الباحث القرآني

* الوقفات التدبرية ١- ﴿فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُم﴾ إنما جعلت بلقيس قبول الهدية أو ردها علامة على ما في نفسها، على ما ذكرناه من كون سليمان ملكا أو نبيا؛ لأنه قال لها في كتابه: ﴿ألا تعلوا عليَّ وأتوني مسلمين﴾، وهذا لا تقبل فيه فدية، ولا يؤخذ عنه هدية، وليس هذا من الباب الذي تقرر في الشريعة عن قبول الهدية بسبيل، وإنما هي رشوة وبيع الحق بالباطل، وهى الرشوة التي لا تحل. وأما الهدية المطلقة للتحبب والتواصل فإنها جائزة من كل أحد وعلى كل حال. [القرطبي:١٦/١٥٩] السؤال: لم رد سليمان- عليه السلام- الهدية؟ ٢- ﴿بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ فالمعنى: أنتم تفرحون بما يهدى إليكم لقصور همتكم على الدنيا، وحبكم الزيادة فيها، ففي ذلك من الحط عليهم ما لا يخفى. [الألوسي:١٠/١٩٥] السؤال: الداعية إلى الحق والهدى لا ينبغي له الاغترار بزخرف الدنيا. كيف تستنبط هذا من الآية؟ ٣- ﴿قَالَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمَلَؤُا۟ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا﴾ قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في السبب الذي من أجله خص سليمان بسؤاله الملأ من جنده بإحضاره عرش هذه المرأة دون سائر ملكها عندنا -ليجعل ذلك حجة عليها في نبوته، ويعرفها بذلك قدرة الله، وعظيم شأنه- أنها خلفته في بيت في جوف أبيات؛ بعضها في جوف بعض، مغلق، مقفل عليها، فأخرجه الله من ذلك كله بغير فتح أغلاق وأقفال، حتى أوصله إلى وليه من خلقه وسلمه إليه، فكان لها في ذلك أعظم حجة على حقيقة ما دعاها إليه سليمان، وعلى صدق سليمان فيما أعلمها من نبوته. [الطبري:١٩/٤٦٣] السؤال: لماذا طلب سليمان إحضار عرش الملكة دون سائر ملكها؟ ٤- ﴿الَ عِفْرِيتٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّى عَلَيْهِ لَقَوِىٌّ أَمِينٌ (٣٩) قَالَ ٱلَّذِى عِندَهُۥ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِىٓ ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ وهذه المناظرة بين العفريت من الجن والذي عنده علم من الكتاب ترمز إلى أنه يتأتى بالحكمة والعلم ما لا يتأتى بالقوة. [ابن عاشور:١٩/٢٧١] السؤال: كيف دلت الآية الكريمة على فضل العلم والحكمة؟ ٥- ﴿فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِىٓ ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ ﴿قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ أي: ليختبرني بذلك؛ فلم يغتر عليه السلام بملكه وسلطانه وقدرته كما هو دأب الملوك الجاهلين، بل علم أن ذلك اختبار من ربه فخاف أن لا يقوم بشكر هذه النعمة، ثم بين أن هذا الشكر لا ينتفع الله به، وإنما يرجع نفعه إلى صاحبه، فقال: ﴿وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾. [السعدي:٦٠٥] السؤال: ما الفارق الرئيس بين الملوك الصالحين والملوك الجاهلين؟ ٦- ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِۦ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِىٌّ كَرِيمٌ﴾ ﴿ومن شكر فإنما يشكر لنفسه﴾ أي: يعود نفع شكره إليه؛ وهو أن يستوجب به تمام النعمة ودوامها؛ لأن الشكر قيد النعمة الموجودة وصيد النعمة المفقودة، ﴿ومن كفر فإن ربي غني﴾ عن شكره، ﴿كريم﴾ بالإفضال على من يكفر نعمه. [البغوي:٣/٤٠٤] السؤال: ما فائدة شكر النعمة؟ ٧- ﴿فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِىٓ ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ ﴿من فضل ربي﴾ أي: تفضله جل شأنه عليّ من غير استحقاق ذاتي لي له، ولا عمل مني يوجبه عليه سبحانه وتعالى. [الألوسي:١٠/١٩٩] السؤال: من أعظم الشكر للنعمة نسبتها إلى المتفضل بها سبحانه. بين ذلك من الآية؟ * التوجيهات ١- مقاييس أهل الآخرة تختلف عن مقاييس أهل الدنيا؛ ولذلك لا يفرحون بالدنيا كما يفرح بها أهلها, ﴿فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ﴾ ٢- اعلم أن أجل النعم هي نعمة الدين، وأما الدنيا فهي إلى زوال، لا يركن المؤمن إليها، ﴿فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُم﴾ ٣- تأمل في اجتماع الوصفين: الغنى والكرم لله عز وجل، ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِىٌّ كَرِيمٌ﴾ * العمل بالآيات ١- اكتب رسالة تبيّن فيها خطر تقديم الدنيا على الدين، ﴿فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُم﴾ ٢- ألقِ كلمة، أو اكتب رسالة عبر الهاتف الجوال، تحذر فيها من الرشوة، ﴿فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُم﴾ ٣- تذكر ثلاثا من النعم التي أنعم الله بها عليك، ثم اشكره عليها؛ حتى يبارك لك فيها, ﴿ۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِىٓ ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِۦ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِىٌّ كَرِيمٌ﴾ * معاني الكلمات ﴿لاَ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا﴾ لاَ طَاقَةَ لَهُمْ بِمُقَاوَمَةِ الجُنُودِ. ﴿صَاغِرُونَ﴾ مُهَانُونَ. ﴿الْمَلأَ﴾ مَنْ سَخَّرَهُمُ اللهُ لَهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ. ﴿عِفْرِيتٌ﴾ مَارِدٌ قَوِيٌّ شَدِيدٌ. ﴿مَقَامِكَ﴾ مَجْلِسِكَ. ﴿يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ قَبْلَ ارْتِدَادِ أَجْفَانِكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى شَيْءٍ. ﴿مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ﴾ حَاضِرًا لَدَيْهِ ثَابِتًا عِنْدَهُ. ﴿نَكِّرُوا﴾ غَيِّرُوا. ﴿الصَّرْحَ﴾ القَصْرَ، وَكَانَ صَحْنُهُ مِنْ زُجَاجٍ تَحْتَهُ مَاءٌ. ﴿حَسِبَتْهُ لُجَّةً﴾ ظَنَّتْهُ مَاءً غَزِيرًا. ﴿مُمَرَّدٌ﴾ مُمَلَّسٌ مُسَوًّى. ﴿مِنْ قَوَارِيرَ﴾ مِنْ زُجَاجٍ صَافٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب