الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلم يكن دعوى أهل القرية التي أهلكناها، إذ جاءهم بأسنا وسطوتُنا بياتًا أو هم قائلون، إلا اعترافهم على أنفسهم بأنهم كانوا إلى أنفسهم مسيئين، وبربهم آثمين، ولأمره ونهيه مخالفين. [[انظر بيان قول ((بربهم آثمين)) فيما سلف ص: ١٧١، تعليق: ١، والمراجع هناك.]]
* * *
وعنى بقوله جل ثناؤه: ﴿دعواهم﴾ ، في هذا الموضع دعاءَهم.
* * *
ولـ"الدعوى"، في كلام العرب، وجهان: أحدهما: الدعاء، والآخر: الادعاء للحق.
ومن"الدعوى" التي معناها الدعاء، قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ﴾ [سورة الأنبياء: ١٥] ، ومنه قول الشاعر: [[كثير عزة.]]
وَإِنْ مَذِلَتْ رِجْلِي دَعَوْتُكِ أَشْتَفِي ... بِدَعْوَاكِ مِنْ مَذْلٍ بِهَا فَيَهُونُ [[ديوانه ٢: ٢٤٥، في باب الزيادات، نهاية الأرب ٢: ١٢٥، واللسان (مذل) .
((مذلت رجله (بفتح وسكون) ومذلا (بفتحتين) : خدرت، كانوا يزعمون أن المرء إذا خدرت رجله ثم دعا باسم مَنْ أحب، زال خدرها.]]
* * *
وقد بينا فيما مضى قبل أن"البأس" و"البأساء" الشدة، بشواهد ذلك الدالة على صحته، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. [[انظر تفسير ((البأس)) فيما سلف ص: ٢٩٩، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]]
* * *
وفي هذه الآية الدلالةُ الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله ﷺ من قوله:"ما هلك قوم حتى يُعْذِروا من أنفسهم".
* * *
وقد تأوّل ذلك كذلك بعضهم.
١٤٣٢٣- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن أبي سنان، عن عبد الملك بن ميسرة الزرَّاد قال، قال عبد الله بن مسعود: قال رسول الله: ما هلك قوم حتى يُعْذِروا من أنفسهم - قال قلت لعبد الملك: كيف يكون ذلك؟ قال: فقرأ هذه الآية: ﴿فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا﴾ ، الآية [[الأثر: ١٤٣٢٣ - ((عبد الملك بن ميسرة الهلالي الزراد)) ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ٥٠٣، ٥٠٤، ١٣٢٦، مات في العشر الثاني من المئة الثانية. لم يدرك ابن مسعود ولا غيره من الصحابة. فإسناده منقطع.
وهذا الخبر ذكره ابن كثير في تفسيره ٣: ٤٤٨، عن الطبري ولم يخرجه. وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٦٧، ولم ينسبه إلى غير ابن أبي حاتم.
((أعذر من نفسه)) ، إذا أمكن معاقبة بذنبه منها. يعني: أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فيعذروا من أنفسهم، ويستوجبوا العقوبة، ويكون لمن يعذبهم عذر في إلحاق العذاب بهم.]] .
* * *
فإن قال قائل: وكيف قيل: ﴿فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين﴾ ؟ وكيف أمكنتهم الدعوى بذلك، وقد جاءهم بأس الله بالهلاك؟ أقالوا ذلك قبل الهلاك؟ فإن كانوا قالوه قبل الهلاك، فإنهم قالوا قبل مجيء البأس، والله يخبر عنهم أنهم قالوه حين جاءهم، لا قبل ذلك؟ أو قالوه بعد ما جاءهم، فتلك حالة قد هلكوا فيها، فكيف يجوز وصفهم بقيل ذلك إذا عاينوا بأس الله، وحقيقة ما كانت الرسل تَعِدهم من سطوة الله؟. [[في المخطوطة وصل الكلام هكذا: ((وحقيقة ما كانت الرسل تعدهم من سطوة الله وليس كل الأمم)) ، بالواو، وليس فيها ((قيل)) ، وقد أحسن الناشر الأول فيما فعل، وإن كنت أظن أن في الكلام سقطًا.]]
قيل: ليس كل الأمم كان هلاكها في لحظة ليس بين أوّله وآخره مَهَلٌ، بل كان منهم من غرق بالطوفان. فكان بين أوّل ظهور السبب الذي علموا أنهم به هالكون، وبين آخره الذي عمَّ جميعهم هلاكُه، المدة التي لا خفاء بها على ذي عقل. ومنهم من مُتِّع بالحياة بعد ظهور علامة الهلاك لأعينهم أيامًا ثلاثة، كقوم صالح وأشباههم. فحينئذ لما عاينوا أوائل بأس الله الذي كانت رسل الله تتوعدهم به، وأيقنوا حقيقة نزول سطوة الله بهم، دعوا: ﴿يا ويلنا إنا كنا ظالمين﴾ ، فلم يك ينفعهم إيمانهم مع مجيء وعيد الله وحلول نقمته بساحتهم. فحذّر ربنا جل ثناؤه الذين أرسل إليهم نبيه محمدًا ﷺ من سطوته وعقابه على كفرهم به وتكذيبهم رسوله، ما حلَّ بمن كان قبلهم من الأمم إذ عصوا رُسله، واتبعوا أمر كل جبار عنيد.
{"ayah":"فَمَا كَانَ دَعۡوَىٰهُمۡ إِذۡ جَاۤءَهُم بَأۡسُنَاۤ إِلَّاۤ أَن قَالُوۤا۟ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











