الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: لا تقم، يا محمد، في المسجد الذي بناه هؤلاء المنافقون، ضرارًا وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله. ثم أقسم جل ثناؤه فقال: ﴿لمسجد أسِّس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم﴾ ، أنت = ﴿فيه﴾ . * * * يعني بقوله: ﴿أسس على التقوى﴾ ، ابتدئ أساسه وأصله على تقوى الله وطاعته = ﴿من أول يوم﴾ ، ابتدئ في بنائه = ﴿أحق أن تقوم فيه﴾ ، يقول: أولى أن تقوم فيه مصلِّيًا. * * * وقيل: معنى قوله: ﴿من أول يوم﴾ ، مبدأ أول يوم كما تقول العرب: "لم أره من يوم كذا"، بمعنى: مبدؤه = و"من أول يوم"، يراد به: من أول الأيام، كقول القائل: "لقيت كلَّ رجل"، بمعنى كل الرجال. * * * واختلف أهل التأويل في المسجد الذي عناه بقوله: ﴿لمسجد أسس على التقوى من أول يوم﴾ . فقال بعضهم: هو مسجد رسول الله ﷺ الذي فيه منبره وقبره اليوم. * * * * ذكر من قال ذلك: ١٧٢٠١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن إبراهيم بن طهمان، عن عثمان بن عبيد الله قال: أرسلني محمد بن أبي هريرة إلى ابن عمر، أسأله عن المسجد الذي أسس على التقوى، أيّ مسجد هو؟ مسجد المدينة، أو مسجد قباء؟ قال: لا مسجد المدينة. [[الأثر: ١٧٢٠١ - " إبراهيم بن طهمان الخراساني "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٣٧٦٢، ٣٧٢٧، ٤٩٣١. و" عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع "، مولى سعيد بن العاص. رأى أبا هريرة، وأبا قتادة، وابن عمر، وأبا أسيد، يضفرون لحاهم. مترجم في ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ١٥٦. وسيأتي في الأثرين التاليين رقم: ١٧٢٠٢، ١٧٢٠٣. وأما قوله: " أرسلني محمد بن أبي هريرة "، فإني أرتاب فيه كل الارتياب، وأرجح أنه: " محرر بن أبي هريرة "، ولم أجد لأبي هريرة ولد يقال له " محمد "، بل ولده هم " المحرر بن هريرة "، و " وعبد الرحمن بن أبي هريرة "، و " بلال بن أبي هريرة ". ومضى " المحرر بن أبي هريرة " برقم: ٢٨٦٣، ١٦٣٦٨ - ١٦٣٧٠.]] ١٧٢٠٢-...... قال، حدثنا القاسم بن عمرو العنقزي، عن الدراوردي، عن عثمان بن عبيد الله، عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، وأبي سعيد قالوا: المسجد الذي أسس على التقوى، مسجد الرسول. [[الأثر: ١٧٢٠٢ - " القاسم بن عمرو بن محمد العنقزي "، مولى قريش، سمع أباه. مترجم في الكبير ٤ / ١ / ١٧٢، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ١١٥، ولم يذكرا فيه جرحا. " الدراوردي "، هو " عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ١٠٦٧٦، ١٥٧١٤. و" عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع "، مضى في الأثر السالف.]] ١٧٢٠٣-...... قال، حدثنا أبي، عن ربيعة بن عثمان، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال: سألت ابن عمر عن المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: هو مسجد الرسول. [[الأثر: ١٧٢٠٣ - " ربيعة بن عثمان بن ربيعة التيمي "، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ١ / ٢٦٤، وابن أبي حاتم ١ / ٢ / ٤٧٦. و" عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع "، مضى في الأثرين السالفين.]] ١٧٢٠٤-...... قال، حدثنا ابن عيينة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن زيد قال: هو مسجد النبي ﷺ. ١٧٢٠٥-...... قال، حدثنا أبي، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن زيد قال: هو مسجد الرسول. ١٧٢٠٦- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا حميد الخراط المدني قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد فقلت: كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال لي: [قال أبي] [[هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها، استظهرتها من لفظ حديث مسلم. ولو قلت " قال قال أبي "، لكان مطابقا لما في المسند.]] أتيت رسول الله ﷺ، فدخلت عليه في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أيُّ مسجدٍ الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفًّا من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: هو مسجدكم هذا! = [فقلت] : [[في المخطوطة: " ثم هكذا سمعت أباك يذكر "، وفي المطبوعة حذف " ثم " وجعل " يذكر "، " يذكره ". فزدت ما بين القوسين إتماما للسياق. ونص روايته مسلم: " قالت فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا يذكره ".]] هكذا سمعت أباك يذكره. [[الأثر: ١٧٢٠٦ - رواه مسلم في صحيحه ٩: ١٦٨، ١٦٩ من هذه الطريق نفسها، مع اختلاف يسير في بعض لفظه. ورواه أحمد في مسنده ٣: ٢٤، من هذه الطريق، نفسها مع خلاف في بعض لفظه.]] ١٧٢٠٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه قال: المسجد الذي أسس على التقوى، هو مسجدُ النبيِّ الأعظمُ. ١٧٢٠٨- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا داود، عن سعيد بن المسيب قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، هو مسجد المدينة الأكبر. ١٧٢٠٩- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن داود قال، قال سعيد بن المسيب، فذكر مثله = إلا أنه قال: الأعظم. ١٧٢١٠- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن ابن حرملة، عن سعيد بن المسيب قال: هو مسجد النبي ﷺ. ١٧٢١١- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد = قال: أحسبه عن أبيه = قال: مسجد النبي ﷺ، الذي أسس على التقوى. * * * وقال آخرون: بل عني بذلك مسجد قُباء. * ذكر من قال ذلك: ١٧٢١٢- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: ﴿لمسجد أسس على التقوى من أول يوم﴾ ، يعني مسجد قُباء. ١٧٢١٣- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، نحوه. ١٧٢١٤- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية: ﴿لمسجد أسس على التقوى من أول يوم﴾ ، هو مسجد قباء. ١٧٢١٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن صالح بن حيان، عن ابن بريدة قال: مسجد قُباء، الذي أسس على التقوى، بناه نبي الله ﷺ. [[الأثر: ١٧٢١٥ - " صالح بن حيان القرشي "، ضعيف الحديث، مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ٢ / ٢٧٦، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٣٩٨، وميزان الاعتدال ١: ٤٥٥. " ابن بريدة "، هو " عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي "، ثقة، مضى برقم: ١٢٥٢٣.]] ١٧٢١٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: المسجد الذي أسس على التقوى، مسجد قباء. ١٧٢١٧- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير: الذين بُني فيهم المسجدُ الذي أسس على التقوى، بنو عمرو بن عوف. * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو مسجد الرسول ﷺ، لصحة الخبَر بذلك عن رسول الله. [[يعني الخبر الذي رواه أحمد ومسلم وأبو جعفر آنفا برقم: ١٧٢٠٦، وما سيأتي من الأخبار.]] * ذكر الرواية بذلك. ١٧٢١٨- حدثنا أبو كريب وابن وكيع = قال أبو كريب: حدثنا وكيع = وقال ابن وكيع: حدثنا أبي = عن ربيعة بن عثمان التيمي، عن عمران بن أبي أنس، رجل من الأنصار، عن سهل بن سعد قال، اختلف رجلان على عهد رسول الله ﷺ في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد النبيّ! وقال الآخر: هو مسجد قباء! فأتيا رسول الله ﷺ فسألاه، فقال: هو مسجدي هذا = اللفظ لحديث أبي كريب، وحديث سفيان نحوه. [[الأثر: ١٧٢١٨ - " ربيعة بن عثمان التيمي "، ثقة، مضى برقم: ١٧٢٠٣. و" عمران بن أبي أنس العامري المصري " ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ ٢٩٤. وأما قول أبي جعفر " رجل من الأنصار "، فظني أن ذلك لأنه يقال إنه مولى " أبي خراش السلمي، أو الأسلمي "، قال ابن سعد: " كانوا يزعمون أنهم من بني عامر بن لؤى، والناس يقولون إنهم موالي، ثم انتموا بعد ذلك إلى اليمن ". ولم أجدهم ذكروا له سماعا من سهل بن سعد الأنصاري، وهو خليق أن يروى عنه، لأن سهل بن سعد مات سنة ٨٨، وعمران مات سنة ١١٧. و" سهل بن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري "، له ولأبيه صحبة، روى عن رسول الله ﷺ، وعن أبي بن كعب، وعاصم بن عدي، وعمرو بن عبسة، ومروان بن الحكم، وهو دونه. وهذا الخبر تفرد به أحمد من هذه الطريق نفسها، في مسنده ٥: ٣٣١، ثم رواه في ص: ٣٣٥، من طريق عبد الله بن عامر، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، وانظر الخبر التالي. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ٣٤، وقال: " رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجالهما رجال الصحيح ".]] ١٧٢١٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو نعيم، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، عن أبيّ بن كعب: أن النبي ﷺ سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: مسجدي هذا. [[الأثر: ١٧٢١٩ - " عبد الله بن عامر الأسلمي "، ضعيف، ذاهب الحديث، مضى برقم: ١٥٥٨٦. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ١١٧، من طريق أبي نعيم، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، ومن طريق عبد الله بن الحارث الأسلمي، عن عبد الله بن عامر. وهذا إسناد ضعيف، لضعف " عبد الله بن عامر الأسلمي ".]] ١٧٢٢٠- حدثني يونس قال، أخبرني ابن وهب قال، حدثني الليث، عن عمران بن أبي أنس، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه، قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قباء! وقال آخر: هو مسجد رسول الله ﷺ! فقال رسول الله: هو مسجدي هذا. [[الأثر: ١٧٢٢٠ - هذا حديث صحيح، رواه الترمذي في كتاب التفسير، ورواه أحمد في مسنده ٣: ٨، ٨٩، وقال الترمذي: " هذا حديث حسن صحيح. وقد روى هذا عن أبي سعيد من غير هذا الوجه، رواه أنيس بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد "، وهو ما سيرويه، أبو جعفر من رقم: ١٧٢٢٢ - ١٧٢٢٤.]] ١٧٢٢١- حدثني بحر بن نصر الخولاني قال، قرئ على شعيب بن الليث، عن أبيه، عن عمران بن أبي أنس، عن سعيد بن أبي سعيد الخدري قال: تمارى رجلان، فذكر مثله. [[الأثر: ١٧٢٢١ - " بحر بن نصر بن سابق الخولاني "، شيخ أبي جعفر، مضى برقم: ١٠٥٨٨، ١٠٦٤٧. وهذا الخبر، ذكره ابن كثير في تفسيره ٤: ٢٤٣، من مسند أحمد قال: " حدثنا موسى بن داود قال، حدثنا ليث، عن عمران بن أبي أنس، عن سعيد بن أبي سعيد قال: تمارى رجلان ". ولم أستطع أن أستخرجه من المسند في ساعتي هذه، وقال ابن كثير: " تفرد به أحمد ".]] ١٧٢٢٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني سَحْبَل بن محمد بن أبي يحيى قال، سمعت عمي أنيس بن أبي يحيى يحدث، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: المسجد الذي أسس على التقوى، مسجدي هذا، وفي كلٍّ خيرٌ. [[الأثر: ١٧٢٢٢ - " سحبل بن محمد بن أبي يحيى سمعان الأسلمي "، هو " عبد الله بن محمد بن أبي يحيى "، وقد ينسب إلى جده. ثقة. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢ / ٢ / ١٥٦. وفي بعض الكتب غير مضبوط " سحيل " بالياء، وضبطه في التقريب بفتح السين المهملة، وسكون الحاء، بعدها موحدة. وكان في المطبوعة: " سجل "، والصواب ما في المخطوطة. و" أنيس بن أبي يحيى سمعان الأسلمي "، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ٢ / ٤٣، وابن أبي حاتم ١ / ١ / ٣٣٤. وأبوه " سمعان "، " أبو يحيى، الأسلمي "، تابعي ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ٢ / ٢٠٥، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٣١٦. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٣: ٢٣ من طريق: يحيى، عن أنيس بن أبي يحيى، بنحوه. ثم رواه أيضا ٣: ٩١ من طريق صفوان، عن أنيس، بنحوه (رواه أبو جعفر برقم: ١٧٢٢٤) . وإسناده صحيح. وسيأتي من طرق أخرى بعده.]] ١٧٢٢٣- حدثني المثنى قال، حدثني الحماني قال، حدثنا عبد العزيز، عن أنيس، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ، بنحوه. [[الأثر: ١٧٢٢٣ - مكرر الذي قبله.]] ١٧٢٢٤- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا صفوان بن عيسى قال، أخبرنا أنيس بن أبي يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد: أن رجلا من بني خُدْرة ورجلا من بني عمرو بن عوف، امتريا في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال الخدريُّ: هو مسجد رسول الله ﷺ، وقال العوفي: هو مسجد قباء. فأتيا النبي ﷺ وسألاه فقال: هو مسجدي هذا، وفي كلٍّ خيرٌ. [[الأثر: ١٧٢٢٤ - رواه أحمد في مسنده، كما أشرت إليه في التعليق على رقم: ١٧٢٢٢. و" صفوان بن عيسى الزهري "، من شيوخ أحمد، ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ٢ / ٢ / ٣١٠، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٢٥.]] * * * القول في تأويل قوله: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: في حاضري المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، رجال يحبُّون أن ينظفوا مقاعدَهم بالماء إذا أتوا الغائط، والله يحبّ المتطهّرين بالماء. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٧٢٢٥- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن شهر بن حوشب قال: لما نزل: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ ، قال رسول الله ﷺ: ما الطُّهور الذي أثنى الله عليكم؟ قالوا: يا رسول الله، نغسل أثر الغائط. [[الأثر: ١٧٢٢٥ - حديث شهر بن حوشب المرسل، سيأتي ذكره في التعليق على رقم: ١٧٢٢٨، بعده.]] ١٧٢٢٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله ﷺ قال لأهل قُباء: "إن الله قد أحسن عليكم الثناء في الطُّهور، فما تصنعون؟ " قالوا: إنا نغسل عنَّا أثر الغائط والبوْل. ١٧٢٢٧- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: لما نزلت: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ ، قال النبي ﷺ: يا معشر الأنصار، ما هذا الطُّهور الذي أثنى الله عليكم فيه؟ قالوا: إنا نَسْتطيب بالماء إذا جئنا من الغائط. ١٧٢٢٨- حدثني جابر بن الكردي قال، حدثنا محمد سابق قال، حدثنا مالك بن مغول، عن سيَّارٍ أبي الحكم، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: قام علينا رسول الله ﷺ فقال: ألا أخبروني، فإن الله قد أثنى عليكم بالطُّهور خيرًا؟ فقالوا: يا رسول الله، إنا نجد عندنا مكتوبًا في التوراة، الاستنجاءُ بالماء. [[الأثر: ١٧٢٢٨ - حديث شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام، سيأتي من طرق، هذا ثم: ١٧٢٢٩ - ١٧٢٣١، ١٧٢٤٠. " جابر بن الكردي بن جابر الواسطي "، شيخ الطبري، ثقة مضى برقم: ٧٢١٦. و"محمد بن سابق التميمي"، ثقة، قيل إنه ليس ممن يوصف بالضبط في الحديث. مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ١ / ١١١، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ٢٨٣، ولم يذكرا فيه جرحا. و" مالك بن مغول بن عاصم البجلي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٥٤٣١، ١٠٨٧٢، ١٤٢٦٨. و" سيار، أبو الحكم العنزي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٣٩. و" شهر بن حوشب الأشعري "، ثقة، مضى برقم: ١٤٨٩، ٥٢٤٤، ٦٦٥٠ - ٦٦٥٢، وبعدها كثير. و" محمد بن عبد الله بن سلام بن الحارث الخزرجي الإسرائيبلي "، له رؤية ورواية محفوظة. مترجم في تعجيل المنفعة: ٣٦٦، ٣٦٧، والكبير ١ / ١ / ١٨، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ٢٩٧، والاستيعاب: ٢٣٤، ٢٣٥، وأسد الغابة ٤: ٣٢٤، والإصابة، في ترجمته. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٦: ٦، من طريق " يحيى بن آدم، حدثنا مالك - يعني ابن مغول - قال سمعت سيارا أبا الحكم غير مرة يحدث عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله. . . ". ورواه البخاري في التاريخ الكبير ١ / ١ / ١٨ من طريق محمد بن يوسف، عن مالك بن مغول، بنحوه، ثم قال: " وقال إسحاق، عن جرير، عن ليث، عن رجل من الأنصار من أهل قباء: لما نزلت، بهذا ". فبين الاختلاف فيه على شهر بن حوشب، وأنه أبهم الرجل من الأنصار. وأشار إليه الحافظ ابن عبد البر في ترجمته وقال: " حديثه مخرج في التفسير، ويختلف في إسناد حديثه هذا، ومنهم من يجعله مرسلا "، والمرسل هو رواية الطبري السالفة رقم: ١٧٢٢٥، وقال ابن حجر في الإصابة: " قال ابن منده: رواه داود بن أبي هند، عن شهر مرسلا، لم يذكر محمد ولا أباه ". ورواه ابن الأثير في أسد الغابة في ترجمته. وسيأتي في رقم: ١٧٢٣٠، قول يحيى بن آدم " ولا أعلم إلا عن أبيه ". فانظر التعليق على الأثر هناك.]] ١٧٢٢٩- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا [يحيى بن رافع] ، عن مالك بن مغول قال، سمعت سيارًا أبا الحكم غير مرة، يحدث، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: لما قدم النبي ﷺ على أهل قُباء قال: إن الله قد أثنى عليكم بالطهور خيرا = يعني قوله: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ ، قالوا: إنا نجده مكتوبًا عندنا في التوراة، الاستنجاءُ بالماء. [[الأثر: ١٧٢٢٩ - " يحيى بن رافع "، هكذا جاء في الموضعين في مطبوعة الطبري ومخطوطته، ولا أدري كيف وقع هذا، فليس في هذه الطبقة من الرواة من أعرفه يقال له " يحيى بن رافع "، وأما "يحيى بن رافع الثقفي"، فهذا قديم جدا سمع عثمان وأبا هريرة، ومضى برقم: ٥٧٧٧، ولكنه لما وقع هكذا في الموضعين أثبته على حاله. أما الذي لا أكاد أشك فيه، فالصواب أنه " يحيى بن آدم "، كما جاء في مسند أحمد، وكما ذكره الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة، والإصابة، وذكر أيضا رواية أبي هشام الرفاعي عن يحيى بن آدم، كما سترى بعد، من طريق البغوي. وهذا الخبر، رواه ابن حجر في الإصابة، وقال: " أخرجه أحمد، والبخاري في تاريخه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن قانع، والبغوي ". وانظر التعليق على رقم: ١٧٢٢٨، وعلى رقم: ١٧٢٣٠.]] ١٧٢٣٠- حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا [يحيى بن رافع] ، قال، حدثنا مالك بن مغول، عن سيار، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام = قال يحيى: ولا أعلمه إلا عن أبيه = قال قال النبي ﷺ لأهل قباء: إن الله قد أثنى عليكم في الطهور خيرًا! قالوا: إنا نجده مكتوبًا علينا في التوراة، الاستنجاءُ بالماء. وفيه نزلت: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ . [[الأثر: ١٧٢٣٠ - هكذا " يحيى بن رافع "، والصواب المرجح " يحيى بن آدم " كما سلف في التعليق الماضي. ومن هذا الطريق ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة وتعجيل المنفعة، وفيه زيادة " ولا أعلمه إلا عن أبيه "، ونسبه إلى البغوي في الصحابة، ثم أعقبه بقوله: " قال قال أبو هشام (يعني الرفاعي) ، وكتبته من أصل كتاب يحيى بن آدم، ليس فيه عن أبيه " ثم قال: " وقال البغوي: حدث به الفريابي، عن مالك بن مغول، عن سيار، عن شهر، عن النبي ﷺ، لم يذكر أباه ". ثم قال: " روى سلمة بن رجاء، عن مالك بن مغول، فزاد فيه: عن أبيه. وقال أبو زرعة الرازي: الصحيح عندنا عن محمد، ليس فيه: عن أبيه ". وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٢١٢، ٢١٣ على محمد بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، ثم قال: " رواه الطبراني في الكبير، وفيه شهر بن حوشب، وقد اختلفوا فيه. ولكنه وثقه أحمد وابن معين، وأبو زرعة، ويعقوب بن أبي شيبة " ثم خرجه عن محمد بن عبد الله بن سلام، ثم قال: " رواه أحمد عن محمد بن عبد الله بن سلام، ولم يقل: عن أبيه، كما قال الطبراني. وفيه شهر أيضا ". فهذا الذي ذكرته دال، أولا، على أن صواب الاسم " يحيى بن آدم "، لا " يحيى بن رافع " كما وقع في المخطوطة والمطبوعة. ودال أيضا على الاختلاف في هذا الخبر اختلافا يوجب النظر. ثم بقي شيء آخر، لم أجد من ذكره في الكلام على هذا الخبر، أرجو أن أكون أصبت في ذكره وبيانه. وذلك أن الثناء من الله على رجال يحبون أن يتطهروا، كانوا يلزمون المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، وهو مسجد قباء بلا شك. وأن رسول الله ﷺ إنما سأل هؤلاء عن ثناء الله عليهم. وهؤلاء الرجال هم من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، ومنزلهم بقباء. وهم قوم عرب على دينهم في الجاهلية، لم يذكر أحد أنهم كانوا يهودا. وخبر شهر بن حوشب هذا، عن محمد بن عبد الله بن سلام، ذكر فيه ثناء الله على هؤلاء الرجال، وأن جوابهم كان: " إنا نجد عندنا مكتوبا في التوراة، الاستنجاء بالماء "، فظاهر هذا الخبر يدل على أن دينهم كان اليهودية. وذلك ما لم أجد قائلا قال به. و" محمد بن عبد الله بن سلام "، وأبوه " عبد الله بن سلام بن الحارث "، من بني قينقاع، من اليهود، من ذرية يوسف النبي عليه السلام، وكان عبد الله بن سلام حليف القواقل من الخزرج، وهم بنو عمرو بن عوف بن الخزرج، وليسوا من " بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس " في شيء، ومنازل هؤلاء غير منازل هؤلاء. وفي إسلام عبد الله بن سلام (سيرة ابن هشام ٢: ١٦٣) ، أنه قال، وذكر رسول الله ﷺ وهجرته: " فلما نزل بقباء، في بني عمرو بن عوف، أقبل رجل حتى أخبر بقدومه، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها "، فعبد الله بن سلام، وولده لم يكن منهم أحد بقباء. فقوله في الخبر رقم: ١٧٢٢٨ " قام علينا رسول الله ﷺ فقال: ألا أخبروني. . . "، إلى آخر الخبر، مشكل جدا، لأن الخبر خبر محمد بن عبد الله بن سلام، والضمير فيه راجع إليه وإلى قومه أو حلفائه بني عمرو بن عوف بن الخزرج، وهذا لا يصح البتة، بدليل قوله في الذي يليه: أن ذلك كان " لما قدم النبي ﷺ على أهل قباء ". وهذا الذي ذكرت اضطراب شديد في صلب الخبر، لا يرفعه شيء. ومهما يكن من أمر إسناده، واختلاف المختلفين فيه على شهر بن حوشب، فإن علته في سياقه، أشد من علته في إسناده عندي. والله أعلم من أين أتى هذا الاضطراب؟ والذي لا شك فيه: أنه بعيد جدا أن يكون هذا الجواب من كلام بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، وأنه أشبه بأن يكون كلام أحد من حلفائهم اليهود. وأوضح منه ما جاء في خبر عويم بن ساعدة (رقم: ١٧٢٣١) ، وهو: " ما نعلم شيئا، إلا أن جيرانا لنا من اليهود، رأيناهم يغسلون أدبارهم من الغائط، فغسلنا كما غسلوا ". فهذا أبين، وأقرب إلى سياق ما سئلوا عنه، وأدنى إلى رفع الاضطراب. والله تعالى أعلم.]] ١٧٢٣١- حدثني عبد الأعلى بن واصل قال، حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري قال، حدثنا أبو أويس المدني، عن شرحبيل بن سعد، عن عويم بن ساعدة، وكان من أهل بدر قال: قال رسول الله ﷺ لأهل قباء: إني أسمع الله قد أثنى عليكم الثَّناء في الطهور، [[في المسند: " قد أحسن عليكم الثناء "، ولو قرئ ما في المخطوطة: " قد أسنى " بمعنى: رفع، لكان حسنا.]] فما هذا الطهور؟ قالوا: يا رسول الله، ما نعلم شيئًا، إلا أن جيرانًا لنا من اليهود رأيناهم يغسلون أدبارهم من الغائط، فغسلنا كما غسلوا. [[الأثر: ١٧٢٣١ - " عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى بن هلال الأسدي "، شيخ الطبري، مضى برقم: ١١١٢٥. و" إسماعيل بن صبيح اليشكري "، ثقة، مضى برقم: ٢٩٩٦، ٨٦٤٠، ١١١٥٨. و" أبو أويس المدني "، هو " عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك الصبحي "، صدوق، ليس بحجة، مضى برقم: ٨٦٤٠. و" شرحبيل بن سعد الخطمي "، قال أخي السيد أحمد فيما سلف رقم: ٨٣٩٦: " الحق أنه ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره، إذ جاوز المئة. وقد فصلنا القول فيه في شرح المسند: ٢١٠٤. وأخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، والكلام في تضعيفه شديد، وذكر الحافظ ابن حجر في التهذيب، روايته عن عويم بن ساعدة فقال: " وفي سماعه من عويم بن ساعدة نظر، لأن عويما مات في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ويقال: في خلافة عمر رضي الله عنه ". وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٣: ٤٢٢ من طريق حسين بن محمد، عن أبي أويس، بنحوه. وذكره ابن كثير في تفسير ٤: ٤١، ثم قال: " ورواه ابن خزيمة في صحيحه ". وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ١: ٢١٢، وقال: " رواه أحمد، والطبراني في الثلاثة. وفيه شرحبيل بن سعد، ضعفه مالك، وابن معين، وأبو زرعة، وثقه ابن حبان ".]] ١٧٢٣٢- حدثني محمد بن عمارة قال، حدثنا محمد بن سعيد قال، حدثنا إبراهيم بن محمد، عن شرحبيل بن سعد قال: سمعت خزيمة بن ثابت يقول: نزلت هذه الآية: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين﴾ ، قال: كانوا يغسلون أدبارهم من الغائط. ١٧٢٣٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي ليلى، عن عامر قال: كان ناس من أهل قُباء يستنجون بالماء، فنزلت: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين﴾ . ١٧٢٣٤- حدثنا الحسن بن عرفة قال، حدثنا شبابة بن سوار، عن شعبة، عن مسلم القُرِّيّ قال: قلت لابن عباس: أصبُّ على رأسي؟ = وهو محرم = قال: ألم تسمع الله يقول: ﴿إن الله يحب التوّابين ويحب المتطهرين﴾ ؟ [[الأثر: ١٧٢٣٤ - " مسلم القري " بضم القاف وتشديد الراء، نسبة إلى بني قرة، من عبد القيس وهو مولاهم = هو: " مسلم بن مخراق العبدي الفريابي "، ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ٢٧١، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ١٩٤.]] ١٧٢٣٥- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص، عن داود، وابن أبي ليلى، عن الشعبي، قال، لما نزلت: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ ، قال رسول الله ﷺ لأهل قباء: ما هذا الذي أثنى الله عليكم؟ قالوا: ما منَّا من أحدٍ إلا وهو يستنجي من الخلاء. ١٧٢٣٦- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن عبد الحميد المدني، عن إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري: أن رسول الله ﷺ قال لعويم بن ساعدة: ما هذا الذي أثنى الله عليكم: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين﴾ ؟ قال: نوشك أن نغسل الأدبار بالماء! [[الأثر: ١٧٢٣٦ - " عبد الحميد المدني ". ظني أنه " عبد الحميد بن سليمان الخزاعي، أبو عمر المدني الضرير "، روى عن أبي حازم، وأبي الزناد، وروى عنه هشيم، وهو من أقرانه، ضعيف الحديث. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣ / ١ / ١٤. و" إبراهيم بن إسماعيل الأنصاري "، ظني أيضا أنه " إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن جارية الأنصاري المدني "، روى عن الزهري وغيره، وهو ضعيف أيضا، كثير الوهم. مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ١ / ٢٧١، وابن أبي حاتم ١ / ١ / ٨٤. وفي تفسير ابن كثير ٤: ٢٤١ " عن إبراهيم بن المعلى الأنصاري "، ولم أجد له ذكرا في كتب الرجال.]] ١٧٢٣٧- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر، عن حصين، عن موسى بن أبي كثير قال: بدء حديث هذه الآية في رجال من الأنصار من أهل قباء: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين﴾ ، فسألهم النبي ﷺ، قالوا: نستنجي بالماء. [[الأثر: ١٧٢٣٧ - " عبد الرحمن بن سعد "، هو " عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي "، مضى برقم: ١٠٦٦٦، ١٠٨٥٥، ١٧٠١١. و" أبو جعفر " هو " أبو جعفر الرازي "، مضى مرارا كثيرة. و" حصين " هو " حصين بن عبد الرحمن السلمي "، مضى مرارا آخرها: ١٦٦٧١. و" موسى بن أبي كثير الأنصاري "، ثقة، في الحديث: مترجم في التهذيب، والكبير ٤ / ١ / ٢٩٣، وابن أبي حاتم ٣ / ١ / ٧.]] ١٧٢٣٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أصبغ بن الفرج قال، أخبرني ابن وهب قال، أخبرني يونس، عن أبي الزناد قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عويم بن ساعدة، من بني عمرو بن عوف، ومعن بن عدي، من بني العجلان، وأبي الدحداح = فأما عويم بن ساعدة، فهو الذي بلغنا أنه قيل لرسول الله ﷺ: مَنِ الذين قال الله فيهم: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين﴾ ؟ فقال رسول الله ﷺ: نعم الرجال، منهم عويم بن ساعدة = لم يبلغنا أنه سمّى منهم رجلا غير عويم. [[الأثر: ١٧٢٣٨ - " أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع الأموي "، الفقيه المصري، ثقة كان وراق ابن وهب، وكان من أجل أصحابه، وكان من أعلم خلق الله كلهم برأي مالك، مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ٢ / ٣٧، وابن أبي حاتم ١ / ١ / ٣٢١. وهذا الخبر جزء من حديث السقيفة (الفتح ١٢: ١٣٣) ، وعلق عليه الحافظ ابن حجر هناك، وذكر طرقه. وذكره في الإصابة في ترجمة " عويم بن ساعدة "، وذكر هذه الزيادة عن الإسماعيلي قال: " وزاد الإسماعيلي في روايته قال الزهري، فأخبرني عروة بن الزبير أن الرجلين اللذين لقياهما، هما: عويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، فأما عويم، فهو الذي بلغنا. . . "، بنحوه. وخبر السقيفة، رواه البخاري (الفتح ١٢: ١٢٨ - ١٣٩) من طريق عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس. ورواه أحمد في مسنده رقم: ٣٩١، من طريق مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري. (وفي المسند: " عويمر بن ساعدة "، وهو خطأ، صوابه: عويم بن ساعدة) . ورواه ابن سعد الطبقات ٣ / ٢ / ٣١، مختصرا، وفيه نحو خبر لفظ أبي جعفر، من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، وفيه " قال ابن شهاب: وأخبرني عروة بن الزبير أن الرجلين اللذين لقومهما، عويم بن ساعدة، ومعن بن عدي. فأما عويم بن ساعدة فهو الذي بلغنا. . . "، بنحوه.]] ١٧٢٣٩- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن هشام بن حسان قال، حدثنا الحسن قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين﴾ ، قال رسول الله ﷺ: ما هذا الذي ذكركم الله به في أمر الطهور، فأثنى به عليكم؟ قالوا: نغسل أثر الغائِطِ والبول. ١٧٢٤٠- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن مالك بن مغول قال، سمعت سيارًا أبا الحكم يحدّث، عن شهر بن حوشب، عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله ﷺ المدينة = أو قال: قدم علينا رسول الله = فقال: إن الله قد أثنى عليكم في الطهور خيرًا أفلا تخبروني؟ " قالوا: يا رسول الله، إنا نجد علينا مكتوبًا في التوراة، الاستنجاءُ بالماء = قال مالك: يعني قوله: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ . [[الأثر: ١٧٢٤٠ - هذا مكرر الآثار السالفة من رقم: ١٧٢٢٥، ثم رقم: ١٧٢٢٨ - ١٧٢٣٠، فانظر التعليق عليها هناك.]] ١٧٢٤١- حدثني أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ ، سألهم رسول الله ﷺ: ما طهوركم هذا الذي ذكرَ الله؟ قالوا: يا رسول الله، كنا نستنجي بالماء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام لم ندعْه. قال: فلا تدَعوه. ١٧٢٤٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: كان في مسجد قُباء رجال من الأنصار يوضِّئون سَفِلَتهم بالماء، [[قوله: " يوضئون سفلتهم " يعني، يغسلون أدبارهم. و " السفلة " بمعنى المقعدة والدبر، لم تذكر في كتب اللغة، والمذكور بهذا المعنى " السافلة ". وضبطتها " بفتح السين وكسر الفاء " قياسا على قولهم: " سفلة البعير "، وهي قوائمه، لأنها أسفل.]] يدخلون النخل والماء يجري فيتوضئون، فأثنى الله بذلك عليهم فقال: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ ، الآية. ١٧٢٤٣- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا طلحة بن عمرو، عن عطاء قال: أحدث قوم الوضوء بالماء من أهل قباء، فنزلت فيهم: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين﴾ . * * * وقيل: ﴿والله يحب المطهرين﴾ ، وإنما هو: "المتطهِّرين"، ولكن أدغمت التاء في الطاء، فجعلت طاء مشددة، لقرب مخرج إحداهما من الأخرى. [[انظر تفسير " المطهر " فيما سلف ٤: ٣٨٤.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب