الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٥) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله: "اتقوا"، أيها المؤمنون= "فتنة"، يقول: اختبارًا من الله يختبركم، وبلاء يبتليكم [[انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف ص: ١٥١، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] = "لا تصيبن"، هذه الفتنة التي حذرتكموها [[انظر تفسير " الإصابة " فيما سلف ٢: ٩٦، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] "الذين ظلموا"، وهم الذين فعلوا ما ليس لهم فعله، إما إجْرام أصابوها، وذنوب بينهم وبين الله ركبوها. يحذرهم جل ثناؤه أن يركبوا له معصية، أو يأتوا مأثمًا يستحقون بذلك منه عقوبة. [[انظر تفسير " الخصوص " فيما سلف ٢: ٤٧١ \ ٦: ٥١٧.]] * * * وقيل: إن هذه الآية نزلت في قوم من أصحاب رسول الله ﷺ، وهم الذين عُنوا بها. * ذكر من قال ذلك: ١٥٩٠٣- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن إبراهيم قال، حدثنا الحسن بن أبي جعفر قال، حدثنا داود بن أبي هند، عن الحسن في قوله: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ ، قال: نزلت في علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، رحمة الله عليهم. ١٥٩٠٤- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ ، قال قتادة: قال الزبير بن العوام: لقد نزلت وما نرى أحدًا منا يقع بها. ثم خُلِّفْنا في إصابتنا خاصة. [[في المطبوعة: " ثم خصتنا في إصابتنا خاصة "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو فيها غير منقوط، وظننت أن صواب نقطها ما أثبت. يعني: أنهم بقوا بعد الذين مضوا، فإذا هي في إصابتهم خاصة.]] ١٥٩٠٥ - حدثني المثنى قال، حدثنا زيد بن عوف أبو ربيعة قال، حدثنا حماد، عن حميد، عن الحسن: أن الزبير بن العوام قال: نزلت هذه الآية: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ ، وما نظننا أهلها، ونحن عُنِينا بها. [[الأثر: ١٥٩٠٥ - " زيد بن عوف القطعي "، " أبو ربيعة ". ولقبه " فهد "، متكلم فيه، ضعيف، مضى برقم: ٥٦٢٣، ١٤٢١٥، ١٤٢١٨.]] ١٥٩٠٦ -. . . . قال، حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن الصلت بن دينار، عن ابن صبهان قال: سمعت الزبير بن العوام يقول: قرأت هذه الآية زمانًا، وما أرانا من أهلها، فإذا نحن المعنيون بها: ﴿واتقوا فتنه لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب﴾ . [[الأثر: ١٥٩٠٦ - " الصلت بن دينار الأزدي " " أبو شعيب "، " المجنون ". متروك لا يحتج بحديثه. مترجم في التهذيب. والكبير ٢ / ٢ / ٣٠٥، وابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٤٣٧. وميزان الاعتدال ١: ٤٦٨. وابن صهبان" هو "عقبة بن صهبان الحداني الأزدي " تابعي ثقة، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ١١٣/ ٣١٢، ولم أجدهم ذكروا له رواية عن الزبير بن العوام، ولكنه روى عن عثمان، وعياض بن حمار، وعبد الله بن مغفل، وأبي بكرة الثقفي وعائشة.]] ١٥٩٠٧- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصه﴾ ، قال: هذه نزلت في أهل بدر خاصة، وأصابتهم يوم الجمل، فاقتتلوا. ١٥٩٠٨- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن ابن أبي خالد، عن السدي: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب﴾ ، قال: أصحاب الجمل. ١٥٩٠٩- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منعم خاصة﴾ ، قال: أمر الله المؤمنين أن لا يقرُّوا المنكر بين أظهرهم، فيعمَّهم الله بالعذاب. ١٥٩١٠-. . . . قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ ، قال: هى أيضًا لكم. ١٥٩١١- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ﴿واتقوا فتنه لا تصيبن الذين ظلموا منعم خاصة﴾ ، قال: "الفتنة"، الضلالة. ١٥٩١٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن المسعودي، عن القاسم قال: قال عبد الله: ما منكم من أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، إن الله يقول: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [سورة الأنفال: ٢٨] ، فليستعذ بالله من مُضِلات الفتن. [[الأثر: ١٥٩١٢ - انظر الأثر التالي رقم: ١٥٩٣٤، ونصه: " فمن استعاذ منكم، فليستعذ ... "، وكأنه الصواب.]] ١٥٩١٣- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن قال: قال الزبير: لقد خُوِّفنا بها= يعني قوله: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ . * * * واختلف أهل العربية في تأويل ذلك. فقال بعض نحويي البصرة: ﴿اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا﴾ ، قوله: "لا تصيبن"، ليس بجواب، ولكنه نهي بعد أمر، ولو كان جوابًا ما دخلت "النون". * * * وقال بعض نحويي الكوفة قوله: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا﴾ ، أمرهم ثم نهاهم. وفيه طرَفٌ من الجزاء، [[في المطبوعة: " ومنكم ظرف من الجزاء "، فجاء الناشر بكلام غث لا معنى له وفي المخطوطة: " ومنه طرف "، وصواب قراءته ما أثبت، مطابقًا لما في معاني القرآن للفراء.]] وإن كان نهيًا. قال: ومثله قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ﴾ ، [سورة النمل: ١٨] ، أمرهم ثم نهاهم، وفيه تأويل الجزاء. [[هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ٤٠٧.]] وكأن معنى الكلام عنده: اتقوا فتنة، إن لم تتقوها أصابتكم. * * * وأما قوله: ﴿واعلموا أن الله شديد العقاب﴾ ، فإنه تحذير من الله، ووعيد لمن واقع الفتنة التي حذره إياها بقوله: ﴿واتقوا فتنة﴾ ، يقول: اعلموا، أيها المؤمنون، أن ربكم شديد عقابه لمن افتُتن بظلم نفسه، وخالف أمره، فأثم به. [[انظر تفسير " شديد العقاب " فيما سلف من فهارس اللغة (شدد) ، (عقب) .]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب