الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (١٢) مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (١٤) ﴾ وقوله: ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾ يقول: ويعطكم مع ذلك ربكم أموالا وبنين، فيكثرها عندكم ويزيد فيما عندكم منها ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ﴾ يقول: يرزقكم بساتين ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ تسقون منها جناتكم ومزارعكم؛ وقال ذلك لهم نوح، لأنهم كانوا فيما ذُكر قوم يحبون الأموال والأولاد. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا﴾ ... إلى قوله: ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ قال: رأى نوح قوما تجزّعت أعناقهم حرصا على الدنيا، فقال: هلموا إلى طاعة الله، فإن فيها درك الدنيا والآخرة. * * * وقوله: ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: ما لكم لا ترون لله عظمة. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عليّ قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ يقول: عظمة. ⁕ حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ قال: لا ترون لله عظمة. ⁕ حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، مثله. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح وقيس، عن مجاهد، في قوله: ﴿لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ قال: لا تبالون لله عظمة. ⁕ حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عمرو بن عبيد، عن منصور، عن مجاهد ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ قال: كانوا لا يبالون عظمة الله. ⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ يقول: عظمة. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ قال: لا تبالون عظمة ربكم؛ قال: والرجاء: الطمع والمخافة. وقال آخرون: معنى ذلك: لا تعظمون الله حق عظمته. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني سلم بن جنادة، قال: ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ قال: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته. وقال آخرون: ما لكم لا تعلمون لله عظمة. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ يقول: ما لكم لا تعلمون لله عظمة. وقال آخرون: بل معنى ذلك ما لكم لا ترجون لله عاقبة. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ أي عاقبة. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ قال: لا ترجون لله عاقبة. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ما لكم لا ترجون لله طاعة. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ قال: الوقار: الطاعة. وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ما لكم لا تخافون لله عظمة، وذلك أن الرجاء قد تضعه العرب إذا صحبه الجحد في موضع الخوف، كما قال أبو ذُويب: إذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَم يَرْجُ لَسْعَها وَخالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَوَاسِلِ [[سيق استشهاد المؤلف بالبيت في الجزءين (٥: ٢٦٤، ١١: ٨٧) وشرحناه فيهما شرحا مستوفى، فراجعه فيهما.]] يعني بقوله: "ولم يرج": لم يخف. * * * وقوله: ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ يقول: وقد خلقكم حالا بعد حال، طورا نُطْفة، وطورا عَلَقة، وطورا مضغة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ يقول: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة. ⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) قال: من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم ما ذكر حتى يتمّ خلقه. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ طورا نطفة، وطورا علقة، وطورا عظاما، ثم كسا العظام لحما، ثم أنشأه خلقا آخر، أنبت به الشعر، فتبارك الله أحسن الخالقين. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ قال: نطفة، ثم علقة، ثم خلقا طورا بعد طور. ⁕ حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ﴿خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ يقول: من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ قال: طورا النطفة، ثم طورا أمشاجا حين يمشج النطفة الدم، ثم يغلب الدم على النطفة، فتكون علقة، ثم تكون مضغة، ثم تكون عظاما، ثم تكسى العظام لحما. ⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ قال: نطفة، ثم علقة، شيئا بعد شيء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب