الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (١٧) ﴾ . يقول تعالى ذكره: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ ترْجع بالغيوم وأرزاق العباد كلّ عام؛ ومنه قول المتنخِّل في صفة سيف: أبْيَضُ كالرَّجْعِ رَسُوبٌ إذَا ... مَا ثَاخَ فِي مُحْتَفَلٍ يَخْتَلِي [[ديوان الستة الجاهليين: ٣١. يصف ناقته. تباري: تجاريها وتسابقها. والعتاق جمع عتيق: وهو الكريم المعرق في كرم الأصل. وناجيات: مسرعات في السير، من النجاء، وهو سرعة السير. والوظيف: من رسغي البعير إلى ركبتيه في يديه، وأما في رجليه فمن رسغيه إلى عرقوبيه. وعنى بالوظيف هنا: الخف.]] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن خصيف، عن عكرِمة، عن ابن عباس: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ قال: السحاب فيه المطر. ⁕ حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن خَصِيف، عن عكرِمة، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ قال: ذات السحاب فيه المطر. ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ يعني بالرجع: القطر والرزق كلّ عام. ⁕ حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ قال: ترجع بأرزاق الناس كلّ عام؛ قال أبو رجاء: سُئل عنها عكرِمة، فقال: رجعت بالمطر. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ قال: السحاب يمطر، ثم يَرجع بالمطر. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ قال: ترجع بأرزاق العباد كلّ عام، لولا ذلك هلَكوا، وهلَكت مواشيهم. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ قال: ترجع بالغيث كلّ عام. ⁕ حُدثت عن الحسين: قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ يعني: المطر. وقال آخرون: يعني بذلك: أن شمسها وقمرها يغيب ويطلُع. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ قال: شمسها وقمرها ونجومها يأتين من هاهنا. * * * وقوله: ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ يقول تعالى ذكره: والأرض ذات الصدع بالنبات. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خَصِيف، عن عكرِمة، عن ابن عباس ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ قال: ذات النبات. ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ يقول: صدعها إخراج النبات في كلّ عام. ⁕ حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَيَة، عن أبي رجاء، عن الحسن ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ قال: هذه تصدع عما تحتها؛ قال أبو رجاء: وسُئل عنها عكرِمة، فقال: هذه تصدع عن الرزق. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، عن ابن أبي نجيح، قال مجاهد: ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ مثل المأزم مأزم منى. ⁕ حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ قال: الصدع: مثل المأزم، غير الأودية وغير الجُرُف. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ تصدع عن الثمار وعن النبات كما رأيتم. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ قال: تصدع عن النبات. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ وقرأ: ﴿ثُمَّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا﴾ إلى آخر الآية، قال: صدعها للحرث. ⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ :النبات. * * * وقوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ يقول تعالى ذكره: إن هذا القول وهذا الخبر لقول فصل: يقول: لقول يفصل بين الحقّ والباطل ببيانه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في العبارة عنه، فقال بعضهم: لقول حقّ. وقال بعضهم: لقول حكم. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ يقول: حقّ. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ :أي حُكْم. * * * وقوله: ﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ يقول: وما هو باللعب ولا الباطل. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ يقول: بالباطل. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ قال: باللعب. * * * وقوله: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا﴾ يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء المكذّبين بالله ورسوله والوعد والوعيد يمكرون مكرًا. * * * وقوله: ﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ يقول: وأمكر مكرًا؛ ومكره جلّ ثناؤه بهم: إملاؤه إياهم على معصيتهم وكفرهم به. * * * وقوله: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ﴾ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: فمهِّل يا محمد الكافرين ولا تعجل عليهم ﴿أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ يقول: أمهلهم آنًا قليلا وأنظرهم للموعد الذي هو وقت حلول النقمة بهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ﴿أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ يقول: قريبًا. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ الرويد: القليل. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ قال: مَهِّلْهم، فلا تعجل عليهم تَرْكَهُمْ، حتى لمَّا أراد الانتصار منهم أمره بجهادهم وقتالهم، والغلظة عليهم. آخر تفسير سورة والسماء والطارق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب