الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩) ﴾ قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وقالت أولى كل أمة وملة سبقت في الدنيا، لأخراها الذين جاؤوا من بعدهم، وحَدَثوا بعد زمانهم فيها، فسلكوا سبيلهم واستنوا سنتهم: ﴿فما كان لكم علينا من فضل﴾ ، وقد علمتم ما حل بنا من عقوبة الله جل ثناؤه بمعصيتنا إياه وكفرنا بآياته، بعدما جاءتنا وجاءتكم بذلك الرسل والنذر، [[في المطبوعة: ((وكفرنا به وجاءتنا وجاءتكم بذلك الرسل)) ، وفي المخطوطة: ((وكفرنا به ما جاءتنا وجاءتكم)) ، وهو غير مستقيم، صوابه إن شاء الله ما أثبت. وهو سياق الآيات قبلها. هكذا استظهرته من تفسير الآيات السالفة.]] فهل أنَبْتم إلى طاعة الله، [[في المطبوعة: ((هل انتهيتم)) ، وفي المخطوطة: ((هل أسم)) ، وهذا صواب قراءتها، وزدت الفاء في أول ((هل)) ، لاقتضاء سياق الكلام إثباتها.]] وارتدعتم عن غوايتكم وضلالتكم؟ فانقضت حجة القوم وخُصِموا ولم يطيقوا جوابًا بأن يقولوا:"فضِّلنا عليكم إذ اعتبرنا بكم فآمنا بالله وصدقنا رسله"، [[في المطبوعة: ((إنا اعتبرنا بكم)) وفي المخطوطة: ((إذا اعتبرنا بكم)) ، والصواب ما أثبت.]] قال الله لجميعهم: فذوقوا جميعكم، أيها الكفرة، عذابَ جهنم، [[انظر تفسير: ((ذوقوا العذاب)) فيما سلف ١١: ٤٢٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] بما كنتم في الدنيا تكسبون من الآثام والمعاصي، وتجترحون من الذنوب والإجرام. [[انظر تفسير ((كسب)) فيما سلف ص: ٢٨٦، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ١٤٥٩٩- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر قال، سمعت عمران، عن أبي مجلز: ﴿وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون﴾ ، قال: يقول: فما فَضْلكم علينا، وقد بُيِّن لكم ما صنع بنا، وحُذِّرتم؟ ١٤٦٠٠- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل، قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل﴾ ، فقد ضللتم كما ضللنا. * * * وكان مجاهد يقول في هذا بما:- ١٤٦٠١- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿فما كان لكم علينا من فضل﴾ ، قال: من التخفيف من العذاب. ١٤٦٠٢- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿فما كان لكم علينا من فضل﴾ ، قال: من تخفيف. * * * وهذا القول الذي ذكرناه عن مجاهد، قولٌ لا معنى له لأن قول القائلين: "فما كان لكم علينا من فضل" لمن قالوا ذلك، إنما هو توبيخ منهم على ما سلف منهم قبل تلك الحال، يدل على ذلك دخول"كان" في الكلام. ولو كان ذلك منهم توبيخًا لهم على قيلهم الذي قالوا لربهم:"آتهم عذابًا ضعفًا من النار"، لكان التوبيخ أن يقال:"فما لكم علينا من فضل، في تخفيف العذاب عنكم، وقد نالكم من العذاب ما قد نالنا"، ولم يقل:"فما كان لكم علينا من فضل".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب