الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢) ﴾ قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الذي أخبر تعالى ذكره عنه أنه قال هذا القول = أعني:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، الآية. فقال بعضهم: هذا فصلُ القضاء من الله بين إبراهيم خليله ﷺ، وبين من حاجّه من قومه من أهل الشرك بالله، إذ قال لهم إبراهيم:"وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانًا فأيّ الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون"؟ فقال الله تعالى ذكره، فاصلا بينه وبينهم: الذين صدَّقوا الله وأخلصُوا له العبادة، ولم يخلطوا عبادتهم إياه وتصديقهم له بظلم [[انظر تفسير"لبس" فيما سلف ص: ٤١٩، تعليق: ١ والمراجع هناك.]] = يعني: بشرك [[انظر تفسير"الظلم" فيما سلف من فهارس اللغة (ظلم) .]] = ولم يشركوا في عبادته شيئًا، ثم جعلوا عبادتهم لله خالصًا، أحقّ بالأمن من عقابه مكروهَ عبادته ربَّه، [[في المطبوعة، أسقط قوله: "ربه".]] من الذين يشركون في عبادتهم إياه الأوثان والأصنامَ، فإنهم الخائفون من عقابه مكروه عبادتهم = أمَّا في عاجل الدنيا فإنهم وجِلون من حلول سخَط الله بهم، وأما في الآخرة، فإنهم الموقنون بأليم عذابِ الله. * ذكر من قال ذلك: ١٣٤٧٣ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، يقول الله تعالى ذكره:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، أي: الذين أخلصوا كإخلاص إبراهيم ﷺ لعبادة الله وتوحيده ="ولم يلبسوا أيمانهم بظلم"، أي: بشرك =" أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"، الأمن من العذاب، والهدى في الحجة بالمعرفة والاستقامة. يقول الله تعالى ذكره:"وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفعُ درجات من نشاء إن ربّك حكيم عليم". ١٣٤٧٤ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون"، قال فقال الله وقضى بينهم:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. قال:"أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"، فأما الذنوبُ فليس يبري منها أحدٌ. * * * وقال آخرون: هذا جوابٌ من قوم إبراهيم ﷺ لإبراهيم، حين قال لهم:"أيُّ الفريقين أحق بالأمن"؟ فقالوا له: الذين آمنوا بالله فوحّدوه أحق بالأمن، إذا لم يلبسوا إيمانهم بظلم. * ذكر من قال ذلك: ١٣٤٧٥ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:"فأيّ الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون"، أمن يعبد ربًّا واحدًا أم من يعبد أربابًا كثيرة؟ يقول قومه:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، بعبادة الأوثان، وهي حجة إبراهيم ="أولئك لهم الأمن وهم مهتدون". [[الأثر: ١٣٤٧٥ - انظر الأثر السالف رقم: ١٣٤٧١.]] * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: هذا خبرٌ من الله تعالى ذكره عن أولى الفريقين بالأمن، وفصل قضاءٍ منه بين إبراهيم ﷺ وبين قومه. وذلك أن ذلك لو كان من قول قوم إبراهيم الذين كانوا يعبدون الأوثان ويشركونها في عبادة الله، لكانوا قد أقروا بالتوحيد واتبعوا إبراهيم على ما كانوا يخالفونه فيه من التوحيد، ولكنه كما ذكرت من تأويله بَدِيًّا. [[في المطبوعة: "بدءًا"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو محض صواب، أي: أولا.]] * * * واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عناه الله تعالى بقوله:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم". فقال بعضهم: بشرك. * ذكر من قال ذلك: ١٣٤٧٦- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، شق ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ، قال فقال رسول الله ﷺ: ألا ترونَ إلى قول لقمان: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، [سورة لقمان: ١٣] ؟ [[الأثر: ١٣٤٧٦ - حديث عبد الله بن مسعود. من طريق الأعمش، رواه أبو جعفر من طرق من رقم: ١٣٤٧٦ - ١٣٤٨٠، ١٣٤٨٣، وانظر رقم: ١٣٥٠٧. وحديث عبد الله، رواه البخاري في صحيحه (الفتح ١: ٨١، ٨: ٢٢٠) ، بنحوه ورواه مسلم في صحيحه ٢: ١٤٣، ١٤٤، من طريق عبد الله بن إدريس، وأبي معاوية، ووكيع، جميعًا عن الأعمش. ورواه الترمذي في كتاب التفسير، من طريق عيسى بن يونس عن الأعمش. ورواه أحمد من طرق في مسنده رقم: ٣٥٨٩، ٤٠٣١، ٤٢٤٠، وسأشير إليه في تخريجها بعد.]] ١٣٤٧٧- قال أبو كريب قال، ابن إدريس، حدثنيه أوّلا أبي، عن أبان بن تغلب، عن الأعمش، ثم سمعتُه قيل له: مِنَ الأعمش؟ قال: نعم! [[الأثر: ١٣٤٧٧ - ذكره مسلم في صحيحه أيضًا ٢: ١٤٤، من طريق أبي كريب، بنحو قوله هذا. "أبان بن تغلب الربعي"، ثقة، قال ابن عدي: "له نسخ عامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة، وهو من أهل الصدق في الروايات، وإن كان مذهبه الشيعة، وهو في الرواية صالح لا بأس به". [فائدة: قال الحافظ في التهذيب: "التشيع في عرف المتقدمين، هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان، وأن عليًّا كان مصيبًا في حروبه، وأن مخالفه مخطئ، مع تقديم الشيخين وتفضيلهما. وربما اعتقد بعضهم أن عليًا أفضل الخلق بعد رسول الله ﷺ. وإذا كان معتقدًا ذلك، ورعًا دينًا صادقًا مجتهدًا، فلا ترد روايته بهذا، لا سيما إن كان غير داعية. وأما التشيع في عرف المتأخرين، فهو الرفض المحض، فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة] . وعلة ذكر هذا الخبر الثاني، في التعقيب على الخبر الأول أن عبد الله بن إدريس رواه قبل عن الأعمش مباشرة، وكان رواه قبل عن أبيه، عن أبان بن تغلب، عن الأعمش، لينبه على علو إسناده.]] ١٣٤٧٨- حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال، حدثني عمي يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بطلم"، شقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، ما منّا أحدٌ إلا وهو يظلم نفسه؟ فقال رسول الله ﷺ:"ليس بذلك، ألا تسمعون إلى قول لقمان لابنه إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ؟ [[الأثر: ١٣٤٧٨ -"عيسى بن عثمان بن عيسى بن عبد الرحمن التميمي الرملي"، ثقة، مضى برقم: ٣٠٠ وعمه: "يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التميمي الرملي"، ثقة، مضى برقم: ٣٠٠، ٦٣١٧، ٩٠٣٥.]] ١٣٤٧٩- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، شقَّ ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ وقالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟ قال: فقال رسول الله ﷺ: ليس كما تظنُّون، وإنما هو ما قال لقمان لابنه: لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. [[الأثر: ١٣٤٨٩ - رواه أحمد في المسند رقم: ٤٢٤٠، من طريق وكيع أيضًا، بمثله.]] ١٣٤٨٠- حدثنا هناد قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية:" الذين آمنوا ولم يلبسُوا إيمانهم بظلم"، شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله، وأيُّنا لا يظلم نفسه؟ فقال:"إنه ليس كما تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ؟ إنما هو الشرك. [[الأثر: ١٣٤٨٠ - رواه أحمد في المسند رقم: ٣٥٨٩، من طريق أبي معاوية أيضًا بمثله.]] ١٣٤٨١ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة في قوله:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. ١٣٤٨٢ - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل، عن منصور، عن إبراهيم في قوله:" الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. ١٣٤٨٣- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية:" الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، شق ذلك على أصحاب رسول الله ﷺ، وقالوا: أيُّنا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فقال النبي ﷺ: ليس بذلك، ألم تسمعوا قول لقمان: إن الشرك لظلم عظيم؟ ١٣٤٨٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير وابن إدريس، عن الشيباني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن الأسود بن هلال، عن أبي بكر:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. [[الأثر: ١٣٤٨٤ -"الشيباني" هو: "أبو إسحق الشيباني"، "سليمان بن أبي سليمان" مضى مرارًا، آخرها رقم: ٨٨٦٩. و"أبو بكر بن أبي موسى الأشعري"، ثقة روى له الجماعة، مترجم التهذيب. و"الأسود بن هلال المحارب"، "أبو سلام"، له إدراك، هاجر زمن عمر، لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه. مترجم في التهذيب، والكبير ١/١، ٤٤٩ وابن أبي حاتم ١/١/ ٢٩٢. ومضى برقم: ١٠٣٣١، ١٠٣٣٣. وهذا الخبر ذكره السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٧، ونسبة للفريابي، وابن أبي شيبة، والحكيم الترمذي في الأصول، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه.]] ١٣٤٨٥- حدثنا هناد قال، حدثنا قبيصة، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي بكر:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. [[الأثر: ١٣٤٨٥ - أسقط في المطبوعة ذكر: "عن أبي إسحق"، وهو خبر مرسل.]] ١٣٤٨٦ - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سعيد بن عبيد الطائي، عن أبي الأشعر العبدي، عن أبيه: أن زيد بن صوحان سأل سلمان فقال: يا أبا عبد الله، آيةٌ من كتاب الله قد بلغت منِّي كل مبلغ:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"! فقال سلمان: هو الشرك بالله تعالى ذكره. فقال زيد: ما يسرُّني بها أنّي لم أسمعها منك، وأنّ لي مثل كل شيء أمسيتُ أملكه. [[الأثر: ١٣٤٨٦، ١٣٤٨٧ -"سعيد بن عبيد الطائي"، "أبو الهذيل"، وثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه". مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٤٥٥، وابن أبي حاتم ٢/١/٤٦. "أبو الأشعر العبدي"، ذكره البخاري في الكنى: ٨، وقال: روى عنه خليفة بن خلف. قال أبو نعيم، عن إسمعيل بن عبيد، عن أبي الأشعر العبدي، سمع أباه عن سلمان: (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) ، قال: بشرك". وهكذا جاء"إسمعيل بن عبيد"، وأخشى أن يكون صوابه"سعيد بن عبيد" كما في الطبري. ولما سيأتي في الأثر التالي: ١٣٤٨٧. وأبو"أبي الأشعر العبدي"، لم أعرف من هو. و"زيد بن صوحان بن حجر العبدي"، وهو أخو"صعصعة بن صوحان"، أدرك النبي ﷺ، وهو مذكور في الصحابة، وكان شديد الحب لسلمان الفارسي. قتل يوم الجمل مع علي رضي الله عنهما. مترجم في ابن سعد ٦: ٨٤، وقال: ثقة قليل الحديث"، وفي تعجيل المنفعة: ١٤٢، والكبير ٢/١/٣٦٣، وابن أبي حاتم ١/٢/٥٦٥. * * * وعند آخر الأثر رقم: ١٣٤٨٦، انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلت عنه نسختنا، وفيها ما نصه: يتلوهُ: حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي، عن سعيد بن عبيد وصلى الله على محمد النبيّ وآله وسلم كثيرًا" ويبدأ بعد بما نصه: "بسم الله الرَّحمن الرحيم رَبِّ أَعِنْ يا كَريم"]] ١٣٤٨٧ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سعيد بن عبيد، عن أبي الأشعر، عن أبيه، عن سلمان قال: بشرك. [[الأثر: ١٣٤٨٧ - انظر التعليق السالف.]] ١٣٤٨٨ - حدثنا ابن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا نسير بن ذعلوق، عن كردوس، عن حذيفة في قوله:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. [[الأثر: ١٣٤٨٨ -"نسير بن ذعلوق الثوري"، ثقة، مضى برقم: ٥٤٩١. و"كردوس" هو"كردوس بن العباس الثعلبي"، يروي عن حذيفة، مضى برقم: ١٣٢٥٥ - ١٣٢٥٧. وكان في المطبوعة: "درسب" غير ما في المخطوطة، وكان فيها هكذا: "ددوس"، وهذا صواب قراءته إن شاء الله. وهذا الخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٧، ونسبه للفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وأبي عبيد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. وسيأتي بإسناد آخر بعد هذا.]] ١٣٤٨٩- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن رجل، عن عيسى، عن حذيفة في قوله:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. [[الأثر: ١٣٤٨٩ -"أبو إسحق الكوفي"، هو: "عبد الله بن ميسرة الحارثي"، مضى برقم: ٩٢٥٠.]] ١٣٤٩٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عارم أبو النعمان قال، حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير وغيره: أن ابن عباس كان يقول:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. ١٣٤٩١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، يقول: بكفر. ١٣٤٩٢- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، يقول: لم يلبسوا إيمانهم بالشرك. وقال: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ . [سورة لقمان: ١٣] ١٣٤٩٣ - حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال، حدثني أبي قال، حدثنا جرير بن حازم، عن علي بن زيد، عن المسيّب: أن عمر بن الخطاب قرأ:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، فلما قرأها فزع، فأتى أبيّ بن كعب فقال: يا أبا المنذر، قرأتُ آية من كتاب الله، مَنْ يَسْلم؟ فقال: ما هي؟ فقرأها عليه = فأيُّنا لا يظلِمُ نفسه؟ فقال: غفر الله لك! أما سمعت الله تعالى ذكره يقول: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ؟ إنما هو: ولم يلبسوا إيمانهم بشرك. [[الأثر: ١٣٤٩٣ - هكذا جاء في المطبوعة والمخطوطة: "عن المسيب"، ولا أدري ما هو، ولكني أرجح أن الصواب"عن سعيد بن المسيب"، أو "عن ابن المسيب"، فإن"علي بن زيد بن جدعان" يروي عنه، ولأني لم أجد فيمن اسمه"المسيب"، من روى عنه"علي بن زيد" وروى هو عن"عمر بن الخطاب".]] ١٣٤٩٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس: أن عمر دخل منزله فقرأ في المصحف، فمرّ بهذه الآية:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، فأتى أبيًّا فأحبره، فقال: يا أمير المؤمنين، إنما هو الشرك. [[الأثر: ١٣٤٩٤ -"يوسف بن مهران البصري"، مضى برقم: ٢٨٥٨: ١١٣٧٣.]] ١٣٤٩٥- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن [ابن مهران] : أنَّ عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأه، فدخل ذات يوم فقرأ، فأتى على هذه الآية:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"، فانفتَل وأخذ رداءه، [[في المطبوعة: "فاشتغل"، وفي المخطوطة"فاسقل"، وفي الدر المنثور ٣: ٢٧"فانتقل" وكان ذلك لا معنى له، وكأن الصواب ما أثبت. يقال: "انفتل الرجل عن صلاته"، إذا انصرف، وهو من قولهم: "فتله عن وجهه فانفتل"، أي: صرفه فانصرف.]] ثم أتى أبيّ بن كعب فقال: يا أبا المنذر = فتلا هذه الآية:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" = وقد ترى أنا نظلِم، ونفعل ونفعل! فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا ليس بذاك، يقول الله تعالى ذكره: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ، إنما ذلك الشرك. [[الأثر: ١٣٤٩٥ - هكذا جاء في المخطوطة: "عن ابن مهران"، وفي المطبوعة: "عن مهران"، وهما خطأ صرف فيما أرجح، وإنما هذا حديث ابن عباس، فالصواب إن شاء الله: "عن ابن عباس"، وهو نفس الأثر الذي قبله، ولكني تركته كذلك كما هو في المخطوطة، ووضعت ما شككت فيه بين القوسين.]] ١٣٤٩٦ - حدثنا هناد قال، حدثنا بن فضيل، عن مطرف، عن أبي عثمان عمرو بن سالم قال: قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، فقال عمر: قد أفلح من لم يلبس إيمانه بظلم! فقال أبيّ: يا أمير المؤمنين، ذاك الشرك! ١٣٤٩٧- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أسباط، عن محمد بن مطرف، عن ابن سالم قال: قرأ عمر بن الخطاب، فذكر نحوه. [[الأثر: ١٣٤٩٦، ١٣٤٩٧ -"أبو عثمان، عمرو بن سالم الأنصاري"، معروف بكنيته، وقد مضى برقم: ٨٩٥٠. وقوله في الأثر الثاني"محمد بن مطرف"، خطأ فيما أرجح، وإنما هو"مطرف بن طريف"، كما في الأثر السالف. ولذلك وضعت"محمد بن" بين قوسين.]] ١٣٤٩٨ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة في قوله:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. ١٣٤٩٩- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة، مثله. ١٣٥٠٠ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حسين، عن علي، عن زائدة، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. [[الأثر: ١٣٥٠٠ -"الحسن بن عبيد الله النخعي الكوفي"، روى عن إبراهيم النخعي، وأبي الضحي، والشعبي. سمع منه الثوري، وزائدة، وحفص بن غياث، وغيرهم، ثقة، مضى في الإسناد رقم: ٧٨. مترجم في التهذيب، والكبير١/٢/٢٩٥، وابن أبي حاتم ١/٢/٢٣. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "الحسن بن عبد الله"، وهو خطأ محض.]] ١٣٥٠١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:" الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، أي: بشرك. ١٣٥٠٢- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، مثله. ١٣٥٠٣ - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بعبادة الأوثان. ١٣٥٠٤- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. ١٣٥٠٥ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. ١٣٥٠٦ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. ١٣٥٠٧- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الأعمش: أن ابن مسعود قال: لما نزلت:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، كبُر ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، ما منا أحدٌ إلا وهو يظلم نفسه؟ فقال النبي ﷺ: أما سمعتم قول لقمان: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ؟ [[الأثر: ١٣٥٠٧ - مضى هذا الخبر موصولا من طريق الأعمش، من طرق، من رقم: ١٣٤٧٦ - ١٣٤٨٠، ١٣٤٨٣، فراجعه هناك.]] ١٣٥٠٨- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: عبادة الأوثان. ١٣٥٠٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بشر، عن مسعر، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن، قال: بشرك. [[الأثر: ١٣٥٠٩ -"أبو حصين" هو: "عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي"، مضى مرارًا، آخرها رقم: ٨٩٦٢. و"أبو عبد الرحمن" هو"السلمي": "عبد الله بن حبيب بن ربيعة"، مضى برقم: ٨٢.]] ١٣٥١٠ - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، قال ابن إسحاق:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: بشرك. * * * وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولم يخلطوا إيمانهم بشيء من معاني الظلم، وذلك: فعلُ ما نهى الله عن فعله، أو ترك ما أمر الله بفعله، وقالوا: الآية على العموم، لأن الله لم يخصَّ به معنى من معاني الظلم. * * * قالوا: فإن قال لنا قائل: أفلا أمْن في الآخرة، إلا لمن لم يعص الله في صغيرة ولا كبيرة، وإلا لمن لقى الله ولا ذنبَ له؟ قلنا: إن الله عنى بهذه الآية خاصًّا من خلقه دون الجميع منهم، والذي عنى بها وأراده بها، خليلَه إبراهيم ﷺ، فأما غيره، فإنه إذا لقي الله لا يشرك به شيئًا فهو في مشيئته إذا كان قد أتى بعض معاصيه التي لا تبلغ أن تكون كفرًا، فإن شاء لم يؤمنه من عذابه، وإن شاء تفضل عليه فعفا عنه. قالوا: وذلك قول جماعة من السلف، وإن كانوا مختلفين في المعنيِّ بالآية. فقال بعضهم: عُني بها إبراهيم. * * * وقال بعضهم: عني بها المهاجرون من أصحاب رسول الله ﷺ. [[في المطبوعة: "المهاجرين" ببناء"عني" للمفعول، وأثبت ما في المخطوطة، "عني" بالبناء للمجهول.]] * * * * ذكر من قال: عنى بهذه الآية إبراهيم خليل الرحمن ﷺ. ١٣٥١١ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان وحميد بن عبد الرحمن، عن قيس بن الربيع، عن زياد بن علاقة، عن زياد بن حرملة، عن علي قال: هذه الآية لإبراهيم ﷺ خاصة، ليس لهذه الأمة منها شيء. [[الأثر: ١٣٥١١ -"زياد بن علاقة بن مالك الثعلبي"، ثقة، روى له الجماعة. مترجم في التهذيب، والكبير ٢/١/٣٣٣، وابن أبي حاتم ١/٢/٥٤٠. وأما "زياد بن حرملة"، فلم أجد له ذكرًا في شيء من الكتب، ومع ذلك فقد جاء كذلك في المستدرك للحاكم. وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك ٢: ٣١٦، بإسناده عن أبي حذيفة، عن سفيان، عن زياد بن علاقة، عن زياد بن حرملة قال: سمعت علي بن أبي طالب. وذكر الخبر، وفيه: "هذه في إبراهيم وأصحابه". ثم قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وإنما اتفقا على حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله أنهم قالوا: يا رسول الله، وأينا لم يظلم نفسه، الحديث بطوله، بغير هذا التأويل". ولم يعقب عليه الذهبي بشيء، وظني أنه ترك التعقيب عليه، رجاء الظفر بخبر عن"زياد بن حرملة" هذا. والخبر ضعيف. لجهالة"زياد بن حرملة" حتى يعرف من هو؟ ونسبه السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٧ للفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والحاكم، وابن مردويه، وقصر في نسبته إلى ابن جرير.]] * * * * ذكر من قال: عني بها المهاجرون خاصة. ١٣٥١٢ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان وحميد بن عبد الرحمن، عن قيس بن الربيع، عن سماك، عن عكرمة:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، قال: هي لمن هاجر إلى المدينة. * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصحة في ذلك، ما صح به الخبر عن رسول الله ﷺ، وهو الخبر الذي رواه ابن مسعود عنه أنه قال: الظلم الذي ذكره الله تعالى ذكره في هذا الموضع، هو الشرك. [[انظر الآثار السالفة رقم: ١٣٤٧٦ - ١٣٤٨٠، ١٣٤٨٣.]] * * * وأما قوله:"أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"، فإنه يعني: هؤلاء الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشرك ="لهم الأمن" يوم القيامة من عذاب الله ="وهم مهتدون"، يقول: وهم المصيبون سبيل الرشاد، والسالكون طريق النجاة. [[انظر تفسير"الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدي) .]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب