* الوقفات التدبرية
١- ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ﴾
قال الفراء: هو مثل ضربه الله سبحانه لمن اتخذ من دونه آلهة لا تنفعه ولا تضره؛ كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حراً ولا برداً...أي: لو علموا أن عبادة الأوثان كاتخاذ بيت العنكبوت التي لا تغني عنهم شيئا، وأن هذا مثلهم لما عبدوها. [القرطبي:١٦/٣٦٣]
السؤال: بين وجه الشبه بين بيت العنكبوت والقبور والأضرحة التي تُعبد من دون الله.
٢- ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ﴾
فالمشركون أشبهوا العنكبوت في الغرور بما أعدوه ، وأولياؤهم أشبهوا بيت العنكبوت في عدم الغناء عمن اتخذوها وقت الحاجة إليها وتزول بأقل تحريك. [ابن عاشور:٢٠/٢٥٢]
السؤال: ما وجه شبه المشركين وأوليائهم بالعنكبوت وبيتها؟
٣- ﴿وَتِلْكَ ٱلْأَمْثَٰلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلَّا ٱلْعَٰلِمُونَ﴾
لا يفهم مغزاها إلا الذين كمُلت عقولهم؛ فكانوا علماء غير سفهاء الأحلام. وفي هذا تعريض بأن الذين لم ينتفعوا بها جهلاء العقول، فما بالك بالذين اعتاضوا عن التدبر في دلالتها باتخاذها هُزءاً وسخرية. [ابن عاشور:٢٠/٢٥٦]
السؤال: ما خطورة عدم تدبر أمثال القرآن؟
٤- ﴿وَتِلْكَ ٱلْأَمْثَٰلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلَّا ٱلْعَٰلِمُونَ﴾
والسبب في ذلك أن الأمثال التي يضربها الله في القرآن إنما هي للأمور الكبار، والمطالب العالية، والمسائل الجليلة، فأهل العلم يعرفون أنها أهم من غيرها لاعتناء الله بها، وحثه عباده على تعقلها وتدبرها، فيبذلون جهدهم في معرفتها. [السعدي:٦٣١]
السؤال: لماذا خُصَّت معرفة الأمثال بالعالمين؟
٥- ﴿ٱتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ﴾
والإكثار في تلاوته يزيد بصيرة في أمره، ويفتح كنوز الدقائق من علمه، وهو أكرم من أن ينيل قارئه فائده، وأجلّ من أن يعطي قياد فوائده، ويرفع الحجاب عن جواهره وفرائده في أول مرة، بل كلما ردده القارىء بالتدبر حباه بكنز من أسراره، ومهما زاد زاده من لوامع أنواره، إلى أن يقطع بأن عجائبه لا تعد، وغرائبه لا تحد. [البقاعي:١٤/ ٤٤٧]
السؤال: متى يستفيد المسلم من تلاوة القرآن؟
٦- ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ ۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ﴾
روي عن بعض السلف أنه كان إذا قام إلى الصلاة ارتعد واصفر لونه، فكُلِّم في ذلك، فقال: إني واقف بين يدي الله تعالى، وحق لي هذا مع ملوك الدنيا، فكيف مع ملك الملوك؟! فهذه صلاة تنهى ولا بد عن الفحشاء والمنكر. ومن كانت صلاته دائرة حول الإجزاء؛ لا خشوع فيها، ولا تذكر، ولا فضائل، -كصلاتنا وليتها تجزي- فتلك تترك صاحبها من منزلته حيث كان. [القرطبي:١٦/٣٦٧]
السؤال: ما نوع الصلاة التي تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر؟
٧- ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ ۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ﴾
إذا كان المصلي خاشعاً في صلاته، متذكراً لعظمة من وقف بين يديه؛ حمله ذلك على التوبة من الفحشاء والمنكر؛ فكأن الصلاة ناهية عن ذلك. [ابن جزي:٢/١٦٠]
السؤال: كيف تكون الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر؟
* التوجيهات
١- من عدل الله تبارك وتعالى أنه لا يعذّب أحداً إلا بما كسب، ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنۢبِهِۦ﴾
٢- تذكر أن الله تعالى لا يظلم الناس شيئاً، وإنما يظلم العبد نفسه، بالذنوب، ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾
٣- فضل العلم، وأنه من أسباب الانتفاع بما يضرب الله للعباد من أمثال, ﴿وَتِلْكَ ٱلْأَمْثَٰلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلَّا ٱلْعَٰلِمُونَ﴾
* العمل بالآيات
١- استعذ بالله من الكبر؛ فهو من أسباب رد الحق،﴿ۖ وَلَقَدْ جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَٱسْتَكْبَرُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَمَا كَانُوا۟ سَٰبِقِينَ﴾
٢- اتل سورة من سور القرآن، فهو الوحي الذي تستنير به القلوب، وتصلح به أمور الدنيا والدين ﴿ٱتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ﴾
٣- أدّ الصلوات الخمس في أحسن حال حتى تكون مانعة لك من فحش أعمال القلوب؛ كالمحبة والخوف ومانعة من منكرات الجوارح، ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ ۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ﴾
* معاني الكلمات
﴿وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ﴾ فَائِتِينَ مِنْ عَذَابِ اللهِ.
﴿أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ﴾ أَخَذْنَا المَذْكُورِينَ بِعَذَابِنَا بِسَبَبِ ذُنُوبِهِمْ.
﴿حَاصِبًا﴾ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مَنْضُودٍ.
﴿الصَّيْحَةُ﴾ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ مُهْلِكٌ.
﴿أَوْهَنَ﴾ أَضْعَفَ.
﴿وَمَا يَعْقِلُهَا﴾ يَتَدَبَّرُهَا، وَيَفْهَمُهَا.
﴿أَكْبَرُ﴾ أَعْظَمُ وَأَفْضَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
{"ayahs_start":39,"ayahs":["وَقَـٰرُونَ وَفِرۡعَوۡنَ وَهَـٰمَـٰنَۖ وَلَقَدۡ جَاۤءَهُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانُوا۟ سَـٰبِقِینَ","فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِ حَاصِبࣰا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّیۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیَظۡلِمَهُمۡ وَلَـٰكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ","مَثَلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِیَاۤءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَیۡتࣰاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُیُوتِ لَبَیۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ","إِنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا یَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مِن شَیۡءࣲۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ","وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَـٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا یَعۡقِلُهَاۤ إِلَّا ٱلۡعَـٰلِمُونَ","خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ","ٱتۡلُ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ"],"ayah":"فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِ حَاصِبࣰا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّیۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیَظۡلِمَهُمۡ وَلَـٰكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ"}