الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ﴿يا أيها النبي جاهد الكفار﴾ ، بالسيف والسلاح = ﴿والمنافقين﴾ .
* * *
واختلف أهل التأويل في صفة "الجهاد" الذي أمر الله نبيه به في المنافقين. [[انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف ص: ٢٥٧، تعليق: ١، والمراجع هناك.
= وتفسير " المنافق " فيما سلف ص: ٣٣٩؛ تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] فقال بعضهم: أمره بجهادهم باليد واللسان، وبكل ما أطاق جهادَهم به.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٩٦١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، ويحيى بن آدم، عن حسن بن صالح، عن علي بن الأقمر، عن عمرو بن جندب، عن ابن مسعود في قوله: ﴿جاهد الكفار والمنافقين﴾ ، قال: بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فليكفهرَّ في وجهه. [[الأثر: ١٦٩٦١ - " حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا.
و" يحيى بن آدم "، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا.
و"حسن بن صالح بن صالح بن حي الثوري"، ثقة، مضى مرارًا.
و" علي بن الأقمر الوادعي الهمداني "، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا.
و" عمرو بن أبي جندب " أو " عمرو بن جندب "، هو " أبو عطية الوادعي "، مختلف في اسمه. ترجم له في التهذيب، في الأسماء، وفي الكنى، وقال: " قال البخاري في تاريخه: روى عنه أبو إسحاق، وعلي بن الأقمر "، ثم قال: " والصواب أنه وإن كان يكنى أبا عطية، فإنه غير الوادعي ". وهو ثقة، من أصحاب عبد الله بن مسعود. ترجم له ابن أبي حاتم ٣ \ ١ \ ٢٢٤ باسم " عمرو بن جندب "، وكان في المطبوعة " عمرو بن جندب "، ولكني أثبت ما في المخطوطة، وهما صواب كما ترى.
وهذا الخبر، خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٤٨، ونسبه إلى ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا في كتاب الأمر بالمعروف، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان.
وقوله: " فليكفهر في وجهه ": أي فليلقه بوجه منقبض عابس لإطلاقه فيه ولا بشر ولا انبساط.]]
* * *
وقال آخرون: بل أمره بجهادهم باللسان.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٩٦٢- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم﴾ ، فأمره الله بجهاد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان، وأذهبَ الرفق عنهم.
١٦٩٦٣- حدثنا القاسم قال، حدثني الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: ﴿جاهد الكفار والمنافقين﴾ ، قال: "الكفار"، بالقتال، و"المنافقين"، أن يغلُظ عليهم بالكلام.
١٦٩٦٤- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم﴾ ، يقول: جاهد الكفار بالسيف، وأغلظ على المنافقين بالكلام، وهو مجاهدتهم.
* * *
وقال آخرون: بل أمره بإقامة الحدود عليهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٩٦٥- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن: ﴿جاهد الكفار والمنافقين﴾ ، قال: جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين بالحدود، أقم عليهم حدودَ الله.
١٦٩٦٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم﴾ ، قال: أمر الله نبيّه ﷺ أن يجاهد الكفار بالسيف، ويغلظ على المنافقين في الحدود.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب، ما قال ابن مسعود: من أنّ الله أمر نبيَه ﷺ من جهاد المنافقين، بنحو الذي أمرَه به من جهاد المشركين.
فإن قال قائل: فكيف تركهم ﷺ مقيمين بين أظُهرِ أصحابه، مع علمه بهم؟ قيل: إن الله تعالى ذكره إنما أمر بقتال من أظهرَ منهم كلمةَ الكفر، ثم أقام على إظهاره ما أظهر من ذلك. وأمّا مَنْ إذا اطُّلع عليه منهم أنه تكلم بكلمة الكفر وأُخِذ بها، أنكرها ورجع عنها وقال: "إني مسلم"، فإن حكم الله في كلّ من أظهر الإسلام بلسانه، أن يحقِنَ بذلك له دمه وماله، وإن كان معتقدًا غير ذلك، وتوكَّل هو جلّ ثناؤه بسرائرهم، ولم يجعل للخلق البحثَ عن السرائر. فلذلك كان النبيّ ﷺ، مع علمه بهم وإطْلاع الله إياه على ضمائرهم واعتقاد صُدورهم، كان يُقِرّهم بين أظهر الصحابة، ولا يسلك بجهادهم مسلك جهاد من قد ناصبَه الحرب على الشرك بالله، لأن أحدهم كان إذا اطُّلِع عليه أنه قد قال قولا كفر فيه بالله، ثم أخذ به أنكره وأظهر الإسلام بلسانه. فلم يكن ﷺ يأخذه إلا بما أظهر له من قوله، عند حضوره إياه وعزمه على إمضاء الحكم فيه، دون ما سلف من قولٍ كان نطقَ به قبل ذلك، ودون اعتقاد ضميرِه الذي لم يبح الله لأحَدٍ الأخذ به في الحكم، وتولَّى الأخذَ به هو دون خلقه.
* * *
وقوله: ﴿واغلظ عليهم﴾ ، [[انظر تفسير " الغلظة " فيما سلف ٧: ٣٤١.]] يقول تعالى ذكره: واشدد عليهم بالجهاد والقتال والإرْهاب. [[في المطبوعة: " والإرعاب " بالعين، خالف ما هو الصواب في العربية، وفي المخطوطة إنما يقال: " رعبه يرعبه رعبًا، فهو مرعوب ورعيب و " رعبه " ترعيبًا "، ونصوا فقالوا: " ولا تقل: أرعبه ".]]
* * *
وقوله: ﴿ومأواهم جهنم﴾ ، يقول: ومساكنهم جهنم، وهي مثواهم ومأواهم [[انظر تفسير " المأوى " فيما سلف ص: ٧٧، تعليق: والمراجع هناك.]] = ﴿وبئس المصير﴾ ، يقول: وبئس المكان الذي يُصَار إليه جهنَّمُ. [[انظر تفسير " المصير " فيما سلف ١٣: ٤٤١ تعليق: ٤، والمراجع هناك.]]
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ جَـٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱغۡلُظۡ عَلَیۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق