الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وعد الله الذين صدقوا الله ورسوله، وأقرُّوا به وبما جاء به من عند الله، من الرجال والنساء = ﴿جنات تجري من تحتها الأنهار﴾ ، يقول: بساتين تجري تحت أشجارها الأنهار [[انظر تفسير "جنة" فيما سلف من فهارس اللغة (جنن) .]] = ﴿خالدين فيها﴾ ، يقول: لابثين فيها أبدًا، مقيمين لا يزول عنهم نعيمها ولا يبيد [[انظر تفسير "الخلود" فيما سلف من فهارس اللغة (خلد) .]] = ﴿ومساكن طيبة﴾ ، يقول: ومنازل يسكنونها طيبةً. [[انظر تفسير " طيبة " فيما سلف من فهارس اللغة (طيب) .]]
و"طيبها" أنها، فيما ذكر لنا، كما:-
١٦٩٤٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن جَسْر، عن الحسن قال: سألت عمران بن حصين وأبا هريرة عن آية في كتاب الله تبارك وتعالى: ﴿ومساكن طيبة في جنات عدن﴾ ، فقالا على الخبير سقطت! سألنا رسول الله ﷺ فقال: قصرٌ في الجنة من لؤلؤ، فيه سبعون دارًا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتًا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرًا. [[الأثر: ١٦٩٤٠ - " إسحاق بن سليمان الرازي "، شيخ أبي كريب، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٣٢٢٤.
و" جسر " هو: " جسر بن فرقد، أبو جعفر القصاب "، روى عنه إسحاق بن سليمان، وروى هو عن الحسن وغيره، وكان رجلا صالحًا، ولكنه في الحديث ليس بشيء. مترجم في الكبير ١ \ ٢ \ ٢٤٥، وقال: "ليس بذاك"، وفي ابن أبي حاتم ١ \ ١ \ ٥٣٨، وميزان الاعتدال ١: ١٨٤، ولسان الميزان ٢: ١٠٤.
وكان في المطبوعة: "إسحاق بن سليمان، عن الحسن قال سألت"، واسقط اسم "جسر"، لأنه كان في المخطوطة قد كتب: "عن الحسن، عن الحسن"، ثم ضرب الناسخ على "الألف واللام" من "الحسن" الأولى، فظنه قد ضرب عليه كله، والصواب ما أثبت، وسيأتي في الإسناد التالي.
وهذا الخبر، ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ٣٠، ٣١، وقال: " رواه البزار والطبراني في الأوسط. وفيه جسر بن فرقد، وهو ضعيف، وقد وثقه سعيد بن عامر، وبقية رجال الطبراني ثقات".
ثم خرجه في مجمع الزوائد ١٠: ٤٢٠ وقال: " رواه الطبراني، وفيه: جسر بن فرقد، وهو ضعيف"، فاختصر ما سلف.
وهو إسناد ضعيف كما قال، فقد ضعف جسر بن فرقد، البخاري وغيره من الأئمة.]]
١٦٩٤١- حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال، حدثنا قرة بن حبيب، عن جَسْر بن فرقد، عن الحسن، عن عمران بن حصين وأبي هريرة قالا سئل رسول الله ﷺ عن هذه الآية: ﴿ومساكن طيبه في جنات عدن﴾ ، قال: قصر من لؤلؤة، في ذلك القصر سبعون دارًا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتًا من زبرجدة خضراء، في كل بيت سبعون سريرًا، على كل سرير فراشًا من كل لون، على كل فراش زوجة من الحور العين، في كل بيت سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لونًا من طعام، في كل بيت سبعون وصيفة، ويعطى المؤمن من القوة في غَداةٍ واحدة ما يأتي على ذلك كله أجمع. [[١٦٩٤١ - " قرة بن حبيب بن يزيد بن شهرزاد القنوي الرماح "، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ٤١ \ ١٨٣، وابن أبي حاتم ٣ \ ٢ \ ١٣٢.
و" جسر بن فرقد " سلف في الإسناد وقبله. وكان في المطبوعة والمخطوطة: " حسن بن فرقد "، وصوابه ما أثبت.
وهو إسناد ضعيف أيضًا.]]
* * *
وأما قوله: ﴿في جنات عدن﴾ ، فإنه يعني: وهذه المساكن الطيبة التي وصفها جل ثناؤه، ﴿في جنات عدن﴾ .
* * *
و"في" من صلة "مساكن".
* * *
وقيل: "جنات عدن"، لأنها بساتين خلد وإقامة، لا يظعَنُ منها أحدٌ.
* * *
وقيل: إنما قيل لها ﴿جنات عدن﴾ ، لأنها دارُ الله التي استخلصها لنفسه، ولمن شاء من خلقه = من قول العرب: "عَدَن فلان بأرض كذا"، إذا أقام بها وخلد بها، ومنه "المَعْدِن"، ويقال: "هو في معدِن صدق"، يعني به: أنه في أصلٍ ثابت. وقد أنشد بعض الرواة بيت الأعشى:
وَإنْ يَسْتَضِيفُوا إلَى حِلْمِه ... يُضَافُوا إلَى رَاجِحٍ قَدْ عَدَن [[ديوانه: ١٧، ومخطوطة ديوانه القصيدة رقم: ١٥، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٦٤، واللسان " وزن "، وهي من كلمته الأولى التي أقبل بها على قيس بن معد يكرب الكندي، ورواية الديوان "إلى حكمه"، ولكنها في المخطوطة ومجاز القرآن كما أثبتها، ولكن المطبوعة كتب "حكمه".
يقول قبله: ولكنّ رَبِّي كَفَى غُرْبتِي ... بِحَمْدِ الإِلَهِ، فقد بَلَّغَنْ
أَخَا ثِقَةٍ عَاليًا كَعْبُهْ ... جَزيلَ العَطاء كَرِيمَ المِنَنْ
كَرِيمًا شَمائلُهُ، مِنْ بَني ... مُعَاوِيةَ الأَكْرَمِينَ السُّنَنْ
فَإنْ يَتْبَعُوا أَمْرَهُ يَرْشُدُوا ... وَإنْ يَسْأَلُوا مَالَهُ لا يَضِنّْ
و"استضاف إليه"، لجأ إليه عند الحاجة.]] وينشد: "قد وَزَن". [[في المطبوعة والمخطوطة: "قد وزن"، بالواو ورواية الديوان: "قد رزن" بالراء، وكله صحيح المعنى. وهذه التي ذكرها الطبري، هي الرواية التي فسرها صاحب اللسان في "وزن".
يقال: "وزن الشيء"، أي: رجح، و "وزن الرجل وزانة"، إذا كان متثبتًا، و "رجل وزين الرأي"، أصيله. و "رزن" بالراء مثله في المعنى، يقال: "رجل رزين"، أي: وقور.]]
* * *
وكالذي قلنا في ذلك كان ابن عباس وجماعة معه فيما ذكر، يتأوّلونه.
١٦٩٤٢- حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال، حدثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿جنات عدن﴾ ، قال: "معدن الرجل"، الذي يكون فيه.
١٦٩٤٣- حدثنا محمد بن سهل بن عسكر قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، حدثنا الليث بن سعد، عن زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عبيد، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله يفتح الذكرَ في ثلاث ساعات يبقين من الليل، في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره، فيمحو ما يشاء ويثبت. ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن، وهي في داره التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر، وهي مسكنه، ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة: النبيين، والصديقين، والشهداء، ثم يقول: طوبى لمن دخلك، وذكر في الساعة الثالثة. [[الأثران: ١٦٩٤٣، ١٦٩٤٤ - " زيادة بن محمد الأنصاري "، منكر الحديث، مترجم في التهذيب والكبير ٢ \ ١ \ ٤٠٧، وذكر إسناد هذا الخبر، وابن أبي حاتم ١ \ ٢ \ ٦١٩، وميزان الاعتدال ١: ٣٦١، وساق هذا الحديث بطوله، وفيه ذكر الساعة الثالثة، ثم قال: "وهذه ألفاظ منكرة، لم يأت بها غير زيادة".
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠: ٤١٢ وقال: "رواه البزار، وفيه زيادة بن محمد، وهو ضعيف".
وكان في المطبوعة في الخبر الأول: " الكندي سعد، عن زيادة بن محمد "، وصوابه " الليث بن سعد "، لم يحسن قراءة المخطوطة، لأنه وصل الحروف بعضها ببعض.]]
١٦٩٤٤- حدثني موسى بن سهل قال، حدثنا آدم قال، حدثنا الليث بن سعد قال، حدثنا زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن فضالة بن عبيد، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ: عدن دارُه = يعني دار الله = التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر، وهي مسكنه، ولا يسكنها معه من بني آدم غير ثلاثة: النبيين، والصديقين، والشهداء. يقول الله تبارك وتعالى: طوبى لمن دخلك. [[الأثر: ١٦٩٤٤ - انظر التعليق السالف. و "آدم"، هو "آدم بن أبي إياس".]]
* * *
وقال آخرون: معنى ﴿جنات عدن﴾ ، جنات أعناب وكروم.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٩٤٥- حدثني أحمد بن أبي سريج الرازي قال، حدثنا زكريا بن عدي قال، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث: أن ابن عباس سأل كعبًا عن جنات عدن، فقال: هي الكروم والأعناب، بالسريانية. [[الأثر: ١٦٩٤٥ - " أحمد بن أبي سريج الرازي "، هو " أحمد بن الصباح النهشلي الرازي "، شيخ أبي جعفر. روى عنه البخاري، وأبو داود، والنسائي. ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ١ \ ١ \ ٥٦.
و" زكريا بن عدي بن زريق التيمي "، ثقة، مضى برقم: ١٥٤٤٦.
و" عبيد الله بن عمرو الرقي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا، منها رقم: ٧١٨٧.
و"زيد بن أبي أنيسة الجزري"، ثقة، مضى مرارًا آخرها: ١٣٨٥٥.
و"يزيد بن أبي زياد القرشي"، مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، ثقة، يضعف حديثه. مضى مرارًا، آخرها رقم: ١٣٣٠٨.
و"عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي"، روى له الجماعة، مضى أيضا، برقم: ١٣٣٠٨.]]
* * *
وقال آخرون: هي اسم لبُطْنان الجنة ووَسطها.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٩٤٦- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا شعبة، عن سليمان الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله قال: "عدن"، بُطْنان الجنة.
١٦٩٤٧- حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان وشعبة، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله في قوله: ﴿جنات عدن﴾ ، قال: بُطْنان الجنة = قال ابن بشار في حديثه، فقلت: ما بطنانها؟ = وقال ابن المثنى في حديثه، فقلت للأعمش: ما بطنان الجنة؟ = قال: وَسطها.
١٦٩٤٨- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، وأبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله: ﴿جنات عدن﴾ ، قال: بطنان الجنة.
١٦٩٤٩-...... قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، بمثله.
١٦٩٥٠- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، مثله.
١٦٩٥١- حدثنا أحمد بن أبي سريج قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، وعبد الله بن مرة، عنهما جميعًا، أو عن أحدهما، عن مسروق، عن عبد الله: ﴿جنات عدن﴾ ، قال: بطنان الجنة.
١٦٩٥٢- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود في قول الله: ﴿جنات عدن﴾ ، قال: بُطْنان الجنة.
* * *
وقال آخرون: "عدن"، اسم لقصر.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٩٥٣- حدثني علي بن سعيد الكندي قال، حدثنا عبدة أبو غسان، عن عون بن موسى الكناني، عن الحسن قال: "جنات عدن"، وما أدراك ما جنات عدن؟ قصرٌ من ذهَب، لا يدخله إلا نبي، أو صدّيق، أو شهيد، أو حكم عدل، ورفع به صوته. [[الأثر: ١٦٩٥٣ - " عبدة، أبو غسان "، لم أعرف من يكون؟
و"عون بن موسى الكنافي الليثي"، أبو روح، ثقة سمع الحسن. مترجم في الكبير ٤ \ ١ \ ١٧، وابن أبي حاتم ٣ \ ١ \ ٣٨٦.]]
١٦٩٥٤- حدثنا أحمد بن أبي سريج قال، حدثنا عبد الله بن عاصم قال، حدثنا عون بن موسى قال: سمعت الحسن بن أبي الحسن يقول: جنات عدن، وما أدراك ما جنات عدن؟ قصر من ذهب، لا يدخله إلا نبيّ، أو صدّيق، أو شهيد، أو حكم عدل = رفع الحسن به صوته. [[الأثر: ١٦٩٥٤ - " أحمد بن أبي سريج "، مضى برقم: ١٦٩٤٥.
" عبد الله بن عاصم الحماني "، صدوق، روى عنه أبو حاتم، وأبو زرعة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ \ ٢ \ ١٣٤.
"عون بن موسى الكناني"، مضى قبله.]]
١٦٩٥٥- حدثنا أحمد قال، حدثنا يزيد قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن نافع بن عاصم، عن عبد الله بن عمرو قال: إن في الجنة قصرًا يقال له "عدن"، حوله البروج والرُّوح، له خمسون ألف باب، على كل باب حِبَرة، [["الحبرة" (بكسر الحاء وفتح الباء) : ضرب من برود اليمن منمر. وقالوا: " ليس: حبرة، موضعًا أو شيئًا معلومًا، إنما هو شيء ". وكأنه هو المراد في مثل هذا الخبر، أي: ستور موشية.]] لا يدخله إلا نبيّ أو صدّيق.
١٦٩٥٦- حدثنا الحسن بن ناصح قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء قال: سمعت يعقوب بن عاصم يحدث، عن عبد الله بن عمرو: إن في الجنة قصرًا يقال له "عدن"، له خمسة آلاف باب، على كل باب خمسة آلاف حِبَرة، لا يدخله إلا نبي أو صدّيق أو شهيد. [[الأثر: ١٦٩٥٦ - "الحسن بن ناصح"، هو "الحسن بن ناصح البصري السراج"، قال ابن أبي حاتم: "روى عن عثمان بن عثمان الغطفاني، ومعتمر بن سليمان، ومعاذ بن معاذ، ويحيى بن راشد، سمع منه أبي في المرحلة الثانية "، الجرح والتعديل ١ \ ٢ \ ٣٩، تاريخ بغداد ٧: ٤٣٥.
وهناك أيضا: " الحسن بن ناصح الخلال المخرمي "، روى عن إسحاق بن منصور، وغيره قال ابن أبي حاتم: " أدركته. ولم أكتب عنه، وكان صدوقًا "، وكأن هذا هو شيخ الطبري.
مترجم في ابن أبي حاتم ١ \ ٢ \ ٣٩، وتاريخ بغداد ٧: ٤٣٥.
وكان في المطبوعة: " الحسن بن ناجح "، وهو مخالفة لما في المخطوطة.
و" يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي "، ذكره ابن حبان في الثقات، مترجم في التهذيب، والكبير ٤ \ ٢ \ ٣٨٨، وابن أبي حاتم ٤ \ ٢ \ ٢١١.]]
* * *
وقيل: هي مدينة الجنة.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٩٥٧- حدثت عن عبد الرحمن المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: في ﴿جنات عدن﴾ ، قال: هي مدينة الجنة، فيها الرُّسُل والأنبياء والشهداء، وأئمة الهدى، والناس حولهم بعدُ، والجنات حولها.
* * *
وقيل: إنه اسم نهر.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٩٥٨- حدثت عن المحاربي، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن عطاء قال: "عدن"، نهر في الجنة، جنّاته على حافتيه.
* * *
وأما قوله: ﴿ورضوان من الله أكبر﴾ ، فإن معناه: ورضَى الله عنهم أكبر من ذلك كله، [[انظر تفسير "الرضوان" فيما سلف ص ١٧٤، تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] وبذلك جاء الخبر عن رسول الله ﷺ.
١٦٩٥٩- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال: أخبرنا ابن المبارك، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! فيقولون: لبّيك ربَّنَا وسعْدَيك! فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ما لنا لا نرضى، وقد أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحدًا من خلقك؟ فيقول: أنا أعطيكم أفضلَ من ذلك. قالوا: يا ربّ، وأيُّ شيء أفضل من ذلك! قال: أحِلّ عليكم رضوَاني، فلا اسخط عليكم بعده أبدًا. [[الأثر: ١٦٩٥٩ - هذا حديث صحيح رواه البخاري بهذا الإسناد نفسه، وبلفظه في صحيحه (الفتح ١١: ٣٦٣، ٣٦٤) ، واستوفى الكلام عليه الحافظ ابن حجر في شرحه. ورواه مسلم في صحيحه ١٧: ١٦٨، وانظر ما سلف رقم: ٦٧٥١، ١٦٥٦٧، من حديث جابر بن عبد الله، غير مرفوع، وما علقت به عليه هناك. وذكره ابن كثير في تفسيره في هذا الموضع ٤: ٢٠٢ وقال: "رواه البزار في مسنده، من حديث الثوري. وقال الحافظ الضياء المقدسي في كتابه صفة الجنة. هذا عندي على شرط الصحيح".]]
١٦٩٦٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثني يعقوب، عن حفص، عن شمر قال: يجيء القرآن يوم القيامة في صورة الرجل الشاحب، إلى الرجل حين ينشقُّ عنه قبره، فيقول: أبشر بكرامة الله! أبشر برضوان الله! فيقول مثلك من يبشِّر بالخير؟ ومن أنت؟ فيقول: أنا القرآن الذي كُنْت أسهِر ليلك، وأُظمئ نهارك! فيحمله على رقبته حتى يُوافي به ربَّه، فيمثُلُ بين يديه فيقول: يا رب، عبدك هذا، اجزه عني خيرًا، فقد كنت أسهر ليله، وأظمئ نهاره، وآمره فيطيعني، وأنهاه فيطيعني. فيقول الرب تبارك وتعالى: فله حُلَّة الكرامة. فيقول: أي ربّ، زدْهُ، فإنه أهلُ ذلك! فيقول: فله رِضْواني = قال: ﴿ورضوان من الله أكبر﴾ . [[الأثر: ١٦٩٦٠ - "يعقوب"، هو: "يعقوب بن عبد الله القمي"، ثقة، مضى مرارًا، منها: ١٣٠٤٥.
و"حفص" هو "حفص بن حميد القمي"، ثقة، مضى برقم: ٨٥١٨.
و"شمر" هو "شمر بن عطية الأسدي الكاهلي"، ثقة، مضى برقم: ١١٥٤٥.
وانظر شواهد لبعض ألفاظ هذا الخبر فيما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ١٥٩ - ١٦٥.
ولم أجد هذا الخبر مسندًا بلفظه هذا.]] وابتُدِئ الخبر عن "رضوان الله" للمؤمنين والمؤمنات أنه أكبر من كلّ ما ذكر جل ثناؤه، فرفع، وإن كان "الرضوان" فيما قد وعدهم. ولم يعطف به في الإعراب على "الجنات" و"المساكن الطيبة"، ليعلم بذلك تفضيلُ الله رضوانَه عن المؤمنين، على سائر ما قسم لهم من فضله، وأعطاهم من كرامته، نظير قول القائل في الكلام لآخر: "أعطيتك ووصلتك بكذا، وأكرمتك، ورضاي بعدُ عنك أفضل لك". [[في المطبوعة، جعل الكلام هكذا: " أفضل ذلك، هذه الأشياء التي وعدت المؤمنين والمؤمنات. . . "، وهو غير مستقيم، والذي أثبته هو الذي في المخطوطة، ولكن ظاهر أنه قد سقط من الناسخ بعض كلام أبي جعفر. فاستظهرت أن السياق هو ذكر لفظ الآية، ثم تفسير " ذلك " بقوله: " هذه الأشياء. . . "، فأثبتها كذلك، وفصلت بين الكلامين فصلا تامًا.
وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٤٦.]]
* * *
= ﴿ذلك هو الفوز العظيم﴾ ، هذه الأشياء التي وعدت المؤمنين والمؤمنات = ﴿هو الفوز العظيم﴾ ، يقول: هو الظفر العظيم، والنجاء الجسيم، لأنهم ظفروا بكرامة الأبد، ونَجوْا من الهوان في سَقَر، [[في المطبوعة والمخطوطة: " الهوان في السفر "، وهو لا معنى له، والصواب ما أثبت.]] فهو الفوز العظيم الذي لا شيء أعظم منه. [[انظر تفسير " الفوز " فيما سلف، ١١: ٢٨٦، تعليق: ١، والمراجع هناك.]]
{"ayah":"وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَا وَمَسَـٰكِنَ طَیِّبَةࣰ فِی جَنَّـٰتِ عَدۡنࣲۚ وَرِضۡوَ ٰنࣱ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











