الباحث القرآني
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (١) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (٢) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (٣) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (٤) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (٥) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (٨) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (٩) ﴾
.
أقسم ربنا جلّ جلاله بالنازعات، واختلف أهل التأويل فيها، وما هي، وما تنزع؟ فقال بعضهم: هم الملائكة التي تنزع نفوس بني آدم، والمنزوع نفوس الآدميين.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: ثنا النضر بن شُمَيل، قال: أخبرنا شعبة، عن سليمان، قال: سمعت أبا الضحى، عن مسروق، عن عبد الله ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ قال: الملائكة.
⁕ حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق أنه كان يقول في النازعات: هي الملائكة.
⁕ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يوسف بن يعقوب، قال: ثنا شعبة، عن السُّدِّي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في النازعات قال: حين تنزع نفسه.
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ قال: تنزع الأنفس.
⁕ حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ قال: نزعت أرواحهم، ثم غرقت، ثم قذف بها في النار.
وقال آخرون: بل هو الموت ينزع النفوس.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ قال: الموت.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
وقال آخرون: هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق.
⁕ حدثنا الفضل بن إسحاق، قال: ثنا أبو قُتَيبة، قال: ثنا أبو العوّام، أنه سمع الحسن في ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ قال: النجوم.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ قال: النجوم.
وقال آخرون: هي القسيّ تنزع بالسهم.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ قال: القسيّ.
وقال آخرون: هي النفس حين تُنزع.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السدّي ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ قال: النفس حين تَغرق في الصدر.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أقسم بالنازعات غرقا، ولم يخصص نازعة دون نازعة، فكلّ نازعة غرقا، فداخلة في قسمه، ملكا كان أو موتا، أو نجما، أو قوسا، أو غير ذلك. والمعنى: والنازعات إغراقا كما يغرق النازع في القوس.
* * *
وقوله: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾
اختلف أهل التأويل أيضا فيهنّ، وما هنّ، وما الذي ينشط، فقال بعضهم: هم الملائكة، تنشِط نفس المؤمن فتقبضُها، كما ينشط العقال من البعير إذا حُلّ عنه.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ قال: الملائكة.
وكان الفرّاء يقول: الذي سمعت من العرب أن يقولوا: أنشطت، وكأنما أنشط من عقال، ورَبْطُها: نشطها، والرابط: الناشط؛ قال: وإذا رَبَطْتَ الحبل في يد البعير فقد نشطته تنشطه، وأنت ناشط، وإذا حللته فقد أنشطته.
وقال آخرون: ﴿النَّاشِطاتِ نَشْطا﴾ هو الموت يَنْشِط نفسَ الإنسان.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ قال: الموت.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
⁕ حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يوسف بن يعقوب، قال: ثنا شعبة عن السديّ، عن ابن عباس ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ قال: حين تَنشِط نفسه.
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن السدي ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ قال: نشطها حين تُنشط من القدمين.
وقال آخرون: هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ قال: النجوم.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ قال: هنّ النجوم.
وقال آخرون: هي الأوهاق [[تكلم العلماء في نقض ما ذهب إليه أبو جعفر من أن "الحمد والشكر" بمعنى، وأن أحدهما يوضع موضع الآخر، وهو ما ذهب إليه المبرد أيضًا. انظر القرطبي ١: ١١٦، وابن كثير ١: ٤٢، وأخطأ النقل عن القرطبي، فظنه استدل لصحة قول الطبري، وهو وهم. والذي قاله الطبري أقوى حجة وأعرق عربية من الذين ناقضوه. وقوله "مصدر أشكر"، وقوله "أن يصدر من الحمد"، يعني به المفعول المطلق. وانظر ما مضى: ١١٧، تعليق: ١.]] .
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء ﴿وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا﴾ قال: الأوهاق.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالناشطات نشطا، وهي التي تنشط من موضع إلى موضع، فتذهب إليه، ولم يخصص الله بذلك شيئا دون شيء، بل عم القسم بجميع الناشطات والملائكة تنشط من موضع إلى موضع، وكذلك الموت، وكذلك النجوم والأوهاق وبقر الوحش أيضا تَنْشُط، كما قال الطِّرِمَّاح:
وَهَلْ بِحَلِيفِ الخَيْلِ مِمَّنْ عَهِدْتُه ... بِهِ غَيْرُ أُحْدانَ النَّوَاشِطِ رُوع [[في المطبوعة: "مبني على أن معناه"، أدخلوا عليه التبديل.]]
يعني بالنواشط: بقر الوحش، لأنها تنشط من بلدة إلى بلدة، كما قال رؤبة بن العجَّاج:
تَنَشَّطَتْهُ كُلُّ مِغْلاةِ الْوَهْق [[سياق الكلام: "أن العرب من شأنها. . . حذف" وما بينهما فصل.]]
والهموم تنشط صاحبها، كما قال هِيمان بن قحافة:
أمْسَتْ هُمُومِي تَنْشِطُ المَناشِطَا ... الشَّامَ بِي طَوْرًا وَطَوْرًا وَاسِطَا [[تأتي في تفسير آية سورة المؤمنون: ٨٧ (١٨: ٢٧ بولاق) .، ونسبهما لبعض بني عامر، وكذلك في معاني القرآن للفراء ١: ١٧٠ وهما في البيان والتبيين ٣: ١٨٤ منسوبان للوزيري، ولم أعرفه، وفيها اختلاف في الرواية. الرمس: القبر المسوى عليه التراب. يقول: أصبح قبرا يزار أو يناح عليه. ورواه الجاحظ: "سأصير ميتًا"، وهي لا شيء. والنواعج جمع ناعجة: وهي الإبل السراع، نعجت في سيرها، أي سارت في كل وجه من نشاطها. وفي البيان ومعاني الفراء "النواجع"، وليست بشيء.]]
فكل ناشط فداخل فيما أقسم به إلا أن تقوم حجة يجب التسليم لها بأن المعنيّ بالقسم من ذلك بعض دون بعض.
* * *
وقوله: ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾
يقول تعالى ذكره: واللواتي تسبح سبحا.
واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جلّ ثناؤه من السابحات، فقال بعضهم: هي الموت تسبح في نفس ابن آدم.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾ قال: الموت، هكذا وجدته في كتابي [[رواية الجاحظ: "فقال السائلون: من المسجى". وفي المعاني "السائرون".]] .
⁕ وقد حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾ قال: الملائكة، وهكذا وجدت هذا أيضا في كتابي، فإن يكن ما ذكرنا عن ابن حميد صحيحا، فإن مجاهدا كان يرى أن نزول الملائكة من السماء سبَّاحة، كما يقال للفرس الجواد: إنه لسابح إذا مرّ يُسرعُ.
وقال آخرون: هي النجوم تَسْبَح في فلكها.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾ قال: هِي النجوم.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
وقال آخرون: هي السفن.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء ﴿وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا﴾ قال: السفن.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أقسم بالسابحات سبحا من خلقه، ولم يخصص من ذلك بعضا دون بعض، فذلك [[يأتي في تفسير آيات سورة البقرة: ٧ / وسورة آل عمران: ٤٩ / وسورة المائدة: ٥٣ / وسورة الأنعام: ٩٩ / وسورة الأنفال: ١٤ / وسورة يونس: ٧١ / وسورة الرحمن: ٢٢. وهو بيت مستشهد به في كل كتاب.]] كل سابح، لما وصفنا قبل في النازعات [[في المطبوعة: "في تنزيل قول الله".]] .
* * *
وقوله: ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾
اختلف أهل التأويل فيها، فقال بعضهم: هي الملائكة.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ قال: الملائكة.
⁕ وقد حدثنا بهذا الحديث أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ قال: الموت.
وقال آخرون: بل هي الخيل السابقة.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن واصل بن السائب، عن عطاء ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ قال: الخيل.
وقال آخرون: بل هي النجوم يسبق بعضها بعضا في السير.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا﴾ قال: هي النجوم.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
والقول عندنا في هذه مثل القول في سائر الأحرف الماضية.
* * *
وقوله: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾
يقول: فالملائكة المدبرة ما أمرت به من أمر الله، وكذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ قال: هي الملائكة.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
* * *
وقوله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾
يقول تعالى ذكره: يوم ترجف الأرض والجبال للنفخة الأولى ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ تتبعها الأخرى بعدها، هي النفخة الثانية التي ردفت الأولى لبعث يوم القيامة.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ يقول: النفخة الأولى.
* * *
وقوله: ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾
يقول: النفخة الثانية.
⁕ حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ يقول: تتبع الآخرة الأولى، والراجفة: النفخة الأولى، والرادفة: النفخة الآخرة.
⁕ حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ قال: هما النفختان: أما الأولى فتميت الأحياء، وأما الثانية فتُحيي الموتى، ثم تلا الحسن: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ .
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ قال: هما الصيحتان، أما الأولى فتُميت كل شيء بإذن الله، وأما الأخرى فتُحيي كل شيء بإذن الله، إن نبيّ الله ﷺ كان يقول: " بَيْنَهُما أرْبَعُونَ" قال أصحابه: والله ما زادنا على ذلك. وذُكر لنا أن نبيّ الله ﷺ كان يقول: " يُبْعَثُ فِي تِلْك الأرْبَعِينَ مَطَرٌ يُقال لَهُ الْحَياةُ، حتى تَطِيبَ الأرْضُ وتَهْتَزَّ، وتَنْبُتَ أجْسادُ النَّاسِ نَباتَ البَقْل، ثُمَّ تُنْفَخُ الثَّانِيَةُ، فإذَا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ".
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد ابن أبي زياد عن رجل، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ، وذكر الصور، فقال أبو هريرة: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: " قَرْنٌ". قال: فكيف هو؟ قال: " قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلاثُ نَفَخاتٍ: الأولى نَفْخَةُ الفَزَع، والثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْق، والثَّالِثَةُ نَفْخَةُ القِيام، فَيَفْزَعُ أهْلُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ إلا مَنْ شاء الله، ويأمر الله فيدِيمُها، ويطوّلها، ولا يفتر، وهي التي تقول: ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فَوَاق فيسير الله الجبال، فتكون سَرابًا، وتُرَجّ الأرضُ بأهلها رجًّا، وهي التي يقول: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ ".
⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن عبيد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبيّ، عن أبيه، قال: قرأ رسول الله ﷺ: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) فقال: " جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه".
⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ : النفخة الأولى ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ : النفخة الأخرى.
وقال آخرون: في ذلك ما:-
⁕ حدثني به محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ قال: ترجف الأرض والجبال، وهي الزلزلة وقوله: ﴿الرَّادِفَةُ﴾ قال: هو قوله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ ﴿فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ .
وقال آخرون: ترجف الأرض، والرادفة: الساعة.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ الأرض، وفي قوله: ﴿تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ﴾ قال: الرادفة: الساعة.
واختلف أهل العربية في موضع جواب قوله: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ فقال بعض نحويِّي البصرة: قوله ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا﴾ : قسم والله أعلم على ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ وإن شئت جعلتها على ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ﴾ ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ وهو كما قال الله وشاء أن يكون في كل هذا، وفي كلّ الأمور. وقال بعض نحويي الكُوفة: جواب القسم في النازعات: ما تُرِك لمعرفة السامعين بالمعنى، كأنه لو ظهر كان لَتُبْعَثُنّ ولتحاسبنّ. قال: ويدل على ذلك ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾ . ألا ترى أنه كالجواب لقوله: ﴿لَتُبْعَثُنَّ﴾ إذ قال: ﴿أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً﴾ ، وقال آخر منهم نحو هذا، غير أنه قال: لا يجوز حذف اللام في جواب اليمين، لأنها إذا حذفت لم يُعرف موضعها، وذلك أنها تلي كلّ كلام.
والصواب من القول في ذلك عندنا، أن جواب القسم في هذا الموضع مما استغني عنه بدلالة الكلام، فترك ذكره.
* * *
وقوله: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾
يقول تعالى ذكره: قلوب خَلْقٍ من خلقه يومئذ، خائفة من عظيم الهول النازل.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ يقول: خائفة.
⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿وَاجِفَةٌ﴾ : خائفة.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في ﴿وَاجِفَةٌ﴾ قال: خائفة.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ يقول: خائفة، وجفت مما عاينت يومئذ.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾ قال: الواجفة: الخائفة.
* * *
وقوله: ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾
يقول: أبصار أصحابها ذليلة مما قد علاها من الكآبة والحزن من الخوف والرعب الذي قد نزل بهم من عظيم هول ذلك اليوم.
كما:-
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ قال: خاشعة للذلّ الذي قد نزل بها.
⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ يقول: ذليلة.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلنَّـٰزِعَـٰتِ غَرۡقࣰا","وَٱلنَّـٰشِطَـٰتِ نَشۡطࣰا","وَٱلسَّـٰبِحَـٰتِ سَبۡحࣰا","فَٱلسَّـٰبِقَـٰتِ سَبۡقࣰا","فَٱلۡمُدَبِّرَ ٰتِ أَمۡرࣰا","یَوۡمَ تَرۡجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ","تَتۡبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ","قُلُوبࣱ یَوۡمَىِٕذࣲ وَاجِفَةٌ","أَبۡصَـٰرُهَا خَـٰشِعَةࣱ"],"ayah":"وَٱلنَّـٰزِعَـٰتِ غَرۡقࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق