أخْبَرَنا أبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الفارِسِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدُونَ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو حامِدٍ أحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، قالَ: حَدَّثَنا أبُو اليَمانِ، قالَ: حَدَّثَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قالَ: أخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ، عَنْ أبِيهِ - وكانَ مِن أحَدِ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ - أنَّ كَعْبَ بْنَ الأشْرَفِ اليَهُودِيَّ كانَ شاعِرًا، وكانَ يَهْجُو النَّبِيَّ ﷺ ويُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفّارَ قُرَيْشٍ في شِعْرِهِ، وكانَ النَّبِيُّ ﷺ قَدِمَ المَدِينَةَ وأهْلُها أخْلاطٌ، مِنهُمُ المُسْلِمُونَ ومِنهُمُ المُشْرِكُونَ ومِنهُمُ اليَهُودُ، فَأرادَ النَّبِيُّ أنْ يَسْتَصْلِحَهم كُلَّهم، وكانَ المُشْرِكُونَ واليَهُودُ يُؤْذُونَهُ ويُؤْذُونَ أصْحابَهُ أشَدَّ الأذى، فَأمَرَ اللَّهُ تَعالى نَبِيَّهُ ﷺ بِالصَّبْرِ عَلى ذَلِكَ، وفِيهِمْ أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكُمْ﴾ .
أخْبَرَنا عَمْرُو بْنُ أبِي عَمْرٍو المُزَكِّي، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْماعِيلَ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو اليَمانِ، قالَ: أخْبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: أخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أنَّ أُسامَةَ بْنَ زَيْدٍ أخْبَرَهُ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَكِبَ عَلى حِمارٍ عَلى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وأرْدَفَ أُسامَةَ بْنَ زَيْدٍ وراءَهُ، وسارَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبادَةَ في بَنِي الحارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ قَبْلَ وقْعَةِ بَدْرٍ، حَتّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وذَلِكَ قَبْلَ أنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإذا في المَجْلِسِ أخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأوْثانِ واليَهُودِ، وفي المَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ، فَلَمّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجاجَةُ الدّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أنْفَهُ بِرِدائِهِ، ثُمَّ قالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنا. فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ وقَفَ فَنَزَلَ ودَعاهم إلى اللَّهِ، وقَرَأ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أيُّها المَرْءُ، إنَّهُ لا أحْسَنَ مِمّا تَقُولُ إنْ كانَ حَقًّا، فَلا تُؤْذِنا بِهِ في مَجالِسِنا، ارْجِعْ إلى رَحْلِكَ فَمَن جاءَكَ فاقْصُصْ عَلَيْهِ. فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ: بَلى يا رَسُولَ اللَّهِ، فاغْشَنا بِهِ في مَجالِسِنا؛ فَإنّا نُحِبُّ ذَلِكَ. واسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ حَتّى كادُوا يَتَساوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ ﷺ يُخَفِّضُهم حَتّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ ﷺ دابَّتَهُ فَسارَ حَتّى دَخَلَ عَلى سَعْدِ بْنِ عُبادَةَ، فَقالَ لَهُ: ”يا سَعْدُ، ألَمْ تَسْمَعْ ما قالَ أبُو حُبابٍ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ - قالَ كَذا وكَذا“ . فَقالَ سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ واصْفَحْ، فَوالَّذِي أنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتابَ لَقَدْ جاءَ اللَّهُ بِالحَقِّ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْكَ ولَقَدِ اصْطَلَحَ أهْلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ عَلى أنْ يُتَوِّجُوهُ ويُعَصِّبُوهُ بِالعِصابَةِ، فَلَمّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أعْطاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ ما رَأيْتَ. فَعَفا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم ومِنَ الَّذِينَ أشْرَكُوا أذًى كَثِيرًا﴾ .
{"ayah":"۞ لَتُبۡلَوُنَّ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ وَلَتَسۡمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَمِنَ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوۤا۟ أَذࣰى كَثِیرࣰاۚ وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ فَإِنَّ ذَ ٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ"}