الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا (١٢) ﴾ . يعني جل ثناؤه بقوله: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ فذلك يومئذ يوم شديد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن فضيل وأسباط، عن مطرِّف، عن عطية العوفيِّ، عن ابن عباس، في قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾ قال رسول الله ﷺ: "كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ وَحَنَى جَبْهَتَهُ يَسْتَمعُ مَتَى يُؤْمَرُ يَنْفُخُ فِيهِ"، فقال أصحابُ رسول الله ﷺ: كيف نقول؟ فقال: تقولون: حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، عَلى اللهِ تَوَكَّلْنا". ⁕ حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أبو رجاء، عن عكرِمة، في قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ قال: إذا نُفخ في الصور. ⁕ حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء، عن عكرِمة، في قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ مثله. ⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن شريك، عن جابر، عن مجاهد ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ قال: إذا نُفخ في الصور. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ قال: في الصور، قال: هو شيء كهيئة البوق. ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ قال: هو يوم يُنفخ في الصور الذي ينفخ فيه، قال ابن عباس: إن نبيّ الله ﷺ خرج إلى أصحابه، فقال: "كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ بأُذُنِهِ يَسْتَمِعُ مَتى يُؤْمَرُ بالصَّيْحَة؟ فاشتدّ ذلك على أصحابه، فأمرهم أن يقولوا: حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، على اللهِ تَوَكَّلْنا". ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ يقول: الصور. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال الحسن: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ قال: إذا نُفخ في الصُّور. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ والناقور: الصور، والصور: الخلق. ⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ يعني: الصُّور. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع، قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ قال: الناقور: الصور. ⁕ حدثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، مثله. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ قال: الصور. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾ يقول: شديد. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله تعالى ذكره ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾ فبين الله على من يقع ﴿عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ . * * * وقوله: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ: كِلْ يا محمد أمر الذي خلقته في بطن أمه وحيدًا، لا شيء له من مال ولا ولد إليّ. وذُكر أنه عُنِي بذلك: الوليد بن المغيرة المخزومي. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا سفيان، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا يُونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، مولى زيد، عن سعيد بن جُبير أو عكرِمة، عن ابن عباس، قال: أنزل الله في الوليد بن المغيرة قوله: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ وقوله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ... ﴾ إلى آخرها. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ قال: خلقته وحده ليس معه مال ولا ولد. ⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن محمد بن شريك، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ قال: نزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك الخلق كلهم. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ وهو الوليد بن المغيرة، أخرجه الله من بطن أمه وحيدًا، لا مال له ولا ولد، فرزقه الله المال والولد، والثروة والنماء. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ... ﴾ إلى قوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ... ﴾ حتى بلغ ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ قال: هذه الآية أُنزلت في الوليد بن المُغيرة. ⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ يعني الوليد بن المغيرة ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا﴾ . اختلف أهل التأويل في هذا المال الذي ذكره الله، وأخبر أنه جعله للوحيد ما هو؟ وما مبلغه؟ فقال بعضهم: كان ذلك دنانير، ومبلغها ألف دينار. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبيه، عن مجاهد ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا﴾ قال: كان ماله ألف دينار. ⁕ حدثنا صالح بن مسمار المروزي، قال: ثنا الحارث بن عمران الكوفيّ، قال: ثنا محمد بن سوقة، عن سعيد بن جُبير، في قوله: ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا﴾ قال: ألف دينار. وقال آخرون: كان ماله أربعة آلاف دينار. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا﴾ قال: بلغني أنه أربعة آلاف دينار. وقال آخرون: كان ماله أرضًا. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني محمد بن المثنى، قال: ثني وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، في قوله: ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا﴾ قال: الأرض. ⁕ حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، مثله. وقال آخرون: كان ذلك غلة شهر بشهر. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا حلبس، إمام مسجد ابن علية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عمر رضي الله عنه، في قوله: ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا﴾ قال: غلة شهر بشهر. ⁕ حدثني أبو حفص الحيري، قال: ثنا حلبس الضُّبَعي، عن ابن جريج، عن عطاء مثله، ولم يقل: عن عمر. ⁕ حدثنا أحمد بن الوليد الرملي، قال: ثنا غالب بن حلبس، قال: ثنا أبي، عن ابن جريج، عن عطاء مثله، ولم يقل: عن عمر. ⁕ حدثنا أحمد بن الوليد، قال: ثنا أبو بكر عياش، قال: ثنا حلبس بن محمد العجلي، عن ابن جريج عن عطاء، عن عمر، مثله. والصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله: ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا﴾ وهو الكثير الممدود، عدده أو مساحته.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب