الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقطعنا ببني إسرائيل البحر بعد الآيات التي أريناهموها، والعبر التي عاينوها على يدي نبيّ الله موسى، فلم تزجرهم تلك الآيات، ولم تعظهم تلك العبر والبينات! حتى قالوا = مع معاينتهم من الحجج ما يحق أن يذكُرَ معها البهائم، إذ مرُّوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، يقول: يقومون على مُثُل لهم يعبدونها من دون الله [[انظر تفسير ((العكوف)) فيما سلف ٣: ٤١، ٥٣٩، ٥٤٠. و ((المثل)) (بضمتين) جمع ((مثال)) (بكسر الميم) ، وهو الصورة، مثل ((التمثال)) .]] = "اجعل لنا" يا موسى "إلهًا"، يقول: مثالا نعبده وصنما نتخذُه إلهًا، كما لهؤلاء القوم أصنامٌ يعبدونها. ولا تنبغي العبادة لشيء سوى الله الواحد القهار. وقال موسى صلوات الله عليه: إنكم أيها القوم قوم تجهلون عظمة الله وواجبَ حقه عليكم، ولا تعلمون أنه لا تجوز العبادة لشيء سوى الله الذي له ملك السموات والأرض. * * * وذكر عن ابن جريج في ذلك ما: - ١٥٠٥٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج: ﴿وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم﴾ ، قال ابن جريج: "على أصنام لهم"، قال: تماثيل بقر. فلما كان عجل السامريّ شبِّه لهم أنه من تلك البقر، فذلك كان أوّل شأن العجل: ﴿قالوا يا موسى اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون﴾ ، * * * وقيل: إن القوم الذين كانوا عكوفًا على أصنام لهم، الذين ذكرهم الله في هذه الآية، قوم كانوا من لَخْم. * ذكر من قال ذلك: ١٥٠٥٤ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا بشر بن عمرو قال، حدثنا العباس بن المفضل، عن أبي العوام، عن قتادة: ﴿فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم﴾ ،قال: على لخم. [[الأثر: ١٥٠٥٤ - ((بشر بن عمر الحكم بن عقبة الزهراني الأزدي)) ، روي له الجماعة. مضى برقم ٣٣٧٥. و ((العباس بن المفضل)) ، هكذا في المخطوطة والمطبوعة، وأرجح أنه ((العباس بن الفضل الأنصارى الواقفي)) ، مترجم في التهيب، وابن أبي حاتم ٢/١/٢١٢، وهو متروك الحديث. و ((أبو العوام)) ، هو ((عمران بن داور القطان)) ، مضى برقم: ٧٥٠٣.]] * * * وقيل: إنهم كانوا من الكنعانيين الذين أمر موسى عليه السلام بقتالهم. وقد:- ١٥٠٥٥ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري: أن أبا واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ قبل حنين، فمررنا بِسدْرة، [[((السدرة)) ، وواحدتها ((سدرة)) ، هو شجر النبق.]] قلت: يا نبي الله، اجعل لنا هذه ذاتُ أنواط كما للكفار ذاتُ أنواط! وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة يعكفون حولها [[((ناط الشيء ينوطه نوطا)) ، علقه. و ((الأنواط)) ما يعلق على الهودج أو غيره، وهي المعاليق.]] = فقال النبي ﷺ: الله أكبر! هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى: "اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة"، إنكم ستركبون سنن الذين من قبلكم. [[الأثر: ١٥٠٥٥ - خبر أبي واقد الليثى، في ((ذات أنواط)) ، رواه أبو جعفر من أربع طرق، هذا أولها، وهو خبر مرسل، لأن الزهري لم يسنده. وسيأتي تخريجه في الذي يليه.]] ١٥٠٥٦ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان، عن واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ قبل حنين، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا نبي الله، اجعل لنا هذه ذات أنواط، فذكر نحوه. [[الأثر: ١٥٠٥٦ - ((سنان بن أبي سنان = الديلى أو الدؤلى =الجدرى)) ، تابعي ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/٢/١٦٣، وابن أبي حاتم ٢/١/٢٥٢. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ٢١٨ من طريق عبد الرازق، عن معمر، بنحوه.]] ١٥٠٥٧- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي واقد الليثي، عن رسول الله ﷺ، نحوه. [[الأثر: ١٥٠٥٧ - رواه ابن إسحق في سيرته ٤: ٨٤، عن ((أبي واقد الليثى، الحارث بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ إلى حنين، ونحن حديثو عهد بكفر)) ، وفي المطبوعة الحلبية ((أن الحارث بن مالك)) ، بزيادة ((أن)) ، وهي زيادة فاسدة، ليست في سائر النسخ.]] ١٥٠٥٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا ابن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال، أخبرني سنان بن أبي سنان الديلي، عن أبي واقد الليثي: أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله ﷺ إلى حنين، قال: وكان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها "ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط. قال: "قلتم والذي نفسي بيده، ما قال قوم موسى: "اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون"، إنها السنن، لتركبن سَنَنَ من كان قبلكم. [[الأثر: ١٥٠٥٨ - ((ابن صالح)) : هو ((عبد الله بن صالح الجهني المصري)) ، ((أبو صالح)) ، كاتب الليث بن سعد. وأسقط في المطبوعة والمخطوطة [حدثني المثنى قال] ، وأبو جعفر لم يدرك أبا صالح، وإنما يروى عنه عن طريق ((المثنى)) ، كما سلف في إسناده الدائر في التفسير، وأقربه: ١٥٠٥٠: ((حدثنا المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح)) . وقد رواه البخاري كما سترى عن أبي صالح مباشرة، فلذلك ثبت أنه قد سقط من الإسناد: [حدثني المثنى] فزدتها، وانظر مثل هذا الإسناد فيما سلف: ٢٣٥٠. والليث هو ((الليث بن سعد)) الإمام. و ((عقيل)) هو ((عقيل بن خالد الأيلي)) ، مضى برقم: ١٩، ٢٣٥٠، ثقة ثبت حجة. وهذا الخبر رواه أحمد من طريق حجاج، عن ليث بن سعد، بنحوه، ورواه البخاري مختصراً في تاريخه ٢/٢/١٦٤ قال: ((وقال لنا أبو صالح حدثني الليث، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أخبرنى سنان بن أبي سنان الدؤلى، ثم الجدرى، عن أبي واقد الليثى، سمع النبي ﷺ: لتركبن سنن من قبلكم)) . وزاد أحمد طريقاً أخرى في مسنده لخبر أبي واقد، طريق مالك بن أنس، عن الزهرى، عن سنان ابن أبي سنان (المسند رقم ٥: ٢١٨) . ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده: ١٩١ من طريق إبراهيم بن سعد الزهرى، عن [الزهرى] ، عن سنان بن أبي سنان، نحوه. وفي المسند إسقاط [الزهرى] . وخرجه السيوطي في الدر المنشور ٣: ١١٤، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردوية. و ((السنن)) (بفتحتين) : نهج الطريق.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب