القول في تأويل قوله: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (٦٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ألم يعلم هؤلاء المنافقون الذين يحلفون بالله كذبًا للمؤمنين ليرضوهم، وهم مقيمون على النفاق، أنه من يحارب الله ورسوله، ويخالفهما فيناوئهما بالخلاف عليهما = ﴿فأن له نار جهنم﴾ ، في الآخرة = ﴿خالدًا فيها﴾ ، يقول: لابثًا فيها، مقيمًا إلى غير نهاية؟ [[انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة (خلد) .]] = ﴿ذلك الخزي العظيم﴾ ، يقول: فلُبْثُه في نار جهنم وخلوده فيها، هو الهوان والذلُّ العظيم. [[انظر تفسير "الخزي" فيما سلف ص: ١٦٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.]]
* * *
وقرأت القرأة: ﴿فَأَنَّ﴾ ، بفتح الألف من "أن" بمعنى: ألم يعلموا أنَّ لمن حادَّ الله ورسوله نارُ جهنم = وإعمال "يعلموا" فيها، كأنهم جعلوا "أن" الثانية مكررة على الأولى، واعتمدوا عليها، إذ كان الخبر معها دون الأولى.
* * *
وقد كان بعض نحويي البصرة يختار الكسر في ذلك، على الابتداء، بسبب دخول "الفاء" فيها، وأن دخولها فيها عنده دليلٌ على أنها جواب الجزاء، وأنها إذا كانت للجزاء جوابًا، [[في المطبوعة: "إذا كانت جواب الجزاء"، وفي المخطوطة: "إذا كانت الجواب جزاء"، والصواب ما أثبت، إنما أخطأ الناسخ.]] كان الاختيار فيها الابتداء.
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أستجيز غيرها فتح الألف في كلام الحرفين، أعني "أن" الأولى والثانية، لأن ذلك قراءة الأمصار، وللعلة التي ذكرت من جهة العربية.
{"ayah":"أَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّهُۥ مَن یُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَأَنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدࣰا فِیهَاۚ ذَ ٰلِكَ ٱلۡخِزۡیُ ٱلۡعَظِیمُ"}