الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ قال أبوجعفر: يقول تعالى ذكره: وواعدنا موسى لمناجاتنا ثلاثين ليلة. [[انظر تفسير ((المواعدة)) فيما سلف ٢: ٥٨ - ٦٠، في نظيرة هذه الآية.]] وقيل: إنها ثلاثون ليلة من ذي القعدة. = ﴿وأتممناها بعشر﴾ ، يقول: وأتممنا الثلاثين الليلة بعشر ليال تتمة أربعين ليلة. * * * وقيل: إن العشر التي أتمها به أربعين، عشر ذي الحجة. * ذكر من قال ذلك: ١٥٠٦٢ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد: ﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر﴾ ، قال: ذو القعدة، وعشر ذي الحجة. ١٥٠٦٣ - ... قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد: ﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر﴾ ، قال: ذو القعدة، وعشر ذي الحجة. ففي ذلك اختلفوا. [[الأثر: ١٥٠٦٣ - وضعت النقط، لأنه اختصار أراد به أن صدر الإسناد هو صدر الإسناد الذي قبله، وقد مضى مثل ذلك مرارًا ولم أشر إليه، فآثرت منذ الآن، أن أضع النقط تنبيهاً على ذلك، فهو رواية سفيان بن وكيع، عن جرير، كما مضى مرارًا مثل هذا الإسناد.]] ١٥٠٦٤ - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة﴾ ، هو ذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، فذلك قوله: ﴿فتم ميقات ربه أربعين ليلة﴾ . ١٥٠٦٥ - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: زعم حضرميٌّ أن الثلاثين التي كان واعدَ موسى ربه، كانت ذا القعدة، والعشرَ من ذي الحجة التي تمم الله بها الأربعين. ١٥٠٦٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: ﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة﴾ ، قال: ذو القعدة. ﴿وأتممناها بعشر﴾ ، قال: عشر ذي الحجة = قال ابن جريج: قال ابن عباس مثله. ١٥٠٦٧ - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله: ﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر﴾ ، قال: ذو القعدة، والعشر الأوَل من ذي الحجة. ١٥٠٦٨ - ... قال: حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسروق: ﴿وأتممناها بعشر﴾ ، قال: عشر الأضحى. * * * وأما قوله: ﴿فتم ميقات ربه أربعين ليلة﴾ ، فإنه يعني: فكمل الوقت الذي واعد الله موسى أربعين ليلة، [[انظر تفسير ((التمام)) فيما سلف ٣: ١٧، ١٨ / ٤: ٧/ ١٢: ٦٢. = وتفسير ((الميقات)) فيما سلف ٣: ٥٥٣ - ٥٥٥.]] وبلغها. كما:- ١٥٠٦٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: ﴿فتم ميقات ربه﴾ ، قال: فبلغ ميقات ربه أربعين ليلة. * * * القول في تأويل قوله: ﴿وَقَالَ مُوسَى لأخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لما مضى لموعد ربه قال لأخيه هارون: ﴿اخلفني في قومي﴾ ، يقول: كن خليفتي فيهم إلى أن أرجع. * * * يقال منه: "خَلَفه يخْلُفه خِلافة". [[انظر تفسير ((الخلافة)) فيما سلف ١٢: ٥٤٠، ٥٤١ تعليق: ١، والمراجع هناك.]] * * * ﴿وأصلح﴾ ، يقول: وأصلحهم بحملك إياهم على طاعة الله وعبادته، كما:- ١٥٠٧٠ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: "وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح"، وكان من إصلاحه أن لا يدع العجل يُعْبد. * * * وقوله: ﴿ولا تتبع سبيل المفسدين﴾ ، يقول: ولا تسلك طريق الذين يفسدون في الأرض، بمعصيتهم ربهم، ومعونتهم أهل المعاصي على عصيانهم ربهم، ولكن اسلك سبيل المطيعين ربهم. [[انظر تفسير ((اتبع)) و ((الفساد)) فيما سلف من فهارس اللغة (تبع) (فسد) .]] * * * وكانت مواعدة الله موسى عليه السلام بعد أن أهلك فرعون، ونجَّى منه بني إسرائيل، فيما قال أهل العلم، كما:- ١٥٠٧١ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني الحجاج، عن ابن جريج قوله: ﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة﴾ ، الآية، قال: يقول: إن ذلك بعد ما فرغ من فرعون وقبل الطور، لما نجى الله موسى عليه السلام من البحر وغرّق آل فرعون، وخلص إلى الأرض الطيبة، أنزل الله عليهم فيها المنّ والسلوى، وأمره ربه أن يلقَاه، فلما أراد لقاء ربه، استخلف هارون على قومه، وواعدهم أن يأتيهم إلى ثلاثين ليلة، ميعادًا من قِبَله، من غير أمر ربه ولا ميعاده. فتوجه ليلقى ربه، فلما تمت ثلاثون ليلة، قال عدو الله السامريُّ: ليس يأتيكم موسى، وما يصلحكم إلا إله تعبدونه! فناشدهم هارون وقال: لا تفعلوا، انظروا ليلتكم هذه ويومكم هذا، فإن جاء وإلا فعلتم ما بدا لكم! فقالوا: نعم! فلما أصبحوا من غد ولم يروا موسى، عاد السامري لمثل قوله بالأمس. قال: وأحدث الله الأجل بعد الأجل الذي جعله بينهم عشرًا، [[في المطبوعة: ((بينهم عشرا)) وفي المخطوطة غير منقوطة، وهذا صوابها.]] فتم ميقات ربه أربعين ليلة، فعاد هارون فناشدهم إلا ما نظروا يومهم ذلك أيضًا، فإن جاء وإلا فعلتم ما بدا لكم! ثم عاد السامري الثالثة لمثل قوله لهم، وعاد هارون فناشدهم أن ينتظروا، فلما لم يروا ... [[الأثر ١٥٠٧١ - هذا خبر لم يتم كما ترى، ولم أجده في مكان آخر. وسبب ذلك أن قوله ((فلما لم يروه)) هو في المخطوطة في آخر الصفحة اليسرى، ثم بدأ بعدها: ((قال القاسم)) ، فظاهر أن الناسخ عجل، فأسقط من الخبر تمامه، لما قلب الصفحة، وبدأ الخبر التالي بعده.]] ١٥٠٧٢ - قال القاسم، قال الحسين، حدثني حجاج قال، حدثني أبو بكر بن عبد الله الهذليّ قال: قام السامري إلى هارون حين انطلق موسى فقال: يا نبي الله، إنا استعرنا يوم خرجنا من القبط حليًّا كثيرًا من زينتهم، وإن الجند الذين معك قد أسرعوا في الحلي يبيعونه وينفقونه، [[(٣) في المطبوعة: ((وإن الذين معك)) ، حذف ((الجند)) ، لأنها غير منقوطة، فلم يحسن قراءتها.]] وإنما كان عارية من آل فرعون، فليسوا بأحياء فنردّها عليهم، ولا ندري لعل أخاك نبيّ الله موسى إذا جاء يكون له فيها رأي، إما يقرّبها قربانا فتأكلها النار، وإما يجعلها للفقراء دون الأغنياء! فقال له هارون: نِعْمَ ما رأيت وما قلت! فأمر مناديًا فنادى: من كان عنده شيء من حليّ آل فرعون فليأتنا به! فأتوه به، فقال هارون: يا سامري أنت أحق من كانت عنده هذه الخزانة! فقبضها السامري، وكان عدو الله الخبيث صائغًا، فصاغ منه عجلا جسدًا، ثم قذف في جوفه تُرْبة من القبضة التي قبض من أثر فرس جبريل عليه السلام إذ رآه في البحر، فجعل يخور، ولم يخر إلا مرة واحدة، وقال لبني إسرائيل: إنما تخلف موسى بعد الثلاثين الليلة يلتمس هذا! ﴿هذا إلهُكُمْ وإلهُ مُوسَى فَنَسِي﴾ ، [طه: ٨٨] . يقول: إن موسى عليه السلام نسي ربّه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب