الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢) إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزيلا (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (٢٤) ﴾ . يقول تعالى ذكره: يقال لهؤلاء الأبرار حينئذ: إن هذا الذي أعطيناكم من الكرامة كان لكم ثوابا على ما كنتم في الدنيا تعملون من الصالحات ﴿وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾ يقول: كان عملكم فيها مشكورا، حمدكم عليه ربكم، ورضيه لكم، فأثابكم بما أثابكم به من الكرامة عليه. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾ غفر لهم الذنب، وشكر لهم الحسن. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: تلا قتادة: ﴿وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾ قال: لقد شَكر الله سعيا قليلا. * * * وقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزيلا﴾ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: إنا نحن نزلنا عليك يا محمد هذا القرآن تنزيلا ابتلاء منا واختبارا ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ يقول: اصبر لما امتحنك به ربك من فرائضه، وتبليغ رسالاته، والقيام بما ألزمك القيام به في تنزيله الذي أوحاه إليك ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ يقول: ولا تطع في معصية الله من مشركي قومك آثما يريد بركوبه معاصيه، أو كفورا: يعنى جحودا لنعمه عنده، وآلائه قِبَلَه، فهو يكفر به، ويعبد غيره. وقيل: إن الذي عني بهذا القول أبو جهل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ قال: نزلت في عدوّ الله أبي جهل. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة أنه بلغه أن أبا جهل قال: لئن رأيت محمدًا يصلي لأطأنّ عنقه، فأنزل الله: ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ . ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ قال: الآثِم: المذنب الظالم والكفور، هذا كله واحد. وقيل: ﴿أوْ كَفُورًا﴾ والمعنى: ولا كفورًا. قال الفراء: "أو" هاهنا بمنزلة الواو، وفى الجحد والاستفهام والجزاء تكون بمعنى " لا ". فهذا من ذلك مع الجحد، ومنه قول الشاعر لا وَجْدُ ثَكْلَى كما وَجِدَت وَلا ... وَجْدُ عَجُولٍ أضَلَّها رُبَعُ أوْ وَجْدُ شَيْخٍ أضَلَّ ناقَتَهُ ... يَوْمَ تَوَافَى الْحَجِيجُ فانْدَفَعُوا [[الأثر ١٤٦- نقله ابن كثير في التفسير ١: ٤٠ عن هذا الموضع. و "السري بن يحيى ابن السري التميمي الكوفي"، شيخ الطبري، لم نجد له ترجمة إلا في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٢ / ١ / ٢٨٥، وقال: "لم يقض لنا السماع منه، وكتب إلينا بشيء من حديثه، وكان صدوقًا". و "العرزمي" المرويُّ عنه هذا الكلام هنا: ضعيف جدا، قال الإمام أحمد في المسند ٦٩٣٨: "لا يساوي حديثه شيئًا". وهو "محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي". وأما عمه "عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي"، فإنه تابعي ثقة، ولكنه قديم، مات سنة ١٤٥، فلم يدركه "عثمان بن زفر" المتوفى سنة ٢١٨. و "العرزمي" بفتح العين المهملة وسكون الراء وبعدها زاي، نسبة إلى "عرزم". ووقع هنا في الطبري وابن كثير "العرزمي"، بتقديم الزاي على الراء، وهو تصحيف.]] أراد: ولا وجدُ شيخ، قال: وقد يكون في العربية: لا تطيعنّ منهم من أثم أو كفر، فيكون المعنى في أو قريبا من معنى الواو، كقولك للرجل: لأعطينك سألت أو سكتّ، معناه: لأعطينك على كلّ حال.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب