الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فإن نقض هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم من قريش، عهودَهم من بعد ما عاقدوكم أن لا يقاتلوكم ولا يظاهروا عليكم أحدًا من أعدائكم [[انظر تفسير " نكث " فيما سلف ١٣: ٧٣.]] = ﴿وطعنوا في دينكم﴾ ، يقول: وقدَحوا في دينكم الإسلام، فثلبوه وعابوه [[في المطبوعة: " فثلموه "، والصواب من المخطوطة.]] = ﴿فقاتلوا أئمة الكفر﴾ ، يقول: فقاتلوا رؤساء الكفر بالله [[انظر تفسير " الإمام " فيما سلف ٣: ١٨.]] = ﴿إنهم لا أيمان لهم﴾ ، يقول: إن رؤساء الكفر لا عهد لهم [[انظر تفسير " اليمين " فيما سلف ٨: ٢٧٢، ٢٧٣، ٢٨١.]] = ﴿لعلهم ينتهون﴾ ، لكي ينتهوا عن الطعن في دينكم والمظاهرة عليكم. [[انظر تفسير " الانتهاء " فيما سلف ١٣: ٥٤٣، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]]
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل، على اختلاف بينهم في المعنيِّين بأئمة الكفر.
فقال بعضهم: هم أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان بن حرب ونظراؤهم. وكان حذيفة يقول: لم يأت أهلها بعدُ.
* ذكر من قال: هم من سمَّيتُ:
١٦٥٢٠- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم﴾ ، إلى: ﴿لعلهم ينتهون﴾ ، يعني أهل العهد من المشركين، سماهم "أئمة الكفر"، وهم كذلك. يقول الله لنبيه: وإن نكثوا العهد الذي بينك وبينهم، فقاتلهم، أئمةُ الكفر لا أيمان لهم [[أثبتت ما في المخطوطة، وهو صواب محض، وصححها في المطبوعة هكذا، كما ظن: " فقاتل أئمة الكفر لأنهم لا أيمان له " فزاد وغير! ! .]] = ﴿لعلهم ينتهون﴾ .
١٦٥٢١- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم﴾ ، إلى: ﴿ينتهون﴾ ، فكان من أئمة الكفر: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان، وسهيل بن عمرو، وهم الذين همُّوا بإخراجه.
١٦٥٢٢- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ﴿أئمة الكفر﴾ ، أبو سفيان، وأبو جهل، وأمية بن خلف، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن ربيعة.
١٦٥٢٣- حدثنا ابن وكيع وابن بشار = قال، ابن وكيع، حدثنا غندر = وقال ابن بشار، حدثنا محمد بن جعفر=، عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد: ﴿فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم﴾ ، قال: أبو سفيان منهم.
١٦٥٢٤- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وإن نكثوا أيمانهم﴾ ، إلى: ﴿ينتهون﴾ ، هؤلاء قريش. يقول: إن نكثوا عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام، وطعنوا فيه، فقاتلهم. [[في المطبوعة: " فقاتلوهم "، وأثبت ما في المخطوطة.]]
١٦٥٢٥- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿فقاتلوا أئمة الكفر﴾ ، يعني رؤوسَ المشركين، أهلَ مكة.
١٦٥٢٦- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿فقاتلوا أئمة الكفر﴾ ، أبو سفيان بن حرب، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وسهيل بن عمرو، وهم الذين نكثوا عهد الله، وهمُّوا بإخراج الرسول. وليس والله كما تأوَّله أهل الشبهات والبدع والفِرَى على الله وعلى كتابه. [[" الفرى " (بكسر ففتح) جمع " فرية "، وهي الكذب. ويعني بذلك الخوارج، فهم يستدلون بهذه الآية على قتال من خالفهم من أهل القبلة، ويستحلون بها دماءهم وأموالهم.]]
* * *
* ذكر الرواية عن حذيفة بالذي ذكرنا عنه:
١٦٥٢٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة: ﴿فقاتلوا أئمة الكفر﴾ ، قال: ما قوتل أهلُ هذه الآية بعدُ. [[الأثر: ١٦٥٢٧ - " زيد بن وهب الهمداني الجهني "، تابعي مخضرم، سمع عمر، وعبد الله، وحذيفة، وأبا الدرداء. روى له الجماعة. مضى برقم: ٤٢٢٢.
وهذا الخبر رواه البخاري مطولا (الفتح ٨: ٢٤٣) ، بغير هذا اللفظ، من طريق محمد بن المثني، عن يحيى بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زيد بن وهب قال، كنا عند حذيفة. . . "
وانظر الآثر التالي، والذي بعده.]]
١٦٥٢٨- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا حبيب بن حسان، عن زيد بن وهب قال: كنت عند حذيفة، فقرأ هذه الآية: ﴿فقاتلوا أئمة الكفر﴾ ، فقال: ما قوتل أهل هذه الآية بعدُ. [[الأثر ١٦٥٢٨ - مكرر الأثر السالف، وانظر تخريجه هناك. و " حبيب بن حسان "، هو " حبيب بن أبي الأشرس "، وهو " حبيب بن أبي هلال "، منكر الحديث، متروك قال ابن حبان: " منكر الحديث جدا، وكان قد عشق نصرانية، فقيل إنه تنصر وتزوج بها. فأما اختلافه إلى البيعة من أجلها فصحيح ". وقال يحيى بن معين: " كانت له جاريتان نصرانيتان، فكان يذهب معهما إلى البيعة ".
مترجم في الكبير ١ / ٢ / ٣١١، وميزان الاعتدال ١: ٢٠٩، ٢١١، ولسان الميزان ٢: ١٦٧، ١٧٠.]]
١٦٥٢٩- حدثني أبو السائب قال، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب قال: قرأ حذيفة: ﴿فقاتلوا أئمة الكفر﴾ ، قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعدُ. [[الأثر: ١٦٥٢٩ - مكرر الأثرين السالفين.]]
١٦٥٣٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر: ﴿إنهم لا أيمان لهم﴾ ، لا عهد لهم. [[الأثر: ١٦٥٣٠ - " صلة ابن زفر العبسي " تابعي ثقة. روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ٢ / ٣٢٢، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٤٦.
وانظر رقم: ١٦٥٣٣، مرفوعا إلى عمار بن ياسر. ورقم: ١٦٥٣٤ مرفوعا إلى حذيفة.]]
١٦٥٣١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: ﴿وإن نكثوا أيمانهم﴾ ، قال: عهدهم.
١٦٥٣٢- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وإن نكثوا أيمانهم﴾ ، عهدهم الذي عاهدوا على الإسلام.
١٦٥٣٣- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن عمار بن ياسر، في قوله: ﴿لا أيمان لهم﴾ ، قال: لا عهد لهم. [[الأثر: ١٦٥٣٣ - مكرر الأثر رقم ١٦٥٣٠، مرفوعا إلى عمار بن ياسر.
و" صلة "، هو " صلة بن زفر العبسي " كما سلف.]]
١٦٥٣٤- حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن حذيفة في قوله: ﴿فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم﴾ ، قال: لا عهد لهم. [[الأثر: ١٦٥٣٤ - مكرر الأثرين السالفين مرفوعا إلى حذيفة.]]
* * *
وأما "النكث" فإن أصله النقض، يقال منه: "نكث فلان قُوَى حبله"، إذا نقضها. [[انظر تفسير " النكث " فيما سلف ص: ١٥٣، وتعليق: ٢ والمراجع هناك.]]
* * *
و"الأيمان": جمع "اليمين". [[انظر تفسير " اليمين " فيما سلف ص: ١٥٤، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]]
* * *
واختلفت القرأة في قراءة قوله: ﴿إنهم لا أيمان لهم﴾ .
فقرأه قرأة الحجاز والعراق وغيرهم: ﴿إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ﴾ ، بفتح الألف من "أيمان" بمعنى: لا عهود لهم، على ما قد ذكرنا من قول أهل التأويل فيه.
* * *
وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك: ﴿إِنَّهُمْ لا إِيمَانَ لَهُمْ﴾ ، بكسر الألف، بمعنى: لا إسلام لهم.
* * *
وقد يتوجَّه لقراءته كذلك وجهٌ غير هذا. وذلك أن يكون أراد بقراءته ذلك كذلك: أنهم لا أمان لهم = أي: لا تؤمنوهم، ولكن اقتلوهم حيث وجدتموهم = كأنه أراد المصدر من قول القائل: "آمنته فأنا أومنه إيمانًا". [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٢٥.]]
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك، الذي لا أستجيز القراءة بغيره، قراءة من قرأ بفتح "الألف" دون كسرها، لإجماع الحجة من القرأة على القراءة به، ورفض خلافه، ولإجماع أهل التأويل على ما ذكرت من أن تأويله: لا عهد لهم = و"الأيمان" التي هي بمعنى العهد، لا تكون إلا بفتح "الألف"، لأنها جمع "يمين" كانت على عقدٍ كان بين المتوادعين.
{"ayah":"وَإِن نَّكَثُوۤا۟ أَیۡمَـٰنَهُم مِّنۢ بَعۡدِ عَهۡدِهِمۡ وَطَعَنُوا۟ فِی دِینِكُمۡ فَقَـٰتِلُوۤا۟ أَىِٕمَّةَ ٱلۡكُفۡرِ إِنَّهُمۡ لَاۤ أَیۡمَـٰنَ لَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ یَنتَهُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











