الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (١٧) ﴾ يقول تعالى ذكره: وأن لو استقام هؤلاء القاسطون على طريقة الحقّ والاستقامة ﴿لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ يقول: لوسعنا عليهم في الرزق، وبسطناهم في الدنيا ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ يقول: لنختبرهم فيه. واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ يعني بالاستقامة: الطاعة. فأما الغدق: فالماء الطاهر الكثير ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ يقول: لنبتليهم به. ⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن مجاهد ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ طريقة الإسلام ﴿لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ قال: نافعا كثيرا، لأعطيناهم مالا كثيرا ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ حتى يرجعوا لما كتب عليهم من الشقاء. ⁕ حدثنا إسحاق بن زيد الخطابي، قال: ثنا الفريابي، عن سفيان، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن مجاهد مثله. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن مجاهد ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ قال: طريقة الحقّ ﴿لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ يقول مالا كثيرا ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ قال: لنبتليهم به حتى يرجعوا إلى ما كتب عليهم من الشقاء. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن مجاهد، عن أبيه، مثله. ⁕ قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن مجاهد ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ قال: الإسلام ﴿لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ قال الكثير ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ قال: لنبتليهم به. ⁕ قال ثنا مهران، عن أبي سنان، عن غير واحد، عن مجاهد ﴿مَاءً غَدَقًا﴾ قال الماء. والغدق: الكثير ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ حتى يرجعوا إلى علمي فيهم. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ قال: لأعطيناهم مالا كثيرا، قوله: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ قال: لنبتليهم. ⁕ حدثني أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن بعض أصحابه، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جُبير في قوله: ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ قال: الدين ﴿لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ قال: مالا كثيرا ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ يقول: لنبتليهم به. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ قال: لو آمنوا كلهم لأوسعنا عليهم من الدنيا. قال الله: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ يقول: لنبتليهم بها. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ قال: لو اتقوا لوسع عليهم في الرزق ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ قال: لنبتليهم فيه. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس ﴿مَاءً غَدَقًا﴾ قال: عيشا رَغدًا. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ قال: الغدق الكثير: مال كثير ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ لنختبرهم فيه. ⁕ حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي، قال: ثنا المطلب بن زياد، عن التيمي، قال، قال عمر رضي الله عنه في قوله: ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ قال: أينما كان الماء كان المال وأينما كان المال كانت الفتنة. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأن لو استقاموا على الضلالة لأعطيناهم سعة من الرزق لنستدرجهم بها. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت عمران بن حدير، عن أبي مجلز، قال: وأن لو استقاموا على طريقة الضلالة. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأن لو استقاموا على طريقة الحق وآمنوا لوسعنا عليهم. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: ﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ قال: هذا مثل ضربه الله كقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ﴾ والماء الغدق يعني: الماء الكثير ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ لنبتليهم فيه. * * * وقوله: ﴿وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ يقول عزّ وجلّ: ومن يُعرض عن ذكَّر ربه الذي ذكره به، وهو هذا القرآن؛ ومعناه: ومن يعرض عن استماع القرآن واستعماله، يسلكه الله عذابا صعدا: يقول: يسلكه الله عذابا شديدا شاقا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ يقول: مشقة من العذاب يصعد فيها. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ﴿عَذَابًا صَعَدًا﴾ قال: مشقة من العذاب. ⁕ حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد، مثله. ⁕ حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرِمة، عن ابن عباس ﴿عَذَابًا صَعَدًا﴾ قال: جبل في جهنم. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا﴾ عذابا لا راحة فيه. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿عَذَابًا صَعَدًا﴾ قال: صَعودا من عذاب الله لا راحة فيه. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله: (يَسْلُكْهُ عَذَابًا) قال: الصعد: العذاب المنصب. واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ﴿يَسْلُكْهُ﴾ فقرأه بعض قرّاء مكة والبصرة ﴿نَسْلُكْهُ﴾ بالنون اعتبارا بقوله: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ﴾ أنها بالنون. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بالياء، بمعنى: يسلكه الله، ردّا على الربّ في قوله: ﴿وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب