قالُوا، فَدَعاهم وسَألَهم عَمّا قالُوا، فَأقَرُّوا، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ، وزَجَرَهم عَنِ التَّفاخُرِ بِالأنْسابِ، والتَّكاثُرِ بِالأمْوالِ، والإزْراءِ بِالفُقَراءِ. أخْبَرَنا أبُو حَسّانَ المُزَكِّي، قالَ: أخْبَرَنا هارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الإسْتِراباذِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو مُحَمَّدٍ إسْحاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الخُزاعِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو الوَلِيدِ الأزْرَقِيُّ، قالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ الجَبّارِ بْنُ الوَرْدِ المَكِّيُّ، قالَ: حَدَّثَنا ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ، قالَ: لَمّا كانَ يَوْمُ الفَتْحِ رَقِيَ بِلالٌ عَلى ظَهْرِ الكَعْبَةِ فَأذَّنَ، فَقالَ بَعْضُ النّاسِ: يا عِبادَ اللَّهِ، أهَذا العَبْدُ الأسْوَدُ يُؤَذِّنُ عَلى ظَهْرِ الكَعْبَةِ ؟ فَقالَ بَعْضُهم: إنْ يَسْخَطِ اللَّهُ هَذا يُغَيِّرْهُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثى﴾ . وقالَ يَزِيدُ بْنُ شَجَرَةَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذاتَ يَوْمٍ بِبَعْضِ الأسْواقِ بِالمَدِينَةِ، وإذا غُلامٌ أسْوَدُ قائِمٌ يُنادِي عَلَيْهِ بَيّاعٌ: فَمَن يَزِيدُ ؟ وكانَ الغُلامُ يَقُولُ: مَنِ اشْتَرانِي فَعَلى شَرْطٍ. قِيلَ: ما هو ؟ قالَ: لا يَمْنَعُنِي مِنَ الصَّلَواتِ الخَمْسِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . فاشْتَراهُ رَجُلٌ عَلى هَذا الشَّرْطِ، فَكانَ يَراهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، فَفَقَدَهُ ذاتَ يَوْمٍ، فَقالَ لِصاحِبِهِ: ”أيْنَ الغُلامُ ؟“ . فَقالَ: مَحْمُومٌ يا رَسُولَ اللَّهِ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ لِأصْحابِهِ: ”قُومُوا بِنا نَعُودُهُ“ . فَقامُوا مَعَهُ فَعادُوهُ، فَلَمّا كانَ بَعْدَ أيّامٍ قالَ لِصاحِبِهِ: ”ما حالُ الغُلامِ ؟“ . فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ الغُلامَ لِما بِهِ. فَقامَ ودَخَلَ عَلَيْهِ وهو في بُرَحائِهِ، فَقُبَضَ عَلى تِلْكِ الحالِ، فَتَوَلّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غُسْلَهُ وتَكْفِينَهُ ودَفْنَهُ، فَدَخَلَ عَلى أصْحابِهِ مِن ذَلِكَ أمْرٌ عَظِيمٌ، فَقالَ المُهاجِرُونَ: هاجَرْنا مِن دِيارِنا وأمْوالِنا وأهْلِينا فَلَمْ يَرَ أحَدٌ مِنّا في حَياتِهِ ومَرَضِهِ ومَوْتِهِ ما لَقِيَ هَذا الغُلامُ. وقالَتِ الأنْصارُ: آوَيْناهُ ونَصَرْناهُ وواسَيْناهُ بِأمْوالِنا فَآثَرَ عَلَيْنا عَبْدًا حَبَشِيًّا. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثى﴾ . يَعْنِي أنَّ كُلَّكم بَنُو أبٍ واحِدٍ وامْرَأةٍ واحِدَةٍ. وأراهم فَضْلَ التَّقْوى بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ أكْرَمَكم عِندَ اللَّهِ أتْقاكُمْ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب