الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾
قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن إحلاله بالخبيث عدوِّ الله ما أحلّ به من نقمته ولعنته، وطرده إياه عن جنته، إذ عصاه وخالف أمره، وراجعه من الجواب بما لم يكن له مراجعته به. يقول: قال الله له عند ذلك: ﴿اخرج منها﴾ ، أي من الجنة = ﴿مذؤُومًا مدحورًا﴾ ، يقول: مَعِيبًا.
* * *
و"الذأم"، العيب. يقال منه:"ذأمَه يذأمه ذأمًا فهو مذؤوم"، ويتركون الهمز فيقولون: ذِمْته أذيمه ذيمًا وذامًا"، و"الذأم" و"الذيم"، أبلغ في العيب من"الذمّ"، وقد أنشد بعضهم هذا البيت: [[هو الحارث بن خالد المخزومي.]]
صَحِبْتُكَ إذْ عَيْنِي عَلَيْهَا غِشَاوَةٌ ... فَلَمَّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسِي أَذِيمُهَا [[مضى البيت وشرحه وتخريجه، وبغير هذه الرواية فيما سلف ١: ٢٦٥.]]
وأكثر الرواة على إنشاده"ألومها".
* * *
وأما المدحور: فهو المُقْصَى، يقال:"دحره يدحَرُه دَحْرًا ودُحُورًا"، إذا أقصاه وأخرجه، ومنه قولهم:"ادحَرْ عنكَ الشيطان". [[انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢١٢.]]
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٤٣٨٤- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿اخرج منها مذؤومًا مدحورًا﴾ ، يقول: اخرج منها لعينًا منفيًّا.
١٤٣٨٥- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس:"مذؤومًا" ممقوتًا.
١٤٣٨٦- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبى قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿قال اخرج منها مذؤومًا﴾ ، يقول: صغيرًا منفيًّا.
١٤٣٨٧- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: ﴿اخرج منها مذؤومًا مدحورًا﴾ ، أما"مذؤومًا"، فمنفيًّا، وأما"مدحورا"، فمطرودًا.
١٤٣٨٨- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿مذؤومًا﴾ ، قال: منفيًّا = ﴿مدحورًا﴾ ، قال: مطرودًا.
١٤٣٨٩- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: ﴿اخرج منها مذؤومًا﴾ ، قال: منفيًّا. = و"المدحور"، قال: المصغَّر.
١٤٣٩٠- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال:، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، عن يونس وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس: ﴿اخرج منها مذؤومًا﴾ ، قال: منفيًّا.
١٤٣٩١- حدثني أبو عمرو القرقساني عثمان بن يحيى قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن التميمي، سأل ابن عباس: ما ﴿اخرج منها مذؤومًا مدحورًا﴾ ، قال: مقيتًا. [[الأثر: ١٤٣٩١ - ((أبو عمرو القرقساني)) ، ((عثمان بن يحيى)) ، شيخ الطبري، لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من الكتب. ويزيد الأمر إشكالا أني وجدت أبا جعفر في تاريخه يذكر إسنادًا عن شيخ يقال له ((عثمان بن يحيى)) ، فيه نصه: ((حدثني عثمان بن يحيى، عن عثمان القرقساني، قال حدثنا سفيان بن عيينة)) ، فجعل بين ((عثمان بن يحيى)) و ((سفيان بن عيينة)) رجلا يقال له ((عثمان القرقساني)) ! والذي في التفسير يدل على أن الراوي عن سفيان بن عيينة هو ((عثمان بن يحيى)) نفسه. فظني أن في إسناد التاريخ خطأ، ولعل صوابه: ((حدثني عثمان بن يحيى بن عثمان القرقساني، قال حدثنا سفيان بن عيينة)) . هذا ما وجدت، فعسى أن يجتمع عندي ما أتبين به صواب ذلك أو خطأه.]]
١٤٣٩٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: ﴿اخرج منها مذؤومًا مدحورًا﴾ ، فقال: ما نعرف"المذؤوم" و"المذموم" إلا واحدًا، ولكن تكون حروف منتقصة، وقد قال الشاعر لعامر: يا"عام"، ولحارث:"يا حار"، [[في المطبوعة: ((ولكن يكون منتقصة، وقال العرب لعامر ... )) ، وبين الكلام بياض. وفي المخطوطة: ((ولكن تكون ف منتقصة. وقد قال الشاعر ... )) بياض بين الكلام، فغير ناشر المطبوعة ما في المخطوطة بلا أمانة. وفي المخطوطة فوق البياض ((كذا)) وفي الهامش حرف (ط) للدلالة على الخطأ. ودلتني لافاء بعد البياض أن صواب هذا الذي بيض له ناسخ المخطوطة هو ((حروف)) ، فاستقام الكلام.
ومثال الترخيم في ((عامر)) قول الحطيئة لعامر بن الطفيل: يَا عَامِ، قد كُنْتَ ذَا بَاعٍ وَمَكْرُمَةٍ ... لَوْ أَنَّ مَسْعَاةَ مَنْ جَارَيْتَهُ أَمَمُ
ومثال الترخيم في ((الحارث)) قول زهير: يَا حارِ، لا أُرْمَيَنْ مِنْكُمْ بِدَاهِيَةٍ ... لَم يَلْقَهَا سُوقَةٌ قَبْلِي وَلا مَلِكُ]] وإنما أنزل القرآن على كلام العرب.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا قسم من الله جل ثناؤه. أقسم أن مَنْ اتبع من بني آدم عدوَّ الله إبليس وأطاعه وصَدَّق ظنه عليه، أن يملأ من جميعهم = يعني: من كفرة بني آدم تُبّاع إبليس، ومن إبليس وذريته = جهنم. فرحم الله امرأً كذّب ظن عدوِّ الله في نفسه، وخيَّب فيها أمله وأمنيته، ولم يمكّن من طمعَ طمعٍ فيها عدوَّه، [[في المطبوعة: ((ولم يكن ممن طمع فيها عدوه)) ، غير ما في المخطوطة لأنه لم يفهمه، فأساء غاية الإساءة، وافسد الكلام.]] واستغشَّه ولم يستنصحه، فإن الله تعالى ذكره إنما نبّه بهذه الآيات عباده على قِدَم عداوة عدوِّه وعدوهم إبليس لهم، وسالف ما سلف من حسده لأبيهم، وبغيه عليه وعليهم، وعرّفهم مواقع نعمه عليهم قديمًا في أنفسهم ووالدهم ليدّبروا آياته، وليتذكر أولو الألباب، فينزجروا عن طاعة عدوه وعدوهم إلى طاعته ويُنيبوا إليها.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول الله تعالى ذكره: وقال الله لآدم: ﴿يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما﴾ . فأسكن جل ثناؤه آدم وزوجته الجنة بعد أن أهبط منها إبليس وأخرجه منها، وأباح لهما أن يأكلا من ثمارها من أيّ مكان شاءا منها، ونهاهما أن يقربا ثمر شجرة بعينها.
* * *
وقد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في ذلك، وما نرى من القول فيه صوابًا، في غير هذا الموضع، فكرهنا إعادته. [[انظر ما سلف ١: ٥١٢ - ٥٢٤.]]
* * *
= ﴿فتكونا من الظالمين﴾ ، يقول: فتكونا ممن خالف أمر ربِّه، وفعل ما ليس له فعله.
{"ayahs_start":18,"ayahs":["قَالَ ٱخۡرُجۡ مِنۡهَا مَذۡءُومࣰا مَّدۡحُورࣰاۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمۡ أَجۡمَعِینَ","وَیَـٰۤـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ فَكُلَا مِنۡ حَیۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"],"ayah":"وَیَـٰۤـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ فَكُلَا مِنۡ حَیۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق