قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ومَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهاجِرًا إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ في رِوايَةِ عَطاءٍ: كانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُخْبِرُ أهْلَ مَكَّةَ بِما يَنْزِلُ فِيهِمْ مِنَ القُرْآنِ، فَكَتَبَ الآيَةَ الَّتِي نَزَلَتْ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧] . فَلَمّا قَرَأها المُسْلِمُونَ قالَ حَبِيبُ بْنُ ضَمْرَةَ اللَّيْثِيُّ لِبَنِيهِ - وكانَ شَيْخًا كَبِيرًا -: احْمِلُونِي فَإنِّي لَسْتُ مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ، وإنِّي لا أهْتَدِي إلى الطَّرِيقِ. فَحَمَلُوهُ بَنُوهُ عَلى سَرِيرٍ مُتَوَجِّهًا إلى المَدِينَةِ، فَلَمّا بَلَغَ التَّنْعِيمَ أشْرَفَ عَلى المَوْتِ، فَصَفَقَ يَمِينَهُ عَلى شِمالِهِ وقالَ: اللَّهُمَّ هَذِهِ لَكَ، وهَذِهِ لِرَسُولِكَ، أُبايِعُكَ عَلى ما بايَعَتْكَ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . وماتَ حَمِيدًا. فَبَلَغَ خَبَرُهُ أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالُوا: لَوْ وافى المَدِينَةَ لَكانَ أتَمَّ أجْرًا. فَأنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ.
أخْبَرَنا أبُو حَسّانَ المُزَنِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا هارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هارُونَ، قالَ: أخْبَرَنا إسْحاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الخُزاعِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو الوَلِيدِ الأزْرَقِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا جَدِّي، قالَ: حَدَّثَنا سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: كانَ بِمَكَّةَ ناسٌ قَدْ دَخَلَهُمُ الإسْلامُ ولَمْ يَسْتَطِيعُوا الهِجْرَةَ، فَلَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ وخُرِجَ بِهِمْ كَرْهًا قُتِلُوا، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أنفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنتُمْ﴾ [النساء: ٩٧] . فَقَرَأ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَسى اللَّهُ أن يَعْفُوَ عَنْهُمْ﴾ [النساء: ٩٩] . إلى آخِرِ الآيَةِ. قالَ: فَكَتَبَ بِذَلِكَ مَن كانَ بِالمَدِينَةِ إلى مَن كانَ بِمَكَّةَ مِمَّنْ أسْلَمَ، فَقالَ رَجُلٌ مِن بَنِي بَكْرٍ وكانَ مَرِيضًا: أخْرِجُونِي إلى الرَّوْحِ. فَخَرَجُوا بِهِ، فَخَرَجَ يُرِيدُ المَدِينَةَ، فَلَمّا بَلَغُوا الحَصْحاصَ ماتَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ومَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهاجِرًا إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ .
{"ayah":"۞ وَمَن یُهَاجِرۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ یَجِدۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُرَ ٰغَمࣰا كَثِیرࣰا وَسَعَةࣰۚ وَمَن یَخۡرُجۡ مِنۢ بَیۡتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ یُدۡرِكۡهُ ٱلۡمَوۡتُ فَقَدۡ وَقَعَ أَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا"}