الباحث القرآني
القول في تأويل قول الله تعالى ذكره ﴿كِتَابٌ أُنزلَ إِلَيْكَ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: هذا القرآن، يا محمد، كتاب أنزله الله إليك.
* * *
ورفع"الكتاب" بتأويل: هذا كتابٌ.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد ﷺ: فلا يضق صدرك، يا محمد، من الإنذار به مَنْ أرسلتك لإنذاره به، وإبلاغه مَنْ أمرتك بإبلاغه إياه، ولا تشك في أنه من عندي، واصبر للمضيّ لأمر الله واتباع طاعته فيما كلفك وحملك من عبء أثقال النبوة، [[في المطبوعة: ((واصبر بالمضي لأمر الله)) ، وغير ما في المخطوطة بلا طائل.]] كما صبر أولو العزم من الرسل، فإن الله معك.
* * *
و"الحرج"، هو الضيق، في كلام العرب، وقد بينا معنى ذلك بشواهده وأدلته في قوله: ﴿ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ [سورة الأنعام: ١٢٥] ، بما أغنى عن إعادته. [[انظر ما سلف ص: ١٠٣ - ١٠٧.]]
* * *
وقال أهل التأويل في ذلك ما:-
١٤٣١٦- حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: ﴿فلا يكن في صدرك حرج منه﴾ ، قال: لا تكن في شك منه.
١٤٣١٧- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: ﴿فلا يكن في صدرك حرج منه﴾ ، قال: شك.
١٤٣١٨- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
١٤٣١٩- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر، عن قتادة: ﴿فلا يكن في صدرك حرج منه﴾ ، شك منه.
١٤٣٢٠- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، مثله.
١٤٣٢١- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿فلا يكن في صدرك حرج منه﴾ ، قال: أما"الحرج"، فشك.
١٤٣٢٢- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، سمعت مجاهدًا في قوله: ﴿فلا يكن في صدرك حرج منه﴾ ، قال: شك من القرآن.
* * *
قال أبو جعفر: وهذا الذي ذكرته من التأويل عن أهل التأويل، هو معنى ما قلنا في"الحرج"، لأن الشك فيه لا يكون إلا من ضيق الصدر به، وقلة الاتساع لتوجيهه وجهته التي هي وجهته الصحيحة. وإنما اخترنا العبارة عنه بمعنى"الضيق"، لأن ذلك هو الغالب عليه من معناه في كلام العرب، كما قد بيناه قبل.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) ﴾
قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره: هذا كتاب أنزلناه إليك، يا محمد، لتنذر به من أمرتك بإنذاره، ﴿وذكرى للمؤمنين﴾ = وهو من المؤخر الذي معناه التقديم. ومعناه: "كتاب أنزل إليك لتنذر به"، و"ذكرى للمؤمنين"،"فلا يكن في صدرك حرج منه".
وإذا كان ذلك معناه، كان موضع قوله: ﴿وذكرى﴾ نصبًا، بمعنى: أنزلنا إليك هذا الكتاب لتنذر به، وتذكر به المؤمنين.
* * *
ولو قيل معنى ذلك: هذا كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه، أن تنذر به، وتذكّر به المؤمنين = كان قولا غير مدفوعة صحته.
وإذا وُجِّه معنى الكلام إلى هذا الوجه، كان في قوله: ﴿وذكرى﴾ من الإعراب وجهان:
أحدهما: النصب بالردّ على موضع"لتنذر به".
والآخر: الرفع، عطفًا على"الكتاب"، كأنه قيل:"المص كتاب أنزل إليك"، و"ذكرى للمؤمنين". [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٧٠.]]
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ (٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد ﷺ: قل، يا محمد، لهؤلاء المشركين من قومك الذين يعبدون الأوثان والأصنام: اتبعوا، أيها الناس، ما جاءكم من عند ربكم بالبينات والهدى، واعملوا بما أمركم به ربكم، ولا تتبعوا شيئًا من دونه = يعني: شيئًا غير ما أنزل إليكم ربكم. يقول: لا تتبعوا أمر أوليائكم الذين يأمرونكم بالشرك بالله وعبادة الأوثان، فإنهم يضلونكم ولا يهدونكم.
* * *
فإن قال قائل: وكيف قلت:"معنى الكلام: قل اتبعوا"، وليس في الكلام موجودًا ذكرُ القول؟
قيل: إنه وإن لم يكن مذكورًا صريحًا، فإن في الكلام دلالة عليه، وذلك قوله: ﴿فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به﴾ ، ففي قوله:"لتنذر به"، الأمر بالإنذار، وفي الأمر بالإنذار، الأمرُ بالقول، لأن الإنذار قول. فكأن معنى الكلام: أنذر القومَ وقل لهم: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم.
ولو قيل معناه: لتنذر به وتذكر به المؤمنين فتقول لهم: اتبعوا ما أنزل إليكم = كان غير مدفوع.
* * *
وقد كان بعض أهل العربية يقول: قوله: ﴿اتبعوا﴾ ، خطاب للنبيّ ﷺ، ومعناه: كتاب أنزل إليك، فلا يكن في صدرك حرج منه، اتبع ما أنزل إليك من ربك = ويرى أن ذلك نظير قول الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [سورة الطلاق: ١] ، إذ ابتدأ خطابَ النبي ﷺ، ثم جعل الفعل للجميع، إذ كان أمر الله نبيه بأمرٍ، أمرًا منه لجميع أمته، كما يقال للرجل يُفْرَد بالخطاب والمراد به هو وجماعة أتباعه أو عشيرته وقبيلته:"أما تتقون الله، أما تستحيون من الله! "، ونحو ذلك من الكلام. [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٧١، فهذه مقالته.]]
وذلك وإن كان وجهًا غير مدفوع، فالقولُ الذي اخترناه أولى بمعنى الكلام، لدلالة الظاهر الذي وصفنا عليه.
* * *
وقوله: ﴿قليلا ما تذكرون﴾ ، يقول: قليلا ما تتعظون وتعتبرون فتراجعون الحق. [[انظر تفسير ((التذكر)) فيما سلف ١١: ٤٨٩، تعليق ٣، والمراجع هناك.]]
{"ayahs_start":2,"ayahs":["كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَیۡكَ فَلَا یَكُن فِی صَدۡرِكَ حَرَجࣱ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ","ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَۗ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ"],"ayah":"كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَیۡكَ فَلَا یَكُن فِی صَدۡرِكَ حَرَجࣱ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق