الباحث القرآني

* الوقفات التدبرية ١- ﴿وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ مجيء ﴿قدَّمت﴾ بصيغة الماضي حث على الإسراع في العمل وعدم التأخير؛ لأنه لم يملك إلا ما قدم في الماضي، والمستقبل ليس بيده، ولا يدري ما يكون فيه: ﴿وما تدري نفس ماذا تكسب غدا﴾ [لقمان: ٣٤]. [الشنقيطي: ٨/٥٤] السؤال: ما وجه مجيء ﴿قدَّمت﴾ بصيغة الماضي؟ ٢- ﴿وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ هذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه، وأنه ينبغي له أن يتفقدها؛ فإن رأى زللاً تداركه بالإقلاع عنه والتوبة النصوح والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه، وإن رأى نفسه مقصراً في أمر من أوامر الله بذل جهده واستعان بربه في تكميله وتتميمه وإتقانه، ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه وبين تقصيره؛ فإن ذلك يوجب له الحياء بلا محالة. [السعدي: ٨٥٣] السؤال: تحدث عن محاسبة النفس في ضوء هذه الآية. ٣- ﴿وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ نَسُوا۟ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمْ أَنفُسَهُمْ﴾ وأما إنساؤه نفسَه، فهو إنساؤه لحظوظها العالية، وأسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها، وما تكمل به؛ ينسيه ذلك جميعه فلا يخطره بباله، ولا يجعله على ذكره، ولا يصرف إليه همته فيرغب فيه؛ فإنه لا يمر بباله حتى يقصده ويؤثره, وأيضاًً فينسيه عيوب نفسه ونقصها وآفاتها فلا يخطر بباله إزالتها. [ابن القيم: ٣/١٤٧] السؤال: كيف ينسى العبد نفسه؟ ٤- ﴿وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ نَسُوا۟ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ﴾ ﴿فأنساهم أنفسهم﴾ كأن السامع سأل: ماذا كان أثر إنساء الله إياهم أنفسهم؟ فأجيب بأنهم بلغوا بسبب ذلك منتهى الفسق في الأعمال السيئة حتى حقّ عليهم أن يقال: إنه لا فسق بعد فسقهم. [ابن عاشور: ٢٨/١١٤] السؤال: ما أثر إنساء الله إياهم أنفسهم؟ ٥- ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُۥ خَٰشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ﴾ حث على تأمل مواعظ القرآن، وبين أنه لا عذر في ترك التدبر؛ فإنه لو خوطب بهذا القرآن الجبال مع تركيب العقل فيها لانقادت لمواعظه، ولرأيتها على صلابتها ورزانتها خاشعة متصدعة -أي متشققة- من خشية الله. [القرطبي: ٢٠/٣٨٨] السؤال: هل لأحد عذر في ترك تدبر القرآن بعد هذا البيان؟ ٦- ﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ۖ هُوَ ٱلرَّحْمَٰنُ ٱلرَّحِيمُ﴾ ثم أعقبه بالدليل على إفراده تعالى بالألوهية بما لا يشاركه غيره فيه بقوله تعالى: ﴿عالم الغيب والشهادة﴾، وهذا الدليل نص عليه على أنه دليل لوحدانية الله تعالى في مواضع أخرى. [الشنقيطي: ٨/٦٨] السؤال: ما الدليل على إفراد الله تعالى بالألوهية؟ ٧- ﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلَٰمُ ٱلْمُؤْمِنُ﴾ وذِكرُ وصف ﴿المؤمن﴾ عقب الأوصاف التي قبله إتمامٌ للاحتراس من توهّم وصفه تعالى بـ﴿الملك﴾ أنه كالملوك المعروفين بالنقائص. فأفيد أولاً نزاهة ذاته بوصف ﴿القدوس﴾، ونزاهة تصرفاته المغيَّبة عن الغدر والكَيد بوصف ﴿المؤمن﴾، ونزاهةُ تصرفاته الظاهرةِ عن الجور والظلم بوصف ﴿السلام﴾ . ابن [ابن عاشور: ٢٨/١٢١] السؤال: لماذا جاءت الأسماء الحسنى ﴿القدوس السلام المؤمن﴾ بعد اسم الله تعالى ﴿الملك﴾؟ * التوجيهات ١- تذكر دائما يوم القيامة واجعله نصب عينيك، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ ٢- موجبات التقوى كثيرة؛ فمنها تذكر الآخرة، ومنها استشعار عظمة الله، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ﴾ ٣- احرص على الخشوع عند قراءة القرآن، ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا ٱلْقُرْءَانَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُۥ خَٰشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ﴾ * العمل بالآيات ١- تأمل أعمالك في الأسبوع الماضي، واستخرج ثلاث عبادات عملتها، واحمد الله عليها، ثم استخرج ثلاثة أخطاء، واستغفر الله منها، ﴿وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ ٢- احرص هذا اليوم على أدعية الدخول والخروج من المنزل، وأذكار الصباح والمساء، ﴿وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ نَسُوا۟ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ﴾ ٣- ادع الله تعالى بأسمائه الحسنى الواردة في هذه السورة: ﴿هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلَٰمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ * معاني الكلمات ﴿وَلْتَنْظُرْ﴾ وَلْتَتَدَبَّرْ. ﴿نَسُوا اللَّهَ﴾ تَرَكُوا أَدَاءَ حَقِّهِ. ﴿فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾ بِحَيْثُ غَفَلُوا عَنْ حُظُوظِ أَنْفُسِهِمْ فِي الآخِرَةِ. ﴿مُتَصَدِّعًا﴾ مُتَشَقِّقًا. ﴿لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ لاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ هُوَ. ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾ عَالِمُ السِّرِّ، وَمَا غَابَ عَنِ الأَعْيُنِ. ﴿وَالشَّهَادَةِ﴾ وَ عَالِمُ كُلِّ مُعْلَنٍ، وَحَاضِرٍ. ﴿الرَّحْمَانُ﴾ الَّذِي وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كَلَّ شَيْءٍ، أَوِ الرَّحْمَةُ صِفَتُهُ. ﴿الرَّحِيمُ﴾ الَّذِي يَرْحَمُ المُؤْمِنِينَ خَاصَّةً، أَوِ الرَّحْمَةُ فِعْلُهُ. ﴿السَّلاَمُ﴾ المُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، الَّذِي سَلِمَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ. ﴿الْمُؤْمِنُ﴾ المُصَدِّقُ رُسُلَهُ بِالمُعْجِزَاتِ، وَالآيَاتِ البَيِّنَاتِ. ﴿الْمُهَيْمِنُ﴾ الرَّقِيبُ عَلَى كُلِّ خَلْقِهِ. ﴿الْعَزِيزُ﴾ القَوِيُّ الغَالِبُ الَّذِي لاَ يُغْلَبُ. ﴿الْجَبَّارُ﴾ الَّذِي قَهَرَ جَمِيعَ العِبَادِ. ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ﴾ تَنَزَّهَ اللهُ تَعَالَى. ﴿الْخَالِقُ﴾ المُقَدِّرُ لِلأَشْيَاءِ، وَالمُوجِدُ لَهَا. ﴿الْبَارِىءُ﴾ الَّذِي يُصْدِرُ خَلْقَهُ عَلَى الكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَشَاؤُهَا. ﴿الْحُسْنَى﴾ الَّتِي لاَ أَحْسَنَ مِنْهَا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب