قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ قالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ: لَمّا بَنى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أوْلَمَ عَلَيْها بِتَمْرٍ وسَوِيقٍ، وذَبَحَ شاةً. قالَ أنَسٌ: وبَعَثَتْ إلَيْهِ أُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ بِحَيْسٍ في تَوْرٍ مِن حِجارَةٍ، فَأمَرَنِي النَّبِيُّ ﷺ أنْ أدْعُوَ أصْحابَهُ إلى الطَّعامِ، فَدَعَوْتُهم، فَجَعَلَ القَوْمُ يَجِيئُونَ فَيَأْكُلُونَ ويَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ القَوْمُ فَيَأْكُلُونَ ويَخْرُجُونَ، فَقُلْتُ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ دَعَوْتُ حَتّى ما أجِدُ أحَدًا أدْعُوهُ. فَقالَ: ”ارْفَعُوا طَعامَكم“ . فَرَفَعُوا، وخَرَجَ القَوْمُ وبَقِيَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَتَحَدَّثُونَ في البَيْتِ، فَأطالُوا المُكْثَ، وتَأذّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وكانَ شَدِيدَ الحَياءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، وضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنِي وبَيْنَهُ سِتْرًا.
أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَقِيهُ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ الحِيرِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عِمْرانُ بْنُ مُوسى بْنِ مُجاشِعٍ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ الأعْلى بْنُ حَمّادٍ النَّرْسِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: لَمّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ دَعا القَوْمَ فَطَعِمُوا، ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ. قالَ: فَأخَذَ كَأنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمّا رَأى ذَلِكَ قامَ، وقامَ مَن قامَ مِنَ القَوْمِ وقَعَدَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، وإنَّ النَّبِيَّ ﷺ جاءَ فَدَخَلَ فَإذا القَوْمُ جُلُوسٌ، فَرَجَعَ، وإنَّهم قامُوا وانْطَلَقُوا، فَجِئْتُ فَأخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ أنَّهم قَدِ انْطَلَقُوا. قالَ: فَجاءَ حَتّى دَخَلَ. قالَ: وذَهَبْتُ أدْخُلُ، فَألْقى الحِجابَ بَيْنِي وبَيْنَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلّا أن يُؤْذَنَ لَكم إلى طَعامٍ﴾ . الآيَةَ إلى قَوْلِهِ: ﴿إنَّ ذَلِكم كانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾ .
رَواهُ البُخارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقاشِيِّ، ورَواهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيى بْنِ حَبِيبٍ الحارِثِيِّ، كِلاهُما عَنِ المُعْتَمِرِ.
أخْبَرَنا إسْماعِيلُ بْنُ إبْراهِيمَ الواعِظُ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَمْرِو بْنُ نُجَيْدٍ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ الخَلِيلِ، قالَ: حَدَّثَنا هِشامُ بْنُ عَمّارٍ، قالَ: حَدَّثَنا الخَلِيلُ بْنُ مُوسى، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذْ مَرَّ عَلى حُجْرَةٍ مِن حُجَرِهِ، فَرَأى فِيها قَوْمًا جُلُوسًا يَتَحَدَّثُونَ، ثُمَّ عادَ فَدَخَلَ الحُجْرَةَ وأرْخى السِّتْرَ دُونِي، فَجِئْتُ أبا طَلْحَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ كُلَّهُ، فَقالَ: لَئِنْ كانَ ما تَقُولُ حَقًّا لَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ تَعالى فِيهِ قُرْآنًا. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ .
أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ الحِيرِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا حاجِبُ بْنُ أحْمَدَ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، قالَ: حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ، قالَ: حَدَّثَنا حُمَيْدٌ، عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ والفاجِرُ، فَلَوْ أمَرْتَ أُمَّهاتِ المُؤْمِنِينَ بِالحِجابِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى آيَةَ الحِجابِ.
رَواهُ البُخارِيُّ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيى بْنِ أبِي زائِدَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ.
أخْبَرَنِي أبُو حَكِيمٍ الجُرْجانِيُّ فِيما أجازَنِي لَفْظًا، قالَ: أخْبَرَنا أبُو الفَرَجِ القاضِي، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، قالَ: حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إبْراهِيمَ، قالَ: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يَطْعَمُ مَعَهُ بَعْضُ أصْحابِهِ، فَأصابَتْ يَدُ رَجُلٍ مِنهم يَدَ عائِشَةَ وكانَتْ مَعَهم، فَكَرِهَ ذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجابِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولا أن تَنكِحُوا أزْواجَهُ مِن بَعْدِهِ أبَدًا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ في رِوايَةِ عَطاءٍ: قالَ رَجُلٌ مِن سادَةِ قُرَيْشٍ: لَوْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَتَزَوَّجْتُ عائِشَةَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى ما أنْزَلَ.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَدۡخُلُوا۟ بُیُوتَ ٱلنَّبِیِّ إِلَّاۤ أَن یُؤۡذَنَ لَكُمۡ إِلَىٰ طَعَامٍ غَیۡرَ نَـٰظِرِینَ إِنَىٰهُ وَلَـٰكِنۡ إِذَا دُعِیتُمۡ فَٱدۡخُلُوا۟ فَإِذَا طَعِمۡتُمۡ فَٱنتَشِرُوا۟ وَلَا مُسۡتَـٔۡنِسِینَ لِحَدِیثٍۚ إِنَّ ذَ ٰلِكُمۡ كَانَ یُؤۡذِی ٱلنَّبِیَّ فَیَسۡتَحۡیِۦ مِنكُمۡۖ وَٱللَّهُ لَا یَسۡتَحۡیِۦ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَـٰعࣰا فَسۡـَٔلُوهُنَّ مِن وَرَاۤءِ حِجَابࣲۚ ذَ ٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ وَمَا كَانَ لَكُمۡ أَن تُؤۡذُوا۟ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلَاۤ أَن تَنكِحُوۤا۟ أَزۡوَ ٰجَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۤ أَبَدًاۚ إِنَّ ذَ ٰلِكُمۡ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِیمًا"}