الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في "الأوّاه".
فقال بعضهم: هو الدعَّاء. [[" الدعاء " (بتشديد العين) : الكثير الدعاء.]]
* ذكر من قال ذلك:
١٧٣٦١- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله قال: "الأوّاه"، الدعّاء.
١٧٣٦٢- حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا أبو بكر، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: "الأوّاه"، الدعّاء.
١٧٣٦٣- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني جرير بن حازم، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيش قال: سألت عبد الله عن "الأواه"، فقال: هو الدعّاء.
١٧٣٦٤- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بشر، عن ابن أبي عروبة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، مثله.
١٧٣٦٥-..... قال، حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن عبد الكريم عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: "الأوّاه": الدعّاء.
١٧٣٦٦-..... قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، مثله.
١٧٣٦٧- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، وإسرائيل، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، مثله. [[الآثار: ١٧٣٦٣ - ١٧٣٦٧ - حديث زر، عن عبد الله بن مسعود، خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ٣٥، وقال: " رواه الطبراني، وفيه عاصم - يعني عاصم بن أبي النجود - وهو ثقة وقد ضعف ".]]
١٧٣٦٨- حدثني يعقوب بن إبراهيم وابن وكيع، قالا حدثنا ابن علية قال، حدثنا داود بن أبي هند، قال: نُبِّئتُ عن عبيد بن عمير، قال: "الأوّاه": الدعاء.
١٧٣٦٩- حدثني إسحاق بن شاهين قال، حدثنا داود، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، عن أبيه قال: "الأوّاه": الدعّاء.
* * *
وقال آخرون: بل هو الرحيم.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٣٧٠- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن سلمة، عن مسلم البطين، عن أبي العُبَيْدَيْنِ، قال: سئل عبد الله عن "الأوّاه"، فقال: الرحيم. [[الأثر: ١٧٣٧٠ - خبر أبي العبيدين، عن عبد الله، رواه الطبري من رقم: ١٧٣٧٠، ١٧٣٧٨، ١٧٣٨٦.
" سلمة "، هو " سلمة بن كهيل الحضرمي " ثقة، مضى مرارا، آخرها رقم: ١٤٥٠٣.
و" مسلم البطين "، هو " مسلم بن عمران ". ثقة. مضى برقم: ١٤٥٠٣ - ١٤٠٥٦.
و" أبو العبيدين "، هو " معاوية بن سبرة بن حصين السوائي العامري الأعمى "، ثقة، كان ابن مسعود يدنيه ويقربه، مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ٣٢٩، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٣٨٧.
وهذا الخبر، خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ٣٥، مطولا وقال: " رواه كله الطبراني بأسانيد، ورجال الروايتين الأوليين، ثقات ".]]
١٧٣٧١- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثني محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سمعت يحيى بن الجزار يحدث، عن أبي العبيدين، رجلٍ ضرير البصر: أنه سأل عبد الله عن "الأواه"، فقال: الرحيم. [[الأثر: ١٧٣٧١ - " يحيى بن الجزار العرني "، ثقة، مضى برقم: ٥٤٢٥، ١٦٤٠٦، ١٦٤٠٥، ١٦٤٠٨.]]
١٧٣٧٢- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا المحاربي = وحدثنا خلاد بن أسلم قال، أخبرنا النضر بن شميل = جميعًا، عن المسعوديّ، عن سلمة بن كهيل، عن أبي العبيدين: أنه سأل ابن مسعود، فقال: ما "الأواه"؟ قال: = الرحيم.
١٧٣٧٣- حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن أبي العبيدين: أنه جاء إلى عبد الله = وكان ضرير البصر = فقال: يا أبا عبد الرحمن، من نسأل إذا لم نسألك؟ فكأن ابن مسعود رقَّ له، قال: أخبرني عن "الأوّاه"، قال: الرحيم.
١٧٣٧٤- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي =، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن أبي العبيدين، قال: سألت عبد الله عن "الأواه"، فقال: هو الرحيم.
١٧٣٧٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار قال جاء أبو العبيدين إلى عبد الله فقال له: ما حاجتك؟ قال: ما "الأواه"؟ قال: الرحيم.
١٧٣٧٦-..... قال، حدثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن أبي العبيدين، رجل من بني سَوَاءَة، قال: جاء رجل إلى عبد الله فسأله عن "الأوّاه"، فقال له عبد الله: الرحيم.
١٧٣٧٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، وهانئ بن سعيد، عن حجاج، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن أبي العبيدين، عن عبد الله قال: "الأواه"، الرحيم.
١٧٣٧٨- حدثني يعقوب وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية، عن شعبة، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار: أن أبا العبيدين، رجل من بين نمير = قال يعقوب: كان ضريرَ البصر، وقال ابن وكيع: كان مكفوفَ البصر = سأل ابن مسعود فقال: ما "الأواه"؟ قال: الرحيم.
١٧٣٧٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، قال: "الأواه": الرحيم.
١٧٣٨٠-..... قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، مثله.
١٧٣٨١- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، مثله.
١٧٣٨٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بشر، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، قال: هو الرحيم.
١٧٣٨٣- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: كنا نحدَّث أن "الأواه" الرحيم.
١٧٣٨٤- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "إن إبراهيم لأواه"، قال: رحيم.
* * *
قال عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود مثل ذلك.
١٧٣٨٥- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن عبد الكريم، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: "الأواه": الرحيم.
١٧٣٨٦- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن سلمة، عن مسلم البطين، عن أبي العبيدين: أنه سأل عبد الله عن "الأواه"، فقال الرحيم.
١٧٣٨٧-...... قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن شرحبيل قال: "الأواه": الرحيم.
١٧٣٨٨- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مبارك، عن الحسن، قال: "الأواه": الرحيم بعباد الله.
١٧٣٨٩-..... قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو خيثمة زهير قال، حدثنا أبو إسحاق الهمداني، عن أبي ميسرة، عن عمرو بن شرحبيل، قال: "الأواه": الرحيم بلحن الحبشة.
* * *
وقال آخرون: بل هو الموقن. [[في المخطوطة في هذا الموضع، وفي أكثر المواضع التالية " الموفق "، وفي بعضها " الموقن "، والذي في المطبوعة أشبه بالصواب، فتركته على حاله، حتى أجد ما يرجحه.]]
* ذكر من قال ذلك:
١٧٣٩٠- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي =، عن سفيان، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: "الأواه": الموقن.
١٧٣٩١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن ابن مبارك، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "الأواه"، الموقن، بلسان الحبشة.
١٧٣٩٢-..... قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن حسن، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال، "الأواه"، الموقن، بلسانه الحبشة.
١٧٣٩٣- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز، قال: سمعت سفيان يقول: "الأواه"، الموقن = وقال بعضهم: الفقيه الموقن.
١٧٣٩٤- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن جابر، عن عطاء، قال: "الأواه"، الموقن، بلسان الحبشة.
١٧٣٩٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن رجل، عن عكرمة، قال: هو الموقن، بلسان الحبشة.
١٧٣٩٦-..... قال، حدثنا ابن نمير، عن الثوري، عن مجالد، عن أبي هاشم، عن مجاهد، قال: "الأواه"، الموقن.
١٧٣٩٧- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن مسلم، عن مجاهد قال: "الأواه"، الموقن.
١٧٣٩٨-.... قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قابوس، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: "الأواه"، الموقن.
١٧٣٩٩- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أواه"، موقن.
١٧٤٠٠- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أواه"، قال: مؤتمن موقن.
١٧٤٠١- حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: "إن إبراهيم لأواه حليم"، قال: "الأواه": الموقن.
* * *
وقال آخرون: هي كلمة بالحبشة، معناها: المؤمن.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٤٠٢- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "لأواه حليم"، قال: "الأواه"، هو المؤمن بالحبشية. [[في المطبوعة والمخطوطة: " بالحبشة "، والصواب ما أثبت، كما سيأتي في المخطوطة في التالية.]]
١٧٤٠٣- حدثنا علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "إن إبراهيم لأواه"، يعني: المؤمن التواب.
١٧٤٠٤- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا حسن بن صالح، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: "الأواه": المؤمن.
١٧٤٠٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: "الأواه"، المؤمن بالحبشية. [[في المطبوعة فقط: " بالحبشة "، وأثبت ما في المخطوطة.]]
* * *
وقال آخرون: هو المسبِّح، الكثير الذكر لله.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٤٠٦- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن سالم، عن سعيد، قال: "الأواه": المسبِّح.
١٧٤٠٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، عن حجاج، عن الحكم، عن الحسن بن مسلم بن يناق: أن رجلا كان يكثر ذكر الله ويسبِّح، فذكر ذلك للنبي ﷺ، فقال: إنه أوَّاه.
١٧٤٠٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن حيان، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، عن عقبة بن عامر قال: "الأواه"، الكثير الذكر لله.
* * *
وقال آخرون: هو الذي يكثر تلاوة القرآن.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٤٠٩- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان قال، حدثنا المنهال بن خليفة، عن حجاج بن أرطأة، عن عطاء، عن ابن عباس: أن النبيّ ﷺ دفن ميتًا، فقال: يرحمك الله، إن كنت لأواهًا! = يعني: تلاءً للقرآن. [[" تلاء " على وزن " فعال " بتشديد العين، من " التلاوة "، يعني كثير التلاوة للقرآن.]]
* * *
وقال آخرون: هو من التأوُّه.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٤١٠- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي يونس القشيري، عن قاصّ كان بمكة: أن رجلا كان في الطواف، فجعل يقول: أوّه! [[" أوه " بتشديد الواو، وفيها لغات أخرى.]] قال: فشكاه أبو ذر للنبي ﷺ فقال: دعه إنه أوَّاه!
١٧٤١١- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي =، عن شعبة، عن أبي يونس الباهلي قال: سمعت رجلا بمكة كان أصله روميًّا، يحدّث عن أبي ذر، قال: كان رجل يطوف بالبيت ويقول في دعائه: "أوَّه! أوّه"، فذكر للنبي ﷺ فقال: إنه أوَّاه! = زاد أبو كريب في حديثه، قال: فخرجت ذات ليلة فإذا رسول الله ﷺ يدفن ذلك الرجل ليلا ومعه المصباح. [[الأثران: ١٧٤١٠، ١٧٤١١ - " أبو يونس القشيري "، أو " الباهلي "، هو " حاتم بن أبي صغيرة "، ثقة، مضى برقم: ١٥١٨٠.]]
١٧٤١٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن الحباب، عن جعفر بن سليمان قال، حدثنا عمران، عن عبيد الله بن رباح، عن كعب، قال: "الأواه": إذا ذكر النار قال: أوّه.
١٧٤١٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمِّي، عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح، عن كعب قال: كان إذا ذكر النار قال: أوّه. [[الأثر: ١٧٤١٣ - " عبد العزيز بن عبد الصمد العمي " ثقة، مضى برقم: ٣٣٠٢.
وكان في المطبوعة والمخطوطة، " عبد العزيز، عن عبد الصمد العمي "، وهو خطأ محض، وكان في المطبوعة وحدها " القمي "، وهو خطأ، صوابه في المخطوطة.
و" أبو عمران الجوني "، هو " عبد الملك بن حبيب الأزدي "، ثقة، مضى برقم: ٨٠، ١٣٠٤٢.
و"عبد الله بن رباح الأنصاري"، ثقة، مضى برقم: ٤٨، ١٣٠٤٢.
و" كعب "، هو " كعب الأحبار " المشهور.]]
١٧٤١٤- حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان قال، أخبرنا أبو عمران قال، سمعت عبد الله بن رباح الأنصاري يقول، سمعت كعبًا يقول: "إن إبراهيم لأواه"، قال: إذا ذكر النار قال: "أوّهْ من النار".
* * *
وقال آخرون: معناه أنه فقيهٌ.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٤١٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: "إن إبراهيم لأوّاه"، قال: فقيه.
* * *
وقال آخرون: هو المتضرع الخاشع.
* ذكر من قال ذلك:
١٧٤١٦- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا عبد الحميد بن بهرام قال، حدثنا شهر بن حوشب، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: بينما رسول الله ﷺ جالسٌ، قال رجل: يا رسول الله، ما "الأوَّاه"، قال: المتضرع، قال: "إن إبراهيم لأوّاه حليم".
١٧٤١٧- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن عبد الحميد، عن شهر، عن عبد الله بن شداد، قال: قال رسول الله ﷺ: "الأوّاه": الخاشعُ المتضرِّع". [[الأثران: ١٧٤١٦، ١٧٤١٧ - " عبد الحميد بن بهرام الفزاري "، ثقة، متكلم في روايته عن شهر بن حوشب. مضى مرارا. انظر رقم: ١٦٠٥، ٤٢٢١، ٦٦٥٠ - ٦٦٥٢.
و" شهر بن حوشب "، ثقة، متكلم فيه، مضى مرارا.
و" عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي "، تابعي ثقة، مضى برقم: ٥٠٨٨. وهذا مرسل.]]
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، القولُ الذي قاله عبد الله بن مسعود، الذي رواه عنه زرٌّ: أنه الدعَّاء. [[انظر ما سلف من رقم ١٧٣٦١ - ١٧٣٦٨.]]
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لأن الله ذكر ذلك، ووصف به إبراهيم خليله صلوات الله عليه، بعد وصفه إياه بالدعاء والاستغفار لأبيه، فقال: "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدوٌّ لله تبرأ منه"، وترك الدعاء والاستغفار له. ثم قال: إن إبراهيم لدعَّاء لربه، شاكٍ له، حليمٌ عمن سبَّه وناله بالمكروه. وذلك أنه صلوات الله عليه وعد أباه بالاستغفار له، ودعاءَ الله له بالمغفرة، عند وعيد أبيه إياه، وتهدُّده له بالشتم، بعد ما ردَّ عليه نصيحته في الله وقوله: ﴿أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَاإِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ ، فقال له صلوات الله عليه، ﴿سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا﴾ ، [مريم: ٤٦-٤٨] . فوفى لأبيه بالاستغفار له، حتى تبيَّن له أنه عدو لله، فوصفه الله بأنه دَعّاء لربه، حليم عمن سَفِه عليه.
* * *
وأصله من "التأوّه"، وهو التضرع والمسألة بالحزن والإشفاق، كما روى عبد الله بن شداد عن النبي ﷺ [[انظر رقم: ١٧١٤١٦، ١٧١٧.]] = وكما روى عقبة بن عامر، الخبَرَ الذي حدَّثنيه:-
١٧٤١٨- يحيى بن عثمان بن صالح السهمي قال، حدثنا أبي قال، حدثنا ابن لهيعة قال، حدثني الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، عن عقبة بن عامر: أنه قال لرجل يقال له "ذو البجادين": "إنه أواه"! وذلك أنه رجل كان يكثر ذكر الله بالقرآن والدعاء، ويرفَعُ صوته. [[الأثر: ١٧٤١٨ - " يحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي، المصري " شيخ الطبري طعن عليه؛ لأنه كان يحدث من غير كتبه. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٤ / ٢ / ١٧٥.
وأبوه: " عثمان بن صالح بن صفوان السهمي المصري "، ثقة، متكلم فيه. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣ / ١ / ١٥٤ قال أبو حاتم: " كان شيخا صالحا سليم الناحية، قيل: كان يلقن؟ قال: لا ".
و" ابن لهيعة " مضى مرارا، وذكر الكلام فيه.
و" الحارث بن زبيد الحضرمي المصري "، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ٢ / ٢٨٣. وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٩٣.
و" علي بن رباح بن قصير اللخمي المصري "، ثقة، مضى برقم: ٤٧٤٧، ١٠٣٤١.
و" عقبة بن عامر الجهني "، صحابي، ولي إمرة مصر.
و" ذو البجادين "، هو " عبد الله بن عبد نهم المزني "، وهو مترجم في الإصابة، في اسمه هذا، وفي الاستيعاب: ٣٤٩، في " عبد الله ذو البجادين المزني "، وفي مثله في أسد الغابة ٣: ١٢٣.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٤: ١٥٩، من هذه الطريق نفسها، وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩: ٣٦٩، وقال: " رواه أحمد، والطبراني، وإسنادهما حسن ". وخرجه الحافظ بن حجر في الإصابة قال: " وأخرجه أحمد، وجعفر بن محمد الغريابي في كتاب الذكر، من طريق ابن لهيعة. . . " وساق الإسناد والخبر.
وفي أمر " عبد الله ذي البجادين "، إشكال هذا موضع عرضه مختصرا، وذلك أن صاحب الإصابة، ذكر في ترجمته أنه كان دليل النبي ﷺ في هجرته، وذكر خبرا، رواه الهجري في نوادره (مخطوط) قال:
" قال عبد الله بن ذي البجادين المزني، وساق بالنبيّ ﷺ ساندا في الغَائر من الرَّكوبة، من الأبيض، جبل العرج في مُهاجَره: تَعَرَّضِي مَدَارِجًا وَسُومِي ... تَعَرُّضَ الجوْزاء لِلنُّجُومِ
هذَا أبُو القاسمِ فاسْتَقِيمي
وذكر الحافظ هذا الشعر في خبره، وذكر صاحب لسان العرب خبر دلالته لنبينا ﷺ في مادة (بجد) ، وذكر الشعر في مادة (درج) ، و (عرض) ، وفيه خبر الهجري، و (سوم) .
والرجز يقوله لناقته، يقول لها: " تعرضي "، أي: خذي يمنة ويسرة، وتنكبي الثنايا الغلاظ بين الجبال، وهي " المدارج " - و " سومي " من السوم، وهو سرعة المر، مع قصد الصوب في السير - " تعرض الجوزاء "؛ لأن الجوزاء تمر على جنب معارضة، ليست بمستقيمة في السماء.
ويقال في سبب تسميته " ذا البجادين " أنه حين أراد المسير إلى النبي ﷺ قطعت أمه بجادا باثنين، فاتزر بواحد، وارتدى بالآخر. ويقال إنه لما هاجر رسول الله ﷺ قال عبد الله لأبيه: " دعني أدله على الطريق "! فأبى، ونزع ثيابه عنه وتركه عريانا. فاتخذ بجادا من شعر وطرحه على عورته، ثم لحقهم، وأخذ بزمام ناقة النبي ﷺ، وأنشأ يرتجز، بما ذكرناه من رجزه.
والذي رأيناه في السير، أن دليل رسول الله ﷺ في مهاجره هو: " عبد الله بن أريقط الليثي "، و " عبد الله " هذا لم يكن مسلما، ولا وجد من طريق صحيح أنه أسلم بعد ذلك، وكان مستأجرا.
(ابن هشام ٢: ١٣٦ / الروض الأنف ٢: ٢٨، ثم ترجمته في الإصابة وغيرها) . وهو بلا شك غير ذي البجادين، لأن ذا البجادين، مزني؛ ولأنه مات في تبوك، ولأنهم ذكروا أن النبي ﷺ لم ينزل في قبر أحد، إلا خمسة، منهم عبد الله المزني، ذو البجادين.
فإذا عرف هذا تباعد الإشكال الموهم أنهما رجل واحد، واحتاج أمر دلالة ذي البجادين، إلى إيضاح لم تذكره كتب السير.]] ولذلك قيل للمتوجع من ألم أو مرض: "لا تتأوه"، [[في المطبوعة: " لم تتأوه "، فعل ذلك لأن كاتب المخطوطة خلط في كتابه " لا "، فاجتهد الناشر، والصواب ما أثبت.]] كما قال المُثَقِّب العَبْدي:
إذَا ما قُمْتُ أَرْحَلُها بِلَيْلٍ ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الحَزِينِ [[ديوانه: ٢٩، المفضليات: ٥٨٦، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٧٠ طبقات فحول الشعراء: ٢٣١، واللسان (أوه) ، ومر ذكره هذا البيت، في التعليق على بيت من القصيدة فيما سلف ٢: ٥٤٨ تعليق: ١. وعنى بذلك ناقته، تحن إلى ديارها وأوطانها.]]
ومنه قول الجَعْديَ:
ضَرُوحٍ مَرُوحٍ تُتْبِعُ الْوُرْقَ بَعْدَما ... يُعَرِّسْنَ شَكْوَى، آهَةً وَتَنَمَّرَا [[ديوانه: ٣٣، ٥٢، وجمهرة أشعار العرب: ١٤٦، والمعاني الكبير: ٣١٥، من قصيدة النابغة، التي سمعها رسول الله ﷺ، بأبي هو وأمي، فلما بلغ قوله: بَلَغْنا السَّمَاءَ مَجْدُنا وجُدُودُنا ... وَإنا لَنَبْغِي بَعْدَ ذَلكَ مَظْهَرا
فقال له: أين المظهر يا أبا ليلى؟ فقال: الجنة! قال: أجل، إن شاء الله ثم أنشده ما فيها من الحكمة قال: " لا يفضض الله فاك "، فبقي عمره أحسن الناس ثغرا، كلما سقطت سن عادت أخرى، وكان النابغة معمرا.
وقوله: " ضروح "، أي تضرح برجلها، رمحت بها، أراد نشاطها وإبعادها في سيرها. ويروى " خنوف " و " طروح " = و " مروح " شديدة النشاط، من المرح. وقوله " تتبع الورق "، هكذا في المخطوطة، ورواية ديوانه " تبعث الورق "، و " تعجل الورق "، وذلك أن تذعرها، فتجعلها عن التعريس، وهما روايتان واضحتا المعنى. وأما رواية التفسير، فإن صحت، فقد أراد أنها تتبع الشكوى والتأوه، فتنزعج فتذعر. و " الورق " عني بها القطا. و " القطا " ورق الألوان. وكان في المطبوعة " الودق " وهو خطأ. وقوله: " وتنمرا "، كان في المطبوعة: " وتشمرا "، وهو خطأ لا شك فيه، والمخطوطة غير منقوطة، وهذا صواب قراءتها. و " التنمر " الغضب. ورواية الديوان وغيره " وتذمرا "، وهي أوضح وأبين. وقوله: " آهة "، أي تأوهًا.
ورواية العجز في الديوان: " يعرس تشكوا آهة وتذمرا "، والذي في المخطوطة مطابق لما في المعاني الكبير لابن قتيبة " شكوى ".]] ولا تكاد العرب تنطق منه: بـ "فعل يفعل"، وإنما تقول فيه: "تَفَعَّلَ يَتَفَعَّل"، مثل: "تأوّه يتأوه"، "وأوّه يؤوِّه".
كما قال الراجز:
فَأَوَّهَ الرّاعِي وَضَوْضَى أكْلُبُه [[لم أعرف قائله. " ضوضى "، ضجت وصاحت. وفي الحديث حين ذكر رؤيته ﷺ النار، أعاذنا الله من عذابها: " أنه رأى فيها قوما إذا أتاهم لهبها ضوضوا "، أي أحدثوا ضوضاء من صياحهم وجلبتهم.]]
وقالوا أيضًا: "أوْهِ منك! "، ذكر الفراء أن أبا الجرّاح أنشده:
فَأَوْهِ مِنَ الذِّكْرَى إذَا مَا ذَكَرْتُها ... وَمِنْ بُعْدِ أَرْضٍ بَيْنَنَا وَسَمَاءِ [[لسان العرب (أوه) ، لم أعرف قائله، وذكر اختلاف روايته هناك.]]
قال: وربما أنشدنا: ﴿فَأَوٍّ مِنَ الذِّكْرَى﴾ ، بغيرها. ولو جاء "فعل" منه على الأصل لكان: "آه، يَئوهُ أوْهًا".
* * *
= ولأن معنى ذلك: "توجَّع، وتحزّن، وتضرع"، اختلف أهل التأويل فيه الاختلافَ الذي ذكرتُ. فقال من قال: معناه "الرحمة": أن ذلك كان من إبراهيم على وجه الرِّقة على أبيه، والرحمة له، ولغيره من الناس.
وقال آخرون: إنما كان ذلك منه لصحة يقينه، وحسن معرفته بعظمة الله، وتواضعه له.
وقال آخرون: كان لصحة إيمانه بربِّه.
وقال آخرون: كان ذلك منه عند تلاوته تنزيل الله أحد الذي أنزله عليه.
وقال آخرون: كان ذلك منه عند ذكر رَبِّه.
= وكلُّ ذلك عائد إلى ما قلتُ، وتَقَارَبَ معنى بعض ذلك من بعض، لأن الحزين المتضرِّع إلى ربه، الخاشع له بقلبه، ينوبه ذلك عند مسألته ربَّه، ودعائه إياه في حاجاته، وتعتوره هذه الخلال التي وجَّه المفسرون إليها تأويل قول الله: "إن إبراهيم لأوّاه حليمٌ".
{"ayah":"وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَ ٰهِیمَ لِأَبِیهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةࣲ وَعَدَهَاۤ إِیَّاهُ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥۤ أَنَّهُۥ عَدُوࣱّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَ ٰهِیمَ لَأَوَّ ٰهٌ حَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











