قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانِهِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَزَلَتْ في عَمّارِ بْنِ ياسِرٍ، وذَلِكَ أنَّ المُشْرِكِينَ أخَذُوهُ وأباهُ ياسِرًا، وأُمَّهُ سُمَيَّةَ، وصُهَيْبًا، وبِلالًا، وخَبّابًا، وسالِمًا، فَعَذَّبُوهم، فَأمّا سُمَيَّةُ فَإنَّها رُبِطَتْ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ، ووُجِئَ قُبُلُها بِحَرْبَةٍ، وقِيلَ لَها: إنَّكِ أسْلَمْتِ مِن أجْلِ الرِّجالِ. فَقُتِلَتْ، وقُتِلَ زَوْجُها ياسِرٌ، وهُما أوَّلُ قَتِيلَيْنِ قُتِلا في الإسْلامِ. وأمّا عَمّارٌ فَإنَّهُ أعْطاهم ما أرادُوا بِلِسانِهِ مُكْرَهًا، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِأنَّ عَمّارًا كَفَرَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ”كَلّا، إنَّ عَمّارًا مُلِئَ إيمانًا مِن قَرْنِهِ إلى قَدَمِهِ، واخْتَلَطَ الإيمانُ بِلَحْمِهِ ودَمِهِ“ . فَأتى عَمّارٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وهو يَبْكِي، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ ويَقُولُ: ”إنْ عادُوا لَكَ فَحَدِّثْهم بِما قُلْتَ“ . فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.
وقالَ مُجاهِدٌ: نَزَلَتْ في ناسٍ مِن أهْلِ مَكَّةَ آمَنُوا، فَكَتَبَ إلَيْهِمُ المُسْلِمُونَ بِالمَدِينَةِ أنْ هاجِرُوا؛ فَإنّا لا نَراكم مِنّا حَتّى تُهاجِرُوا إلَيْنا. فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ المَدِينَةَ، فَأدْرَكَتْهم قُرَيْشٌ بِالطَّرِيقِ فَفَتَنُوهم مُكْرَهِينَ. فَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
{"ayah":"مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِیمَـٰنِهِۦۤ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَىِٕنُّۢ بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرࣰا فَعَلَیۡهِمۡ غَضَبࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}