القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (١٠) رَسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ﴾
يقول تعالى ذكره: أعد الله لهؤلاء القوم الذين عتوا عن أمر ربهم ورسله عذابًا شديدًا، وذلك عذاب النار الذي أعدّه لهم في القيامة ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الألْبَابِ﴾ يقول تعالى ذكره: فخافوا الله، واحذروا سخطه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه يا أولي العقول.
كما:-
⁕ حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الألْبَابِ﴾ قال: يا أولي العقول.
* * *
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾
يقول: الذين صدقوا الله ورسله.
* * *
وقوله: ﴿قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولا﴾
اختلف أهل التأويل في المعني بالذكر والرسول في هذا الموضع، فقال بعضهم: الذكر هو القرآن، والرسول محمد ﷺ.
* ذكر من قال ذلك:
⁕ حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: ﴿قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولا﴾ قال: الذكر: القرآن، والرسول: محمد ﷺ.
⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله عزّ وجلّ: ﴿قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا﴾ قال: القرآن روح من الله، وقرأ: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ إلى آخر الآية، وقرأ: (قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولا) قال: القرآن، وقرأ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾ قال: بالقرآن، وقرأ ﴿إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ﴾ قال: القرآن، قال: وهو الذكر، وهو الروح.
وقال آخرون: الذكر: هو الرسول.
والصواب من القول في ذلك أن الرسول ترجمة عن الذكر، ذلك نصب لأنه مردود عليه على البيان عنه والترجمة.
فتأويل الكلام إذن: قد أنزل الله إليكم يا أولي الألباب ذكرًا من الله لكم يذكركم به، وينبهكم على حظكم من الإيمان بالله، والعمل بطاعته، رسولا يتلو عليكم آيات الله التي أنزلها عليه ﴿مُبَيِّنَاتٍ﴾ يقول: مبينات لمن سمعها وتدبرها أنها من عند الله.
{"ayah":"أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابࣰا شَدِیدࣰاۖ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۚ قَدۡ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَیۡكُمۡ ذِكۡرࣰا"}