* الوقفات التدبرية
١- ﴿وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا﴾
﴿واصبر نفسك﴾ أي: احبسها صابراً ﴿مع الذين يدعون ربهم﴾: هم فقراء المسلمين: كبلال، وخباب، وصهيب. وكان الكفار قد قالوا له: اطرد هؤلاء نجالسك نحن. [ابن جزي:١/٥٠٧ ]
السؤال: يتعامل الداعية في دعوته مع مختلف الطبقات, فما المنهج القرآني في التعامل معهم؟
٢- ﴿وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ﴾
في الآية استحباب الذكر والعبادة والدعاء طرفي النهار؛ لأن الله مدحهم بفعله، وكل فعل مدح الله فاعله دل ذلك على أن الله يحبه، وإذا كان يحبه فإنه يأمر به، ويُرَغِّبُ فيه. [السعدي:٤٧٥]
السؤال: كيف تستدل بالآية على مشروعية أذكار الصباح والمساء؟
٣- ﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا﴾
﴿تريد زينة الحياة الدنيا﴾: فإن هذا ضار غير نافع، قاطع عن المصالح الدينية؛ فإن ذلك يوجب تعلق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار والهواجس فيها، وتزول من القلب الرغبة في الآخرة؛ فإن زينة الدنيا تروق للناظر، وتسحر العقل، فيغفل القلب عن ذكر الله، ويُقْبِل على اللذات والشهوات، فيضيع وقته، وينفرط أمره. [السعدي:٤٧٥]
السؤال: ما ضرر محبة الدنيا على الآخرة؟
٤- ﴿ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا﴾
ودلت الآية على أن الذي ينبغي أن يُطاع ويكون إماماً للناس من امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك على لسانه؛ فلهج بذكر الله، واتبع مراضيَ ربه؛ فقدمها على هواه؛ فحفظ بذلك ما حفظ من وقته، وصلحت أحواله، واستقامت أفعاله، ودعا الناس إلى ما مَنَّ الله به عليه، فحقيق بذلك أن يتبع ويجعل إماماً. [السعدي:٤٧٥]
السؤال: لا بُدَّ للإنسان أن يُقَلِّدَ غيره ويتبعه في بعض الأمور الدينية، أو في الأمور الدنيوية، فمن الذي يجب علينا اتباعه؟ ومن الذي يجب علينا مفارقته؟
٥- ﴿وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾
الله يؤتى الحق من يشاء وإن كان ضعيفا، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا، ولست بطارد المؤمنين لهواكم، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا. [القرطبي ١٣/٢٦٠]
السؤال: عطايا الآخرة والحرمان منها هل يعودان إلى غنى الإنسان وفقره؟
٦- ﴿وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾
وقدم الإيمان على الكفر؛ لأن إيمانهم مرغوب فيه. [ابن عاشور:١٥/٣٠٧]
السؤال: لماذا قدم الإيمان على الكفر في هذه الآية ؟
٧- ﴿وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾
قال قتادة: تلك والله أمنية الفاجر: كثرة المال، وعزة النفر. [ابن كثير:٣/٨١]
السؤال: ما غاية أمنية الكافر؟ وما الذي يفيده المسلم من هذا؟
* التوجيهات
١- اجعل لك ورداً تحرص عليه في أذكار الصباح والمساء، ﴿وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ﴾
٢- عليك بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم ومخالطتهم، وإن كانوا فقراء، واحذر أن تلهيك الدنيا عن ذلك، ﴿وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ﴾
٣- من أعظم العقوبات أن تُعَاقَبَ على بعض المعاصي بأن يُجعل قلبُك غافلاً عن ذكر الله تعالى، ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا﴾
* العمل بالآيات
١- شارك في برنامج دعوي مع مجموعة من الصالحين, ﴿وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ﴾
٢- ابحث عن رجل من الأخيار وصاحبه، واصبر نفسك على مصاحبته واحتسبها عبادة لله سبحانه، ﴿وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾
٣- استعذ بالله من أن تتكبر بسبب ما وهبك الله من النعم, واسأل الله أن يجعلها عونا لك على عبادته، ﴿وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾
* معاني الكلمات
﴿بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ فِي الصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ.
﴿وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ﴾ لاَ تَصْرِفْ نَظَرَكَ.
﴿فُرُطًا﴾ هَلاَكًا، وَضَيَاعًا.
﴿سُرَادِقُهَا﴾ سُورُهَا.
﴿كَالْمُهْلِ﴾ كَالزَّيْتِ العَكِرِ.
﴿وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾ قَبُحَتْ مَنْزِلاً وَمَقَامًا.
﴿عَدْنٍ﴾ إِقَامَةٍ.
﴿سُنْدُسٍ﴾ رَقِيقِ الحَرِيرِ.
﴿وَإِسْتَبْرَقٍ﴾ غَلِيظِ الحَرِيرِ.
﴿الأَرَائِكِ﴾ الأَسِرَّةِ المُزَيَّنَةِ بِالسُّتُورِ الجَمِيلَةِ.
﴿جَنَّتَيْنِ﴾ حَدِيقَتَيْنِ.
﴿وَحَفَفْنَاهُمَا﴾ أَحَطْنَاهُمَا.
﴿آتَتْ أُكُلَهَا﴾ أَثْمَرَتْ ثَمَرَهَا.
﴿تَظْلِمْ﴾ تَنْقُصْ.
﴿خِلاَلَهُمَا﴾ بَيْنَهُمَا.
﴿ثَمَرٌ﴾ ثِمَارٌ، وَأَمْوَالٌ أُخْرَى كَثِيرَةٌ.
﴿نَفَرًا﴾ أَنْصَارًا، وَأَعْوَانًا.
{"ayahs_start":28,"ayahs":["وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَیۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِیدُ زِینَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا","وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَاۤءَ فَلۡیُؤۡمِن وَمَن شَاۤءَ فَلۡیَكۡفُرۡۚ إِنَّاۤ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّـٰلِمِینَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن یَسۡتَغِیثُوا۟ یُغَاثُوا۟ بِمَاۤءࣲ كَٱلۡمُهۡلِ یَشۡوِی ٱلۡوُجُوهَۚ بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاۤءَتۡ مُرۡتَفَقًا","إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ یُحَلَّوۡنَ فِیهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبࣲ وَیَلۡبَسُونَ ثِیَابًا خُضۡرࣰا مِّن سُندُسࣲ وَإِسۡتَبۡرَقࣲ مُّتَّكِـِٔینَ فِیهَا عَلَى ٱلۡأَرَاۤىِٕكِۚ نِعۡمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتۡ مُرۡتَفَقࣰا","۞ وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلࣰا رَّجُلَیۡنِ جَعَلۡنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَیۡنِ مِنۡ أَعۡنَـٰبࣲ وَحَفَفۡنَـٰهُمَا بِنَخۡلࣲ وَجَعَلۡنَا بَیۡنَهُمَا زَرۡعࣰا","كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَیۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَیۡـࣰٔاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَـٰلَهُمَا نَهَرࣰا","وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرࣱ فَقَالَ لِصَـٰحِبِهِۦ وَهُوَ یُحَاوِرُهُۥۤ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالࣰا وَأَعَزُّ نَفَرࣰا"],"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ یُحَلَّوۡنَ فِیهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبࣲ وَیَلۡبَسُونَ ثِیَابًا خُضۡرࣰا مِّن سُندُسࣲ وَإِسۡتَبۡرَقࣲ مُّتَّكِـِٔینَ فِیهَا عَلَى ٱلۡأَرَاۤىِٕكِۚ نِعۡمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتۡ مُرۡتَفَقࣰا"}