الباحث القرآني
القول في تأويل قوله: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وتلك حجتنا"، قولَ إبراهيم لمخاصميه من قومه المشركين:"أي الفريقين أحق بالأمن"، أمن يعبد ربًّا واحدًا مخلصًا له الدين والعبادة، أم من يعبد أربابًا كثيرة؟ وإجابتهم إياه بقولهم:"بل من يعبد ربًّا واحدًا أحق بالأمن"، وقضاؤهم له على أنفسهم، فكان في ذلك قطع عذرهم وانقطاع حجتهم، واستعلاء حجة إبراهيم عليهم. [[الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق، ولو كان من عند غير الله لوجد الناس فيه اختلافًا كثيرًا. ورحم الله أبا جعفر وغفر له ما أخطأ، وأبو جعفر على جلالة قدره، وحفظه وضبطه وعنايته، قد تناقض وأوقع في كلامه اختلافًا كبيرًا. فإنه في ص: ٤٩٤، قد رجح أن الصواب في قوله تعالى ذكره: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، أنه خبر من الله تعالى ذكره عن أول الفريقين بالأمن، وفصل قضاء منه بين إبراهيم وقومه. ثم قال: "وذلك أن ذلك لو كان من قول قوم إبراهيم الذين كانوا يعبدون الأوثان ويشركونها في عبادة الله، لكانوا قد أقروا بالتوحيد، واتبعوا إبراهيم على ما كانوا يخالفونه فيه من التوحيد، ولكنه كما ذكرت من تأويله بديًّا". ثم عاد هنا بعد بضع صفحات، ففسر هذه الآية، وزعم أن ذلك من إجابة قوم إبراهيم لإبراهيم، وهو القول الذي نقضه!! وهذا تناقض بين، ولكنه يأتي في كتب العلماء، حجة من الله على خلقه أنهم لا عصمة لهم في شيء، وأن العصمة لله وحده سبحانه.]] فهي الحجة التي آتاها الله إبراهيم على قومه، كالذي:-
١٣٥١٣ - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان الثوري، عن رجل، عن مجاهد:"وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه"، قال: هي"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم".
١٣٥١٤- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يحيى بن زكريا، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: قال إبراهيم حين سأل:"أي الفريقين أحق بالأمن"، قال: هي حجة إبراهيم = وقوله:"وآتيناها إبراهيم على قومه"، يقول: لقناها إبراهيم وبَصَّرناه إياها وعرفّناه ="على قومه نرفع درجات من نشاء".
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الحجاز والبصرة:"نَرْفَعُ دَرَجَاتِ مَنْ نَشَاءُ"، بإضافة"الدرجات" إلى"من"، بمعنى: نرفع الدرجات لمن نشاء.
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ بتنوين"الدرجات"، بمعنى: نرفع من نشاء درجات.
* * *
و"الدرجات" جمع"درجة"، وهي المرتبة. وأصل ذلك مراقي السلم ودرَجه، ثم تستعمل في ارتفاع المنازل والمراتب. [[انظر تفسير"الدرجة" فيما سلف ٤: ٥٢٣ - ٥٣٦/٧: ٣٦٨/٩: ٩٥، وتفسيره هنا أوضح مما سبق.]]
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: هما قراءتان قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القرأة، متقارب معناهما. وذلك أن من رفعت درجته، فقد رفع في الدرج = ومن رفع في الدرج، فقد رفعت درجته. فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصوابَ في ذلك.
* * *
فمعنى الكلام إذًا:"وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه"، فرفعنا بها درجته عليهم، وشرّفناه بها عليهم في الدنيا والآخرة. فأما في الدنيا، فآتيناه فيها أجره = وأما في الآخرة، فهو من الصالحين ="نرفع درجات من نشاء"، أي بما فعل من ذلك وغيره.
* * *
وأما قوله:"إن ربك حكيم عليم"، فإنه يعني: إن ربك، يا محمد،"حكيم"، في سياسته خلقَه، وتلقينه أنبياءه الحجج على أممهم المكذّبة لهم، الجاحدة توحيد ربهم، وفي غير ذلك من تدبيره ="عليم"، بما يؤول إليه أمر رسله والمرسل إليهم، من ثبات الأمم على تكذيبهم إياهم، وهلاكهم على ذلك، أوإنابتهم وتوبتهم منه بتوحيد الله تعالى ذكره وتصديق رسله، والرجوع إلى طاعته. [[انظر تفسير: "حكيم" و"عليم" فيما سلف من فهارس اللغة.]]
* * *
يقول تعالى ذكره لنبيه ﷺ: فأتَسِ، [["ائتسى به"، جعله أسوة له في نفسه وسيرته. وكان في المطبوعة"تأس"، وهي بمعناها، وأثبت ما في المخطوطة.]] يا محمد، في نفسك وقومك المكذبيك، والمشركين، بأبيك خليلي إبراهيم ﷺ، واصبر على ما ينوبك منهم صبرَه، فإني بالذي يؤول إليه أمرك وأمرهم عالم، وبالتدبير فيك وفيهم حكيم. [[في المطبوعة والمخطوطة: "بالتدبير" بغير واو العطف، والصواب إثباتها.]]
{"ayah":"وَتِلۡكَ حُجَّتُنَاۤ ءَاتَیۡنَـٰهَاۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَـٰتࣲ مَّن نَّشَاۤءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِیمٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق