الباحث القرآني

أخْبَرَنا أبُو مَنصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَنصُورِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الحافِظُ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، قالَ: حَدَّثَنا الحَكَمُ بْنُ مُوسى، قالَ: حَدَّثَنا إسْماعِيلُ بْنُ عَيّاشٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أبِي غَنِيَّةَ، عَنِ الحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا انْصَرَفَ المُشْرِكُونَ عَنْ قَتْلى أُحُدٍ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَأى مَنظَرًا ساءَهُ، ورَأى حَمْزَةَ قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ، واصْطُلِمَ أنْفُهُ، وجُدِعَتْ أُذُناهُ، فَقالَ: ”لَوْلا أنْ يَحْزَنَ النِّساءُ أوْ تَكُونَ سُنَّةً بَعْدِي لَتَرَكْتُهُ حَتّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ تَعالى مِن بُطُونِ السِّباعِ والطَّيْرِ، لَأقْتُلَنَّ مَكانَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنهم“ . ثُمَّ دَعا بِبُرْدَةٍ فَغَطّى بِها وجْهَهُ، فَخَرَجَتْ رِجْلاهُ، فَجَعَلَ عَلى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الإذْخِرِ، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ عَشْرًا، ثُمَّ جَعَلَ يُجاءُ بِالرَّجُلِ فَيُوضَعُ وحَمْزَةُ مَكانَهُ حَتّى صَلّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ صَلاةً، وكانَ القَتْلى سَبْعِينَ، فَلَمّا دُفِنُوا وفَرَغَ مِنهم نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ﴾ . إلى قَوْلِهِ: ﴿واصْبِرْ وما صَبْرُكَ إلّا بِاللَّهِ﴾ . فَصَبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ولَمْ يُمَثِّلْ بِأحَدٍ. أخْبَرَنا إسْماعِيلُ بْنُ إبْراهِيمَ الواعِظُ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو العَبّاسِ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى الحافِظُ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، قالَ: حَدَّثَنا بِشْرُ بْنُ الوَلِيدِ الكِنْدِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا صالِحٌ المُرِّيُّ، قالَ: حَدَّثَنا سُلَيْمانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أبِي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: أشْرَفَ النَّبِيُّ ﷺ عَلى حَمْزَةَ فَرَآهُ صَرِيعًا، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا كانَ أوَجَعَ لِقَلْبِهِ مِنهُ، فَقالَ: ”واللَّهِ لَأقْتُلَنَّ بِكَ سَبْعِينَ مِنهم“ فَنَزَلَتْ: ﴿وإنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُم بِهِ ولَئِن صَبَرْتُمْ لَهو خَيْرٌ لِّلصّابِرِينَ﴾ . أخْبَرَنا أبُو حَسّانَ المُزَكِّي، قالَ: أخْبَرَنا أبُو العَبّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، قالَ: حَدَّثَنا مُوسى بْنُ إسْحاقَ، قالَ: حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ الحِمّانِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا قَيْسٌ، عَنِ ابْنِ أبِي لَيْلى، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ قُتِلَ حَمْزَةُ ومُثِّلَ بِهِ: ”لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ رَجُلًا مِنهم“ . فَأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وإنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُم بِهِ ولَئِن صَبَرْتُمْ لَهو خَيْرٌ لِّلصّابِرِينَ﴾ . فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”بَلْ نَصْبِرُ يا رَبِّ“ . قالَ المُفَسِّرُونَ: إنَّ المُسْلِمِينَ لَمّا رَأوْا ما فَعَلَ المُشْرِكُونَ بِقَتْلاهم يَوْمَ أُحُدٍ مِن تَبْقِيرِ البُطُونِ، وقَطْعِ المَذاكِيرِ، والمُثْلَةِ السَّيِّئَةِ، قالُوا حِينَ رَأوْا ذَلِكَ: لَئِنْ أظْهَرَنا اللَّهُ عَلَيْهِمْ لَنَزِيدَنَّ عَلى صَنِيعِهِمْ، ولَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْها أحَدٌ مِنَ العَرَبِ بِأحَدٍ قَطُّ، ولَنَفْعَلَنَّ ولَنُمَثِّلَنَّ. ووَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى عَمِّهِ حَمْزَةَ وقَدْ جَدَعُوا أنْفَهُ وأُذُنَهُ، وقَطَعُوا مَذاكِيرَهُ وبَقَرُوا بَطْنَهُ، وأخَذَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ قِطْعَةً مِن كَبِدِهِ فَمَضَغَتْها ثُمَّ اسْتَرَطَتْها لِتَأْكُلَها، فَلَمْ تَلْبَثْ في بَطْنِها حَتّى رَمَتْ بِها، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ: ”أما إنَّها لَوْ أكَلَتْهُ لَمْ تَدْخُلِ النّارَ أبَدًا، حَمْزَةُ أكْرَمُ عَلى اللَّهِ مِن أنْ يُدْخِلَ شَيْئًا مِن جَسَدِهِ النّارَ“ . فَلَمّا نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى حَمْزَةَ نَظَرَ إلى شَيْءٍ لَمْ يَنْظُرْ قَطُّ إلى شَيْءٍ مِثْلِهِ كانَ أوْجَعَ لِقَلْبِهِ مِنهُ، فَقالَ: ”رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، إنَّكَ كُنْتَ ما عَلِمْتُ وصُولًا لِلرَّحِمِ، فَعّالًا لِلْخَيْراتِ، ولَوْلا حُزْنُ مَن بَعْدَكَ عَلَيْكَ لَسَرَّنِي أنْ أدَعَكَ حَتّى تُحْشَرَ مِن أجْوافٍ شَتّى، أما واللَّهِ لَئِنْ أظْفَرَنِي اللَّهُ تَعالى بِهِمْ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنهم مَكانَكَ“ . فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وإنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُم بِهِ ولَئِن صَبَرْتُمْ لَهو خَيْرٌ لِّلصّابِرِينَ﴾ . فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ”بَلى نَصْبِرُ“ . وأمْسَكَ عَمّا أرادَ، وكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ. قالَ الشَّيْخُ أبُو الحَسَنِ: ونَحْتاجُ أنْ نَذْكُرَ هَهُنا مَقْتَلَ حَمْزَةَ: أخْبَرَنا عَمْرُو بْنُ أبِي عَمْرٍو المُزَكِّي، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْماعِيلَ الجُعْفِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: حَدَّثَنا حُجَيْنُ بْنُ المُثَنّى، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي سَلَمَةَ ح وأخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ إبْراهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى، قالَ: أخْبَرَنا والِدِي، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ الثَّقَفِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا سَعِيدُ بْنُ يَحْيى الأُمَوِيُّ، قالَ: حَدَّثَنِي أبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ، قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الفَضْلِ بْنِ عَبّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ قالَ: خَرَجْتُ أنا وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الخِيارِ، فَمَرَرْنا بِحِمْصَ، فَلَمّا قَدِمْناها قالَ لِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ: هَلْ لَكَ أنْ نَأْتِيَ وحْشِيًّا فَنَسْألَهُ كَيْفَ كانَ قَتْلُ حَمْزَةَ ؟ قُلْتُ لَهُ: إنْ شِئْتَ، فَخَرَجْنا نَسْألُ عَنْهُ، فَقالَ لَنا رَجُلٌ: أما إنَّكُما سَتَجِدانِهِ بِفِناءِ دارِهِ، وهو رَجُلٌ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الخَمْرُ، فَإنْ تَجِداهُ صاحِيًا تَجِدا رَجُلًا عَرَبِيًّا، وتَجِدا عِنْدَهُ بَعْضَ ما تُرِيدانِ. فَلَمّا انْتَهَيْنا إلَيْهِ سَلَّمْنا عَلَيْهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، قُلْنا: جِئْناكَ لِتُحَدِّثَنا عَنْ قَتْلِكَ حَمْزَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. فَقالَ: أما إنِّي سَأُحَدِّثُكُما كَما حَدَّثْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ سَألَنِي عَنْ ذَلِكَ، كُنْتُ غُلامًا لِجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ، وكانَ عَمُّهُ طُعَيْمَةُ بْنُ عَدِيٍّ قَدْ أُصِيبَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمّا سارَتْ قُرَيْشٌ إلى أُحُدٍ قالَ لِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ عَمَّ مُحَمَّدٍ بِعَمِّي طُعَيْمَةَ فَأنْتَ عَتِيقٌ. قالَ: فَخَرَجْتُ، وكُنْتُ حَبَشِيًّا أقْذِفُ بِالحَرْبَةِ قَذْفَ الحَبَشَةِ قَلَّما أُخْطِئُ بِها شَيْئًا، فَلَمّا التَقى النّاسُ خَرَجْتُ أنْظُرُ حَمْزَةَ وأتَبَصَّرُهُ حَتّى رَأيْتُهُ في عُرْضِ الجَيْشِ مِثْلَ الجَمَلِ الأوْرَقِ يَهُدُّ النّاسَ بِسَيْفِهِ هَدًّا ما يَقُومُ لَهُ شَيْءٌ، فَواللَّهِ إنِّي لَأتَهَيَّأُ لَهُ وأسْتَتِرُ مِنهُ بِحَجَرٍ أوْ شَجَرٍ لِيَدْنُوَ مِنِّي إذْ تَقَدَّمَنِي إلَيْهِ سِباعُ بْنُ عَبْدِ العُزّى، فَلَمّا رَآهُ حَمْزَةُ قالَ: ها يا ابْنَ مُقَطِّعَةِ البُظُورِ. قالَ: ثُمَّ ضَرَبَهُ، فَواللَّهِ ما أخْطَأ رَأْسَهُ، وهَزَزْتُ حَرْبَتِي حَتّى إذا ما رَضِيتُ مِنها دَفَعْتُها إلَيْهِ، فَوَقَعَتْ في ثُنَّتِهِ حَتّى خَرَجَتْ مِن بَيْنِ رِجْلَيْهِ، فَذَهَبَ لِيَنُوءَ نَحْوِي فَغُلِبَ، وتَرَكْتُهُ حَتّى ماتَ، ثُمَّ أتَيْتُهُ فَأخَذْتُ حَرْبَتِي، ثُمَّ رَجَعْتُ إلى النّاسِ فَقَعَدْتُ في العَسْكَرِ، ولَمْ يَكُنْ لِي بِغَيْرِهِ حاجَةٌ، إنَّما قَتَلْتُهُ لِأُعْتَقَ. فَلَمّا قَدِمْتُ مَكَّةَ أُعْتِقْتُ، فَأقَمْتُ بِها حَتّى فَشا فِيها الإسْلامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إلى الطّائِفِ فَأرْسَلُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رُسُلًا، وقِيلَ لِي: إنَّ مُحَمَّدًا لا يَهِيجُ الرُّسُلَ. قالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهم حَتّى قَدِمْتُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمّا رَآنِي قالَ: ”أنْتَ وحْشِيٌّ ؟“ . قُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: ”أنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ ؟“ . قُلْتُ: قَدْ كانَ مِنَ الأمْرِ ما قَدْ بَلَغَكَ. قالَ: ”فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُغَيِّبَ وجْهَكَ عَنِّي ؟“ . فَخَرَجْتُ. قالَ: فَلَمّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وخَرَجَ النّاسُ إلى مُسَيْلِمَةَ الكَذّابِ قُلْتُ: لَأخْرُجَنَّ إلى مُسَيْلِمَةَ لَعَلِّي أقْتُلُهُ فَأُكافِئَ بِهِ حَمْزَةَ. فَخَرَجْتُ مَعَ النّاسِ، فَكانَ مِن أمْرِهِ ما كانَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب