الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (٣١) ﴾ يقول تعالى ذكره: قال أصحاب الجنة: ﴿سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ في تركنا الاستثناء في قسمنا وعزمنا على ترك إطعام المساكين من ثمر جنتنا. * * * وقوله: ﴿فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ﴾ يقول جلّ ثناؤه: فأقبل بعضهم على بعض يلوم بعضهم بعضا على تفريطهم فيما فرّطوا فيه من الاستثناء، وعزمهم على ما كانوا عليه من ترك إطعام المساكين من جنتهم. * * * وقوله: ﴿يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ﴾ يقول: قال أصحاب الجنة: يا ويلنا إنا كنا مُبْعَدين: مخالفين أمر الله في تركنا الاستثناء والتسبيح. * * * القول في تأويل قوله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (٣٢) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣) ﴾ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل أصحاب الجنة: ﴿عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا﴾ بتوبتنا من خطأ فعلنا الذي سبق منا خيرا من جنتنا ﴿إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ﴾ يقول: إنا إلى ربنا راغبون في أن يبدلنا من جنتنا إذ هلَكت خيرا منها. قوله تعالى ذكره ﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ﴾ يقول جلّ ثناؤه: كفعلنا بجنة أصحاب الجنة، إذ أصبحت كالصريم بالذي أرسلنا عليها من البلاء والآفة المفسدة، فعلنا بمن خالف أمرنا وكفر برسلنا في عاجل الدنيا، ﴿وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ﴾ يعني عقوبة الآخرة بمن عصى ربه وكفر به، أكبر يوم القيامة من عقوبة الدنيا وعذابها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ يعني بذلك عذاب الدنيا. ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله: ﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ﴾ : أي عقوبة الدنيا ﴿وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ . ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ﴾ قال: عذاب الدنيا، هلاك أموالهم: أي عقوبة الدنيا. * * * وقوله: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ يقول: لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أن عقوبة الله لأهل الشرك به أكبر من عقوبته لهم في الدنيا، لارتدعوا وتابوا وأنابوا، ولكنهم بذلك جهال لا يعلمون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب