الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسوله ﷺ: ﴿قاتلوا﴾ ، أيها المؤمنون، القومَ = ﴿الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر﴾ ، يقول: ولا يصدّقون بجنة ولا نار [[انظر تفسير " اليوم الآخر " فيما سلف من فهارس اللغة (أخر) .]] = ﴿ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق﴾ ، يقول: ولا يطيعون الله طاعة الحقِّ، يعني: أنهم لا يطيعون طاعةَ أهل الإسلام [[انظر تفسير " الدين " فيما سلف ١: ١٥٥ /٣: ٥٧١ / ٩: ٥٢٢.]] = ﴿من الذين أوتوا الكتاب﴾ ، وهم اليهود والنصارَى.
* * *
وكل مطيع ملكًا وذا سلطانٍ، فهو دائنٌ له. يقال منه: دان فلان لفلان فهو يدين له، دينًا"، قال زهير:
لَئِنَ حَلَلْتَ بِجَوٍّ فِي بَنِي أَسَدٍ ... فِي دِينِ عَمْرٍو وَحَالَتْ بَيْنَنا فَدَكُ [[ديوانه: ١٨٣، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٨٦، من قصيدة من جيد الكلام، أنذر بها الحارث بن ورقاء الصيداوي، من بني أسد، وكان أغار على بني عبد الله بن غطفان، فغنم، واستاق إبل زهير، وراعيه يسارا: يا حَارِ، لا أُرْمَيَنْ مِنْكُمْ بِدَاهِيَةٍ ... لَمْ يَلْقَهَا سُوقَةٌ قَبْلِي ولا مَلِكُ
فَارْدُدْ يَسَارًا، وَلا تَعْنُفْ عَلَيَّ وَلا ... تَمْعَكْ بِعِرْضِكَ إِن الغَادِرَ المَعِكَ
وَلا تَكُونَنْ كَأَقْوَامٍ عَلِمْتَهُمُ ... يَلْوُونَ مَا عَنْدَهُمْ حَتَّى إذَا نَهِكُوا
طَابْتْ نُفُوسُهُمُ عَنْ حَقِّ خَصْمِهِمْ ... مَخَافَهُ الشَّرِّ، فَارْتَدُّوا لِمَا تَرَكُوا
تَعَلَّمَنْ: هَا، لَعَمْرُ اللهِ ذَا ؛ قَسَمًا ... فَاقْصِدْ بِذَرْعِكَ، وانْظُرْ أَيْنَ تَنْسَلِكَ
لَئِنْ حَلَلْتَ. . . . . .. . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَيَأتِيَنَّكَ مِنِّي مَنْطِقٌ قَذَعٌ ... بَاقٍ، كَمَا دَنَّسَ القُبْطِيَّةَ الوَدَكُ
و" جو " اسم لمواضع كثيرة في الجزيرة، وهذا " الجو " هنا في ديار بني أسد. و " عمرو "، هو: " عمرو بن هند بن المنذر بن ماء السماء "، و " فدك " قرية مشهورة بالحجاز، لها ذكر في السير كثير.]] وقوله: ﴿من الذين أوتوا الكتاب﴾ ، يعني: الذين أعطوا كتاب الله، [[انظر تفسير " الإيتاء " فيما سلف من فهارس اللغة (أتى) .]] وهم أهل التوراة والإنجيل = ﴿حتى يعطوا الجزية﴾ .
* * *
و"الجزية": الفِعْلة من: "جزى فلان فلانًا ما عليه"، إذا قضاه، "يجزيه"، و"الجِزْية" مثل "القِعْدة" و"الجِلْسة".
* * *
ومعنى الكلام: حتى يعطوا الخراجَ عن رقابهم، الذي يبذلونه للمسلمين دَفْعًا عنها.
* * *
وأما قوله: ﴿عن يد﴾ ، فإنه يعني: من يده إلى يد من يدفعه إليه.
* * *
وكذلك تقول العرب لكل معطٍ قاهرًا له، شيئًا طائعًا له أو كارهًا: "أعطاه عن يده، وعن يد". وذلك نظير قولهم: "كلمته فمًا لفمٍ"، و"لقيته كَفَّةً لكَفَّةٍ، [[يقال: " لقيته كفة كفة " (بفتح الكاف، ونصب التاء) ، إذا استقبلته مواجهته، كأن كل واحد منهما قد كف صاحبه عن مجاوزته إلى غيره ومنعه. وانظر تفصيل ذلك في مادته في لسان العرب (كفف) .]] وكذلك: "أعطيته عن يدٍ ليد".
* * *
وأما قوله: ﴿وهم صاغرون﴾ ، فإن معناه: وهم أذلاء مقهورون.
* * *
يقال للذليل الحقير: "صاغر". [[انظر تفسير " الصغار " فيما سلف ١٣: ٢٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك.]]
* * *
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله ﷺ في أمره بحرب الروم، فغزا رسول الله ﷺ بعد نزولها غزوة تبوك.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦١٦- حدثني محمد بن عروة قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾ ، حين أمر محمدٌ وأصحابه بغزوة تبوك.
١٦٦١٧- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى "الصغار"، الذي عناه الله في هذا الموضع.
فقال بعضهم: أن يعطيها وهو قائمٌ، والآخذ جالسٌ.
* ذكر من قال ذلك:
١٦٦١٨- حدثني عبد الرحمن بن بشر النيسابوري قال، حدثنا سفيان، عن أبي سعد، عن عكرمة: ﴿حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾ ، قال: أي تأخذها وأنت جالس، وهو قائم. [[الأثر: ١٦٦١٨ - " عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري "، شيخ الطبري، ثقة، من شيوخ البخاري، مضى برقم: ١٣٨٠٥.
وفي المطبوعة: " عن ابن سعد "، وهو خطأ، خالف ما في المخطوطة وانظر " أبا سعد " في فهرس الرجال.]]
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: ﴿حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون﴾ ، عن أنفسهم، بأيديهم يمشون بها، وهم كارهون، وذلك قولٌ رُوي عن ابن عباس، من وجهٍ فيه نظر.
* * *
وقال آخرون: إعطاؤهم إياها، هو الصغار.
{"ayah":"قَـٰتِلُوا۟ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَلَا یُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا یَدِینُونَ دِینَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ حَتَّىٰ یُعۡطُوا۟ ٱلۡجِزۡیَةَ عَن یَدࣲ وَهُمۡ صَـٰغِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











