الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (٢٠٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ﴿واذكر﴾ أيُّها المستمع المنصت للقرآن، إذا قرئ في صلاة أو خطبة [[رد ابن كثير ما ذهب إليه الطبري في تفسير هذه الآية فقال: ((زعم ابن جرير، وقبله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أن المراد بها أمر السامع للقرآن في حال استماعه للذكر على هذه الصفة. وهذا بعيد، مناف للإنصات المأمور به. ثم إن المراد بذلك في الصلاة كما تقدم، أو في الصلاة والخطبة. ومعلوم أن الإنصات إذ ذاك أفضل من الذكر باللسان، سواء كان سراً أو جهراً. وهذا الذي قالاه، لم يتابعا عليه. بل المراد الحض على كثرة الذكر من العباد بالغدو والآصال، لئلا يكونوا من الغافلين)) . تفسير ابن كثير ٣: ٦٢٦، ٦٢٧. وهذا الذي قاله هو الصواب المحض إن شاء الله.]] =، ﴿ربك في نفسك﴾ ، يقول: اتعظ بما في آي القرآن، واعتبر به، وتذكر معادك إليه عند سماعكه = ﴿تضرعًا﴾ ، يقول: افعل ذلك تخشعًا لله وتواضعًا له. [[انظر تفسير ((التضرع)) فيما سلف ١٣: ٥٧٢ تعليق: ١، والمراجع هناك.]] ﴿وخيفة﴾ ، يقول: وخوفًا من الله أن يعاقبك على تقصير يكون منك في الاتعاظ به والاعتبار، وغفلة عما بين الله فيه من حدوده. [[انظر تفسير ((الخوف)) فيما سلف ٩: ١٢٣، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]] = ﴿ودون الجهر من القول﴾ ، يقول: ودعاء باللسان لله في خفاء لا جهار. [[انظر تفسير ((الجهر)) فيما سلف ٢: ٨٠ / ٩: ٣٤٤، ٣٥٨ / ١١: ٣٦٨.]] يقول: ليكن ذكر الله عند استماعك القرآن في دعاء إن دعوت غير جهار، ولكن في خفاء من القول، كما:-
١٥٦١٩ - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول﴾ ، لا يجهر بذلك.
١٥٦٢٠ - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا أبو سعد قال: سمعت مجاهدًا يقول في قوله: ﴿واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة ودون الجهر من القول﴾ ، الآية قال: أمروا أن يذكروه في الصدور تضرعًا وخيفة.
١٥٦٢١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن التيمي، عن أبيه، عن حيان بن عمير، عن عبيد بن عمير، في قوله: ﴿واذكر ربك في نفسك﴾ قال: "يقول الله إذا ذكرني عبدي في نفسه، ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني عبدي وحده ذكرته وحدي، وإذا ذكرني في ملإ ذكرته في أحسنَ منهم وأكرم". [[الأثر: ١٥٦٢١ - ((ابن التيمى)) ، هو: ((معتمر بن سليمان بن طرخان التيمى)) وأبوه ((سليمان بن طرخان التيمى)) ، وقد مضيا مرارًا. و ((حيان بن عمر القيسمى الجريرى)) ، ثقة قليل الحديث روى عن عبد الرحمن بن سمرة، وابن عباس، وسمرة بن جندب وغيرهم. روى عنه سليمان التيمى، وسعيد الجريرى، وقتاده. مترجم في التهذيب، وابن سعد ٧/١/ ١٣٧، ١٦٥، والكبير ٢/١/ ٥٠، وابن أبي حاتم ١/٢/ ٢٤٤. و ((عبيد بن عمير بن قتادة الجندعى)) ، قاص أهل مكة، تابعى ثقة من كبار التابعين، مضى برقم: ٩١٨٠، ٩١٨١، ٩١٨٩، وغيرها.]]
١٥٦٢٢ - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ﴿واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة﴾ قال: يؤمر بالتضرع في الدعاء والاستكانة، ويكره رفع الصوت والنداء والصياح بالدعاء.
* * *
وأما قوله: ﴿بالغدو والآصال﴾ ، فإنه يعني بالبُكَر والعشِيَّات.
* * *
وأما "الآصال" فجمع، واختلف أهل العربية فيها.
فقال بعضهم: هي جمع "أصيل"، كما "الأيمان" جمع "يمين"، و"الأسرار" جمع "سرير". [[((السرير)) الذي جمعه ((أسرار)) ، هو ((سرير الكمأة)) ، وهو ما يكون عليها من التراب والقشور والطين، وليس للكمأة عروق، ولكن لها أسرار.]]
* * *
وقال آخرون منهم: هي جمع "أصُل"، و"الأصُل" جمع "أصيل". [[مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٣٩.]]
* * *
وقال آخرون منهم: هي جمع "أصل" و"أصيل". قال: وإن شئت جعلت "الأصُل" جمعًا ل "لأصيل"، وإن شئت جعلته واحدًا. قال: والعرب تقول: "قد دنا الأصُل" فيجعلونه واحدًا.
* * *
قال أبو جعفر: وهذا القول أولى بالصواب في ذلك، وهو أنه جائز أن يكون جمع "أصيل" و"أصُل"، لأنهما قد يجمعان على أفعال. وأما "الآصال"، فهي فيما يقال في كلام العرب: ما بين العصر إلى المغرب.
* * *
وأما قوله: ﴿ولا تكن من الغافلين﴾ ، فإنه يقول: ولا تكن من اللاهين إذا قرئ القرآن عن عظاته وعبره، وما فيه من عجائبه، ولكن تدبر ذلك وتفهمه، وأشعره قلبك بذكر الله، [[في المخطوطة والمطبوعة: ((بذكر الله)) ، والسياق يتطلب ما أثبت.]] وخضوعٍ له، وخوفٍ من قدرة الله عليك، إن أنت غفلت عن ذلك.
١٥٦٢٣ - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿بالغدو والآصال﴾ قال: بالبكر والعشي = ﴿ولا تكن من الغافلين﴾ .
١٥٦٢٤ - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا معرّف بن واصل السعدي، قال: سمعت أبا وائل يقول لغلامه عند مغيب الشمس: آصَلْنا بعدُ؟ [[الأثر: ١٥٦٢٤ - ((معرف بن واصل السعدي)) ، ((أبو بدل)) أو ((أبو يزيد)) ، ثقة. كان أمام مسجد بنى عمرو بن سعيد بن تميم، أمهم ستين سنة، لم يسه في صلاة قط، لأنها كانت تهمه. روى عن أبي وائل وإبراهيم التيمى، والنخعى، والشعبى. وغيرهم. مترجم في التهذيب، وابن سعد ٦: ٢٤٨، والكبير ٤/٢/٣٠، وابن أبي حاتم ٤ / ١ / ٤١٠.
و ((أبو وائل)) هو ((شقيق بن سلمة الأسدى)) ، أدرك النبي ﷺ، ولم يره، حجة في العربية. وقوله: ((آصل)) ، أي: دخل في الأصيل.]]
١٥٦٢٥ - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج قال: قال ابن جريج قال مجاهد، قوله: ﴿بالغدو والآصال﴾ قال: "الغدو"، آخر الفجر، صلاة الصبح = ﴿والآصال﴾ ، آخر العشي، صلاة العصر. قال: وكل ذلك لها وقت، أول الفجر وآخره. وذلك مثل قوله في "سورة آل عمران": ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ﴾ ، [سورة آل عمران: ٤١] . وقيل: "العشي": مَيْل الشمس إلى أن تغيب، و"الإبكار": أول الفجر. [[الأثر: ١٥٦٢٥ - آخر هذا الخبر، مضى برقم: ٧٠٢٤، من طريق أخرى.]]
١٥٦٢٦ - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن محمد بن شريك، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، سئل عن [صلاة الفجر، فقال: إنها لفي كتاب الله، ولا يقوم عليها] ..... ثم قرأ: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ ، الآية [سورة النور: ٣٦] . [[الأثر: ١٥٦٢٦ - ((محمد بن شريك المكى)) ، ثقة، مضى برقم: ١٠٢٦٠، مترجم في التهذيب، وابن سعد ٥: ٣٦٠، والكبير ١/١/١١٢، وابن أبي حاتم ٣/٢/٢٨٤. وهكذا جاء الخبر في المخطوطة، كما هو في المطبوعة، وأنا أكاد أقطع أنه خطأ وتحريف، وفيه سقط، ولكنى لم أجد الخبر بإسناده، فلذلك لم أغيره، ووجدت نص الخبر بغير إسناد في الدر المنثور ٥: ٥٢، عن صلاة الضحى، لا صلاة الفجر، وهو الصواب إن شاء الله قال:
(وأخرج ابن أبي شيبة، والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس قال: إن صلاة الضحى لفي القرآن؟ ، وما يغوص عليها إلا غواص، في قوله: " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ " فهذا صواب العبارة، ولكني وضعت ما كان في المخطوطة والمطبوعة بين قوسين، لأني لم أجد الخبر بإسناده. ووضعت مكان السقط نقطاً. ثم أتممت الآية إلى غايتها أيضاً.]]
١٥٦٢٧ - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿واذكر ربك في نفسك تضرعًا وخيفة﴾ ، إلى قوله: ﴿بالغدو والآصال﴾ ، أمر الله بذكره، ونهى عن الغفلة. أما "بالغدو": فصلاة الصبح = "والآصال": بالعشي. [[الأثر: ١٥٦٢٧ - كان في المخطوطة والمطبوعة: (( ... حدثنا يزيد قال، حدثنا سويد قال، حدثنا سعيد ... )) ، زاد في الإسناد ((قال حدثنا سويد)) ، وهو خطأ محض، وإنما كرر الكتابة كتب ((يزيد)) ، ثم كتب ((سويد) ، وزاد في الإسناد. وهذا إسناد دائر في التفسير، آخره رقم: ١٥٥٩٨.]]
{"ayah":"وَٱذۡكُر رَّبَّكَ فِی نَفۡسِكَ تَضَرُّعࣰا وَخِیفَةࣰ وَدُونَ ٱلۡجَهۡرِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡغَـٰفِلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق