الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وجادل إبراهيم قومه في توحيد الله وبراءته من الأصنام، [[انظر تفسير"المحاجة" فيما سلف ٣: ١٢١، ٥: ٤٢٩، ٤٣٠، ٦: ٢٨٠، ٤٧٣، ٤٩٢.]] وكان جدالهم إياه قولُهم: أن آلهتهم التي يعبدونها خير من إلهه. قال إبراهيم:"أتحاجوني في الله"، يقول: أتجادلونني في توحيدي الله وإخلاصي العمل له دون ما سواه من آلهة ="وقد هدان"، يقول: وقد وفقني ربي لمعرفة وحدانيته، [[انظر تفسير"الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدى) .]] وبصّرني طريق الحقّ حتى أيقنتُ أن لا شيء يستحق أن يعبد سواه [[في المطبوعة والمخطوطة: "حتى ألفت أن لا شيء يستحق أن يعبد سواه"، وهو لا معنى له، صواب قراءته ما أثبت.]] ="ولا أخاف ما تشركون به"، يقول: ولا أرهب من آلهتكم التي تدعونها من دونه شيئًا ينالني به في نفسي من سوء ومكروه. [[في المطبوعة: "ينالني في نفسي" بحذف"به" وهي ثابتة في المخطوطة، ولكنه أساء كتابة"ينالني"، فاجتهد الناشر، فحذف.]] وذلك أنهم قالوا له:"إنا نخاف أن تمسَّك آلهتنا بسوء من برص أو خبل، لذكرك إياها بسوء"! فقال لهم إبراهيم: لا أخاف ما تشركون بالله من هذه الآلهة أن تنالَنِي بضر ولا مكروه، لأنها لا تنفع ولا تضر ="إلا أن يشاء ربي شيئًا"، يقول: ولكن خوفي من الله الذي خلقني وخلق السماوات والأرض، فإنه إن شاء أن ينالني في نفسي أو مالي بما شاء من فناء أو بقاءٍ، أو زيادة أو نقصان أو غير ذلك، نالني به، لأنه القادر على ذلك. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن جريج يقول: ١٣٤٦٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:" وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان"، قال: دعا قومُه مع الله آلهةً، وخوّفوه بآلهتهم أن يصيبَه منها خَبَل، فقال إبراهيم:" أتحاجوني في الله وقد هدان"، قال: قد عرفت ربّي، لا أخاف ما تشركون به. * * * ="وسع ربي كل شيء علمًا"، يقول: وعلم ربي كلَّ شيء، فلا يخفى عليه شيء، [[انظر تفسير"السعة" فيما سلف ١٠: ٤٢٣، تعليق: ٤، والمراجع هناك.]] لأنه خالق كل شيء، وليس كالآلهة التي لا تضرّ ولا تنفع ولا تفهم شيئًا، وإنما هي خشبة منحوتةٌ، وصورة ممثلة =" أفلا تتذكرون"، يقول: أفلا تعتبرون، أيها الجهلة، فتعقلوا خطأ ما أنتم عليه مقيمون، [[انظر تفسير"التذكر" فيما سلف ص: ٤٤٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] من عبادتكم صورةً مصوّرة وخشبة منحوتة، لا تقدر على ضر ولا على نفع، ولا تفقه شيئًا ولا تعقله = وترككم عبادةَ من خلقكم وخلق كلّ شيء، وبيده الخير، وله القدرة على كل شيء، والعالم لكل شيء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب