الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "ويبطل الباطل"، حين تستغيثون ربكم= ف "إذْ" من صلة "يبطل".
* * *
ومعنى قوله: ﴿تستغيثون ربكم﴾ ، تستجيرون به من عدوكم، وتدعونه للنصر عليهم= "فاستجاب لكم" فأجاب دعاءكم، [[انظر تفسير " استجاب " فيما سلف ص: ٣٢١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] بأني ممدكم بألف من الملائكة يُرْدِف بعضهم بعضًا، ويتلو بعضهم بعضًا. [[انظر تفسير " الإمداد " فيما سلف ١: ٣٠٧، ٣٠٨ \ ٧: ١٨١.]]
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاءت الرواية عن أصحاب رسول الله ﷺ. * ذكر الأخبار بذلك:
١٥٧٣٤- حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن عكرمة بن عمار قال، حدثني سماك الحنفي قال، سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر، ونظرَ رَسول الله ﷺ إلى المشركين وعِدّتهم، ونظر إلى أصحابه نَيِّفا على ثلاثمئة، فاستقبل القبلة، فجعل يدعو يقول: "اللهم أنجز لي ما وعدتني! اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض! "، فلم يزل كذلك حتى سقط رداؤه، وأخذه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فوضع رداءه عليه، ثم التزمه من ورائه، [[" التزمه "، احتضنه أو اعتنقه.]] ثم قال: كفاك يا نبي الله، بأبي وأمي، مناشدتَك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك! فأنزل الله: ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين﴾ . [[الأثر: ١٥٧٣٤ - " عكرمة بن عمار اليمامي العجلي "، ثقة، مضى برقم: ٨٤٩، ٢١٨٥، ٨٢٢٤، ١٣٨٣٢.
و" سماك الحنفي "، هو " سماك بن الوليد الحنفي "، " أبو زميل "، ثقة. مضى برقم: ١٣٨٣٢.
وهذا الخبر، رواه مسلم في صحيحه ١٢: ٨٤ - ٨٧، مطولا من طريق هناد بن السري، عن عبد الله بن المبارك، عن عكرمة.
رواه أحمد في مسنده رقم: ٢٠٨، ٢٢١، من طريق أبي نوح قراد، عن عكرمة ابن عمار. مطولا.
وروى بعضه أبو داود في سننه ٣: ٨٢.
ورواه الترمذي في كتاب التفسير، مختصرًا، من طريق محمد بن بشار، عن عمر بن يونس اليمامي، عن عكرمة، وقال " هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه من حديث عمر، إلا من حديث عكرمة بن عمار، عن أبي زميل ".
ورواه أبو جعفر الطبري في تاريخه، من الطريق نفسها ٢: ٢٨٠.]]
١٥٧٣٥- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: لما اصطفَّ القوم، قال أبو جهل: اللهم أولانا بالحق فانصره! ورفع رسول الله ﷺ يده فقال: يا رب، إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا!
١٥٧٣٦- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قام النبي ﷺ فقال: اللهم ربنا أنزلت علي الكتاب، وأمرتني بالقتال، ووعدتني بالنصر، ولا تخلف الميعاد! فأتاه جبريلُ عليه السلام، فأنزل الله: ﴿أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزِلِينَ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾ ، [[الأثر: ١٥٧٣٦ - هذا الخبر لم يذكره أبو جعفر في تفسير آية سورة آل عمران ٧: ١٧٣ - ١٩٠.]]
[سورة ال عمران: ١٢٤-١٢٥] .
١٥٧٣٧- حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيْع قال: كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع رسول الله ﷺ في العريش، فجعل النبي ﷺ يدعو يقول: اللهم انصر هذه العصابة، فإنك إن لم تفعل لن تعبد في الأرض! قال: فقال أبو بكر: بعضَ مناشدتك مُنْجِزَك ما وعدك. [[الأثر: ١٥٧٣٧ - " أبو إسحاق "، هو الهمداني السبيعي، وكان في المطبوعة " ابن إسحاق " غير ما في المخطوطة، فأساء.
و" زيد بن يثيع الهمداني "، ويقال: " ... أثيع " و " أثيل ". آخره لام. روى عن أبي بكر الصديق، وعلي، وحذيفة، وأبي ذر، وعنه أبو إسحاق السبيعي فقط. ذكره ابن حبان في الثقات، مترجم في التهذيب، وابن سعد: ١٥٥، والكبير ٢ \ ١ \ ٣٧٣، وابن أبي حاتم ١ \ ٢ \ ٥٧٣ في " زيد بن نفيع الهمداني "، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، ولكن العجب أنه كان هناك في المطبوعة والمخطوطة، " زيد بن نفيع " أيضًا.
و" يثيع " بالياء والثاء، مصغرًا، هكذا ضبط. وقال ابن دريد في كتاب الاشتقاق: ٢٤٩: "يثيع" "يفعل" من "ثاع، يثيع"، إذا اتسع وانبسط.]]
١٥٧٣٨- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أقبل النبي ﷺ يدعو الله ويستغيثه ويستنصره، فأنزل الله عليه الملائكة.
١٥٧٣٩- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: ﴿إذ تستغيثون ربكم﴾ ، قال: دعاء النبي ﷺ.
١٥٧٤٠- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ﴿إذ تستغيثون ربكم﴾ ، أي: بدعائكم، حين نظروا إلى كثرة عدوهم وقلة عددهم= "فاستجاب لكم"، بدعاء رسول الله ﷺ ودعائكم معه. [[الأثر: ١٥٧٤٠ - سيرة ابن هشام ٢: ٣٢٢، ٣٢٣، وهو تابع الأثر السالف رقم: ١٥٧٣١، وليس في سيرة ابن هشام " معه "، في آخر الخبر.]]
١٥٧٤١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي صالح قال: لما كان يوم بدر جعل النبي ﷺ يناشد ربه أشد النِّشدة يدعو، [[" النشدة " (بكسر فسكون) مصدر: " نشدتك الله "، أي سألتك به واستحلفتك.]] فأتاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، بعض نِشْدَتك، فوالله ليفيَنَّ الله لك بما وعدك!
* * *
وأما قوله: ﴿أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين﴾ ، فقد بينا معناه. [[انظر ما سلف ص: ٤٠٩.]]
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٥٧٤٢- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين﴾ ، يقول: المزيد، كما تقول: "ائت الرجل فزده كذا وكذا".
١٥٧٤٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أحمد بن بشير، عن هارون بن عنترة [عن أبيه] ، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿مردفين﴾ ، قال: متتابعين. [[الأثر: ١٥٧٤٣ - " أحمد بن بشير الكوفي "، مضى برقم ٧٨١٩، ١١٠٨٤.
و" هارون بن عنترة بن عبد الرحمن "، مضى مرارًا كثيرة آخرها: ١١٠٨٤.
وأبوه " عنترة بن عبد الرحمن "، مضى أيضًا، انظر رقم ١١٠٨٤.]]
١٥٧٤٤-. . . . قال، حدثني أبي، عن سفيان، عن هارون بن عنترة، [عن أبيه] ، عن ابن عباس، مثله. [[الأثر: ١٥٧٤٤. زيادة " عن أبيه " بين قوسين، هو ما أرجح أنه الصواب، وأن إسقاطها من الناسخ. انظر الإسناد السالف.]]
١٥٧٤٥- حدثني سليمان بن عبد الجبار قال، حدثنا محمد بن الصلت قال، حدثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿ممدكم بألف من الملائكة مردفين﴾ ، قال: وراء كل ملك ملك. [[الأثر: ١٥٧٤٥ - " سليمان بن عبد الجبار بن زريق الخياط "، شيخ الطبري، مضى برقم: ٥٩٩٤، ٩٧٤٥.
و" محمد بن الصلت بن الحجاج الأسدي "، مضى برقم: ٣٠٠٢، ٥٩٩٤، ٩٧٤٥.
و" أبو كدينة "، " يحيى بن المهلب البجلي "، مضى برقم: ٤١٩٣، ٥٩٩٤، ٩٧٤٥.
و" قابوس بن أبي ظبيان الجنبي "، مضى برقم: ٩٧٤٥، ١٠٦٨٣.
وأبوه " أبو ظبيان "، هو: " حصين بن جندب الجنبي "، مضى برقم: ٩٧٤٥، ١٠٦٨٣.]]
١٥٧٤٦ - حدثني ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن أبي كدينة يحيى بن المهلب، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿مردفين﴾ ، قال: متتابعين. [[الأثر: ١٥٧٤٦ - انظر رجال الأثر السالف.]]
١٥٧٤٧-. . . . قال، حدثنا هانئ بن سعيد، عن حجاج بن أرطأة، عن قابوس قال: سمعت أبا ظبيان يقول: ﴿مردفين﴾ ، قال: الملائكة، بعضهم على إثر بعض. [[الأثر: ١٥٧٤٧ - " هانئ بن سعيد النخعي "، شيخ ابن وكيع، سلف برقم: ١٣١٥٩، ١٣٩٦٥، ١٤٨٣٦.]]
١٥٧٤٨-. . . . قال، حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك قال: ﴿مردفين﴾ ، قال: بعضهم على إثر بعض.
١٥٧٤٩- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.
١٥٧٥٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: ﴿مردفين﴾ ، قال: ممدِّين= قال ابن جريج، عن عبد الله بن كثير قال: ﴿مردفين﴾ ، "الإرداف"، الإمداد بهم.
١٥٧٥١- حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: ﴿بألف من الملائكة مردفين﴾ ، أي متتابعين.
١٥٧٥٢- حدثنا [محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور] قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿بألف من الملائكة مردفين﴾ ، يتبع بعضهم بعضًا. [[الأثر: ١٥٧٥٢ - صدر هذا الإسناد خطأ لا شك فيه. وهو كما وضعته بين القوسين، جاء في المطبوعة. أما المخطوطة، فهو فيها هكذا: " حدثنا محمد بن عبد الله قال، حدثنا محمد ابن ثور قال، حدثنا بن عبد الأعلى قال حدثنا أحمد بن المفضل ... "، وهو خلط لا ريب، وهما إسنادان.
فالإسناد الأول، هو: " حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد ثور، عن معمر ... "، وهو إسناد دائر في التفسير.
والإسناد الثاني، وهو هذا كما يجب أن يكون:
" حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل ... "، وهو إسناد دائر في التفسير، أقربه رقم: ١٥٧٣٨.
وظاهر أنه قد سقط تمام إسناد " محمد بن عبد الأعلى ".]]
١٥٧٥٣- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ﴿مردفين﴾ ، قال: "المردفين"، بعضهم على إثر بعض، يتبع بعضهم بعضًا.
١٥٧٥٤- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿بألف من الملائكة مردفين﴾ ، يقول: متتابعين، يوم بدر.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة أهل المدينة: "مُرْدَفِينَ"، بنصب الدال.
* * *
وقرأه بعض المكيين وعامة قرأة الكوفيين والبصريين: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ .
* * *
وكان أبو عمرو يقرؤه كذلك، ويقول فيما ذكر عنه: هو من "أردف بعضهم بعضًا".
* * *
وأنكر هذا القول من قول أبي عمرو بعض أهل العلم بكلام العرب وقال: إنما "الإرداف"، أن يحمل الرجل صاحبه خلفه. قال: ولم يسمع هذا في نعت الملائكة يوم بدر.
* * *
واختلف أهل العلم بكلام العرب في معنى ذلك إذا قرئ بفتح الدال أو بكسرها.
فقال بعض البصريين والكوفيين: معنى ذلك إذا قرئ بالكسر: أن الملائكة جاءت يتبع بعضهم بعضًا، على لغة من قال: "أردفته". وقالوا: العرب تقول: "أردفته". و"رَدِفته"، بمعنى "تبعته" و"أتبعته"، واستشهد لصحة قولهم ذلك بما قال الشاعر: [[هو: حزيمة بن نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، من قدماء الشعراء في الجاهلية. و " حزيمة " بالحاء المهملة المفتوحة، وكسر الزاي، هكذا ضبطه في تاج العروس، وقال: " وحزيمة بن نهد " في قضاعة. وهو في كتب كثيرة " خزيمة بن نهد "، أو " خزيمة بن مالك بن نهد " (اللسان: ردف) . وقد قرأت في جمهرة الأنساب لابن حزم: ٤١٨، أن " نهد بن زيد "، ولد " خزيمة " و " حزيمة "، فهذا يقتضي التوقف والنظر في ضبطه، وأيهما كان صاحب القصة والشعر. وإن كان الأرجح هو الأول.]] إِذَا الْجَوْزَاءُ أرْدَفَتِ الثُّرَيَّا ظَنَنْتُ بِآلِ فَاطِمَةَ الظُّنُونَا [[الأغاني ١٣: ٧٨، معجم ما استعجم: ١٩، سمط اللآلئ: ١٠٠، شرح ديوان أبي ذؤيب: ١٤٥. المعارف لا بن قتيبة: ٣٠٢، الأزمنة والأمكنة ٢: ١٣٠، جمهرة الأمثال: ٣١، الأمثال للميداني ١: ٦٥، اللسان (ردف) ، (قرظ) .
وسبب هذا الشعر: أن حزيمة بن نهد كان مشئومًا فاسدًا متعرضًا للنساء، فعلق فاطمة بنت يذكر ابن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار، (وهو أحد القارظين المضروب بهما المثل) ، فاجتمع قومه وقومها في مربع، فلما انقضى الربيع، ارتحلت إلى منازلها فقيل له: يا حزيمة: لقد ارتحلت فاطمة! قال: أما إذا كانت حية ففيها أطمع! ثم قال في ذلك: إِذَا الْجَوْزَاءُ أرْدَفَتِ الثُّرَيَّا ... ظَنَنْتُ بِآلِ فَاطِمَةَ الظُّنُونَا
ظَنَنْتُ بِهَا، وَظَنُّ المرء حُوبٌ ... وَإنْ أَوْفَى، وَإِنْ سَكَنَ الحَجُونا
وَحَالَتْ دُونَ ذَلِكَ مِنْ هُمُومِي ... هُمُومٌ تُخْرِيُج الشَّجَنَ الدَّفينَا
أَرَى ابْنَةَ يَذْكُرٍ ظَعَنَتْ فَحَلَّتْ ... جَنُوبَ الْحَزْنِ، يا شَحَطًا مُبِينَا!
فبلغ ذلك ربيعة، فرصدوه، حتى أخذوه فضربوه. فمكث زمانًا، ثم أن حزيمة قال ليذكر ابن عنزة: أحب أن تخرج حتى نأتي بقرظ. فمرا بقليب فاستقيا، فسقطت الدلو، فنزل يذكر ليخرجها. فلما صار إلى البئر، منعه حزيمة الرشاء، وقال: زوجني فاطمة! فقال: على هذه الحال، اقتسارًا! أخرجني أفعل! قال: لا أخرجك! فتركه حتى مات فيها. فلما رجع وليس هو معه، سأله عنه أهله، فقال: فارقني، فلست أدري أين سلك! فاتهمته ربيعة، وكان بينهم وبين قومه قضاعة في ذلك شر، ولم يتحقق أمر فيؤخذ به، حتى قال حزيمة: فَتَاةٌ كَأَنَّ رُضَابَ العَبِيرِ ... بِفِيهَا، يُعَلُّ بِهِ الزَّنْجَبِيلُ
قَتَلْتُ أَبَاهَا عَلَى حُبِّهَا، ... فَتَبْخَلُ إنْ بَخِلَتْ أوْ تُنِيلُ
عندئذ، ثارت الحرب بين قضاعة وربيعة.
قال أبو بكر بن السراج في معنى بيت الشاهد: " إن الجوزاء تردف الثريا في اشتداد الحر، فتتكبد السماء في آخر الليل، وعند ذلك تنقطع المياه وتجف، فيتفرق الناس في طلب المياه، فتغيب عنه محبوبته، فلا يدري أين مضت، ولا أين نزلت ". وانظر أيضًا شرحه في الأزمنة والأمكنة ٢: ١٣٠، ١٣١.]]
قالوا: فقال الشاعر: "أردفت"، وإنما أراد "ردفت"، جاءت بعدها، لأن الجوزاء تجئ بعد الثريا.
وقالوا معناه إذا قرئ ﴿مردَفين﴾ ، أنه مفعول بهم، كأن معناه: بألف من الملائكة يُرْدِف الله بعضهم بعضًا. [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤٠٤، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٤١.]]
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك، إذا كسرت الدال: أردفت الملائكة بعضها بعضًا= وإذا قرئ بفتحها: أردف الله المسلمين بهم.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي، قراءة من قرأ: ﴿بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ ، بكسر الدال، لإجماع أهل التأويل على ما ذكرت من تأويلهم، أن معناه: يتبع بعضهم بعضًا، ومتتابعين= ففي إجماعهم على ذلك من التأويل، الدليلُ الواضح على أن الصحيح من القراءة ما اخترنا في ذلك من كسر الدال، بمعنى: أردف بعض الملائكة بعضًا، ومسموع من العرب: "جئت مُرْدِفًا لفلان"، أي: جئت بعده.
وأما قول من قال: معنى ذلك إذا قرئ "مردَفين" بفتح الدال: أن الله أردفَ المسلمين بهم= فقولٌ لا معنى له، إذ الذكر الذي في "مردفين" من الملائكة دون المؤمنين. وإنما معنى الكلام: أن يمدكم بألف من الملائكة يُرْدَف بعضهم ببعض. ثم حذف ذكر الفاعل، وأخرج الخبر غير مسمَّى فاعلُه، فقيل: ﴿مردَفين﴾ ، بمعنى: مردَفٌ بعض الملائكة ببعض.
ولو كان الأمر على ما قاله من ذكرنا قوله، وجب أن يكون في "المردفين" ذكر المسلمين، لا ذكر الملائكة. وذلك خلاف ما دلّ عليه ظاهر القرآن.
وقد ذكر في ذلك قراءة أخرى، وهي ما:-
١٥٧٥٥- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، قال عبد الله بن يزيد: "مُرَدِّفِينَ" و"مُرِدِّفِينَ" و "مُرُدِّفِينَ"، مثقَّل [[ضبطها القرطبي في تفسيره ٧: ٣٧١.]] على معنى: "مُرْتَدِفين".
١٥٧٥٦- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال، حدثني عبد العزيز بن عمران عن الزمعي، عن أبي الحويرث، عن محمد بن جبير، عن علي رضي الله عنه قال: نزل جبريل في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي ﷺ وفيها أبو بكر رضي الله عنه، ونزل ميكائيل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي ﷺ، وأنا فيها. [[الطبري: ١٥٧٥٦ - " عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن ابن عوف الزهري "، الأعرج، يعرف " بابن أبي ثابت "، كان صاحب نسب وشعر، ولم يكن صاحب حديث، وكان يشتم الناس ويطعن في أحسابهم. قال البخاري " منكر الحديث، لا يكتب حديثه "، وقال ابن أبي حاتم: " منكر الحديث جدًا ". مضى برقم: ٨٠١٢.
و" الزمعي "، هو " موسى بن يعقوب الزمعي القرشي "، ثقة، متكلم فيه مضى برقم: ٩٩٢٣، زكان في المطبوعة هناك " الربعي "، وهي في المخطوطة غير منقوطة، وهذا صوابه، وهو الذي يروى عن أبي الحويرث.
و" أبو الحويرث " هو: " عبد الرحمن بن معاوية بن الحويرث الأنصاري الزرقي "، ثقة، متكلم فيه حتى قالوا: " لا يحتج بحديثه، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٢/٢/٢٨٤، و"محمد بن جبير بن مطعم"، ثقة تابعي مضى برقم: ٩٢٦٩. وهو إسناد ضعيف جداً.]]
{"ayah":"إِذۡ تَسۡتَغِیثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ أَنِّی مُمِدُّكُم بِأَلۡفࣲ مِّنَ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ مُرۡدِفِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق